«كروان التلاوة».. 73 عاما على رحيل الشيخ محمد رفعت

«كروان التلاوة».. 73 عاما على رحيل الشيخ محمد رفعت
يقترن صوت الشيخ محمد رفعت بحياة المصريين اليومية، حيث يشكل صوته ملمحاً من وجدان غالبية المصريين الذين يبدأ يومهم بسماعه عبر أثير موجات إذاعة القرآن الكريم، ويمثل هوية وعنواناً لمدرسة التلاوة المصرية الحديثة، التى تعد المدرسة الأقدم فى التلاوة القرآنية، حيث تحل ذكرى وفاته وميلاده يوم 9 مايو، واليوم يمثل الذكرى الـ73 على رحيل الشيخ رفعت.
«جمعة»: حفظ القرآن وعمره 8 سنوات و«سعد الدين»: علامة فارقة فى التلاوة
يحكى د. على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن تاريخ الشيخ رفعت، فيقول: «ولد عام 1882، كان والده حكمداراً لمنطقة الخليفة، وأثناء ثورة 19 كان عمره 37 عاماً وشارك فيها، وفقد بصره وعمره عامان، وكانت عادة المصريين وقتها أن يحفّظوا أبناءهم القرآن لكل من يفقد بصره، وحفظه وعمره 8 سنوات فى مسجد فاضل باشا بالجماميزى».
ولفت «جمعة» إلى أن الشيخ محمد رفعت كان يقرأ السورة فى مسجد فاضل الذى كان يمر عليه الترام وكان الكمسرى يوقف التروماى ليستمع للشيخ محمد رفعت حينما يقرأ، واكتشفوا بعدها أن الكمسرى مسيحى، معتبراً أن الشيخ محمد رفعت أسطورة.
بداية الشيخ محمد رفعت الإذاعية انطلقت فى عام 1934، حيث افتتح بصوته الإذاعة المصرية وآيات من الذكر الحكيم من سورة الفتح، بعد حصوله على فتوى من شيخ الأزهر الشريف آنذاك الشيخ محمد الأحمد الظواهرى بجواز إذاعة القرآن الكريم، فافتتحها «رفعت» بالآية الكريم «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً».
د. رضا عبدالسلام، رئيس إذاعة القرآن الكريم، قال لـ«الوطن»: «الشيخ رفعت علامة فارقة فى تلاوة القرآن الكريم، ومنذ انطلاق الإذاعة المصرية وبعدها إذاعة القرآن الكريم صاحب صوته البث الإذاعى، فكان جزءاً من الوجدان والهوية المصرية، وشكل وعى الكثيرين، فكان بحق هِبة من السماء، ومنحة من الأقدار حين تهادن وتجود للإنسانية».
وأوضح «عبدالسلام» أن هناك تراثاً محققاً للشيخ محمد رفعت موجوداً لدى إذاعة القرآن الكريم، وله تلاوة يومية فى السابعة صباحاً، كذلك يتم إذاعة أذان المغرب طوال شهر رمضان للشيخ رفعت، وبكل صدق صوت الشيخ محمد رفعت هو الصوت الأبقى وصاحب الشهرة الواسعة فى مصر والعالم الإسلامى، فهو قيثارة السماء.
د. هاجر سعد الدين، رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق، أوضحت أن الشيخ محمد رفعت صاحب طبقة صوتية ذات تأثير كبير لدى المصريين، وهو عملة نادرة التكرار، تغيب العقول بصوته، وتخشع القلوب المستمعة لنبرات صوته الذى يشبه الكروان وهو يتلو آيات الله، فالشيخ رفعت كان يغرد منفرداً فى مدرسة التلاوة بصوته العذب، والشيخ أول مَن أنشأ مدرسة للتجويد الفرقانى فى مصر، واتسمت طريقته بتجسيد المعانى الظاهرة للقرآن الكريم، وإمكانية تجلى بواطن الأمور للمتفهم المستمع بكل جوارحه لا بأذنه فقط، والتأثر والتأثير فى غيره بالرسالة التى نزلت على رسول الله، فكان يسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآيات الذكر الحكيم.
فيما قال د. عبدالغنى هندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن المدرسة القرآنية المصرية حباها الله بالشيخ محمد رفعت صاحب الروح الذكية والحنجرة الذهبية، تحوَّلت إليه أسماعنا وأنصتت إليه قلوبنا؛ فهو يقرأ القرآن كأن الله أعطاه من مزامير داود، فالعالم كله يستمع لمؤسس مدرسة التلاوة المصرية الحديثة، والكبار من بعده المشايخ: المنشاوى والحصرى وعبدالباسط والبنا ومصطفى إسماعيل وطه الفشنى، فهم أحيوا القلوب والأرواح بنور القرآن الكريم. وأوضح «هندى» أن مصر تزدخر اليوم بإذاعة القرآن الكريم وقناة «مصر قرآن كريم» لتكونا بوابة إحياء مدرسة التلاوة المصرية.
بدوره، قال الشيخ خالد الجمل، الداعية الإسلامى والخطيب بوزارة الأوقاف، إن مصر بلد القراء العظام، وكان هناك تشكيك لدى البعض من وفاة هذه المدرسة والرهان على مدارس أخرى كان لها توهج فى فترات ماضية، إلا أن قناة «مصر قرآن كريم» أعطت قبلة الحياة للمدرسة المصرية بتلاوات نادرة لعمالقة التلاوة عبر العصور ومنهم الشيخ محمد رفعت، فأعادت للأذهان والعقول مكان وصدارة مصر فى ملف التلاوة.
وطالب «الجمل» بأن يكون للقناة دور آخر وهو تفسير القرآن الكريم بصورة عصرية حديثة، فالقرآن الكريم كتاب سماوى نزل منذ أكثر من 1400 عام وفهم آياته يتغير بتغير الزمان والمكان، والنبى الكريم قال: «إن الله يبعث على رأس هذه الأمة من يجدد لها شئون دينها»، فنحن بحاجة لتفسير يراعى المتغيرات الحديثة الزمانية والمكانية.