"الست بتقلش".. إفيهات ومواقف طريفة في حياة أم كلثوم

"الست بتقلش".. إفيهات ومواقف طريفة في حياة أم كلثوم
بوجه جاد لا يعرف للمزاح طريقًا، تقف على خشبة المسرح بوقار لا يضاهيها فيه أحد، هزة رأس خفيفة تندمج بها مع الموسيقى، التي تغزل بها مع صوتها على مدار ساعتين فأكثر، أنشودة تخطف بها أذهان جمهورها، وعندما يضحك ذلك الوجه بعد أن انسجم تمامًا بحب في أحد مقاطع أغانيها، تعلو الصالة "عظمة على عظمة يا ست، حبيبتي يا ست والله"، فكان يحب جمهورها ضحكتها كثيرًا، ويتمنى أن تعلو وجهها دائمًا.
وعلى عكس ما كان يظهر على أم كلثوم من جدية دائمة، جعل كثيرون يعتقدون أنها امتدت لحياتها أيضًا، إلا أنها كانت تتمتع بشخصية مبهجة ظهرت في مواقف طريفة، لم يعرفها عنها سوى المحيطين بها، ولم يلمس خفة دمها سوى القريبين منها، وفي ذكراها نعرض لبعض هذه المواقف التي لم يسلط الضوء عليها كثيرًا، والتي تكشف الوجه الآخر لأم كلثوم من حبها للضحك والدعابة.
القصبي الذي كان أقرب من كان في دائرة الست، جمعته معها مواقف عديدة طريفة، كان أشهرها عندما استخدم قلم حبر ليصبغ شاربه الأبيض، وعندما رأته تعجبت وضحكت قائلة: "شوف الراجل رجع شباب بجرة قلم"، مرة أخرى عندما كانا يحضران حفلة بعوامة في النيل، لفرقة موسيقية بقيادة القصبجي، قالت أم كلثوم في الحفل: "الواحد خايف لأحسن العوامة تسيب من الحبال، وبعدين منعرفش نعوم لغاية البر"، فرد عليها القصبجي "ولا يهمك، أنا أشيلك على راسي"، فنظرت أم كلثوم لصلعة رأسه وضحكت مازحة "بصراحة أخاف أتزحلق برضه".
كانت "الست" تستخدم المزاج في أن تعبِّر عن ضيقها أيضًا، ففي مرة كانت غاضبة من الصحفي محمد التابعي، ورغب في أن توصله في طريقها فسألها أين تذهب، فقالت له "حدايق القبة"، فابتسم قائلا "كويس تاخديني في طريقك"، فتنفست قائلة "بقولك حدايق القبة مش حضايق نفسي".
عرض مطرب مبتدئ لم يكن صوته جيدًا، أن يغني أمام الست هي وأحمد رامي، عندما كانا في أحد الحفلات، وبمجرد أن بدأ المطرب في الغناء، أدار رامي له ظهره من رداءة صوته، فقالت أم كلثوم لرامي "اتعدل يا رامي لحسن الغنا ييجي في ضهرك".
في إحدى المرات، استقبلت أم كلثوم هدية عبارة عن ساعة يد رقيقة وصغيرة الحجم من أحد الأمراء، وبمجرد فتحها للهدية ورؤية الساعة قالت "اللي يشوفها ميقولش إنها ساعة، إنما يقول دي ثانية"، وفي إحدى حفلاتها كان يزعجها رجل كثيرًا، له شارب ضخم مهذب، فأسكتته قائلة "تصدق شنبك متربي أحسن منك؟"، وأشيع أن رجلًا صعيديًا في جمهورها كان يقاطعها قائلًا "يا جاموس الفن" لا يقصد الإهانة ولكنه يقصد "قاموس الفن"، فردت عليه قائلة "بس فين العجول اللي تفهم؟".
كانت أم كلثوم من كبار مشجعي النادي الأهلي، وأثناء حضورها إحدى المباريات، جلست في الصفوف الأولى بجوار وزير يدعى توفيق رفعت، كان قصير القامة وضئيل الجسم، وعندما همت أم كلثوم بفتح حقيبتها، فكان يحاول أن ينظر إلى داخل حقيبتها، فقالت له بسخرية "حاسب يا باشا لحسن تقع فيها".
كانت الفكاهة تصاحب أم كلثوم في حفلاتها مع أصدقائها، وفي جلساتها معهم، فكانت تخرج منها بشكل تلقائي، فكانت دائمًا تسخر من سيارة الملحن بليغ حمدي، وتعتبرها صغيرة الحجم، وفي إحدى المرات رأتها من شرفة دور ثانٍ فوجدتها صغيرة جدًا فسخرت منه قائلة: "حلوة يا ابني، مطلعتهاش معاك ليه؟"، وخلال تلحين سيد كطاوي لأغنية "يا مسهرني"، طلبت منه تعديل جملة لحنية فرد عليها "لما أشوف"، فقالت له "يبقى كده عمرها ما هتتعدل يا شيخ سيد".
التقت أم كلثوم بإسماعيل ياسين ذات مرة في إحدى صيدليات محطة الرمل بالإسكندرية، ووجدته بالقرب من الميزان، فعندما سألته عن وزنه فأجابها أنه 78 كيلو جرامًا، فمازحته قائلة "لازم وزنت من غير بقك"، فطلب سُمعة منها أن تزن نفسها هي الأخرى، فرد عليها مزحتها وقال "لازم وزنتي من غير صوتك"، وضحك جميع من بالصيدلية لدعابات الست وسمعة.
وبعدما انتهت أم كلثوم من إحدى حفلاتها، كانت بصحبة أحمد شوقي وحافظ إبراهيم متوجهين للبوفيه، إلا أنهما كانا قد كبرا في السن وبدأ جسدهما في التقوس بشكل واضح، وبينما كانت تسير بينهما، قالت لهما مازحة: "أنا دلوقتي ماشية بين قوسين".