معبر «أرقين».. ملاذ الباحثين عن الأمن والسلام

كتب: منفذ أرقين البرى - كريم عثمان

معبر «أرقين».. ملاذ الباحثين عن الأمن والسلام

معبر «أرقين».. ملاذ الباحثين عن الأمن والسلام

ساحة واسعة، تحيطها رمال الصحراء من كل مكان، يقسمها سور نصفه حديدى والنصف الآخر من الطوب، هذا السور يفصل بين القادمين من مناطق الاضطراب والمواجهات بحثاً عن الأمن والسلامة، ومَن عبروا الخوف والفزع ليدخلوا مصر آمنين مطمئنين.

كان الزحام كبيراً والجميع يحملون حقائبهم وأحلامهم متوجهين إلى الأوتوبيسات الضخمة التى غطت مساحات كبيرة من المكان، وفوق رؤوسهم لافتة تحمل اسم المنطقة.. هنا معبر أرقين الدولى على الحدود المصرية السودانية، ومن هذه النقطة كانت «الوطن» حاضرة لترصد ما يجرى.

فى الوقت الذى تخلت بعض الدول عن رعاياها ولم تفلح دول أخرى فى إجلاء أبنائها، كانت مصر الحصن والسد المنيع لرعاياها أمام ما يحدث فى السودان، وبأمر من الرئيس عبدالفتاح السيسى، يعود المصريون الذين يقترب عددهم من 10 آلاف.

جهود عظيمة بذلتها الدولة لتسهيل إجراءات عودة المصريين الموجودين فى السودان، بين طلاب جامعات وطلاب ثانوية وعاملين، وتم إجلاؤهم إلى الأراضى المصرية عقب الأحداث الساخنة التى شهدتها السودان خلال الأيام الماضية، بجهود كبيرة على مستوى الأجهزة المعنية فى مصر والسلطات المختصة فى السودان، وشمل الإجلاء مصريين وجنسيات أخرى، ما يعكس الخبرة فى هذا المجال.

ونجحت القوات المصرية فى إجلاء عدد كبير من المصريين عبر مطار أرقين الحدودى، وفقاً لما أعلنه السفير أحمد أبوزيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، فى بيان له، حيث تم إجلاء 446 مواطناً بالسودان عبر الإجلاء البرى و189 آخرين بالإضافة إلى مواطن سودانى فى حالة صحية حرجة من خلال الإجلاء الجوى، وذلك بالتنسيق مع السلطات السودانية.

وتتواصل جهود السفارة المصرية فى الخرطوم وكل من قنصليات مصر فى الخرطوم وبورتسودان والمكتب القنصلى فى وادى حلفا، على مدار الساعة فى عملية إجلاء المواطنين، حيث وصل عدد مَن تم إجلاؤهم حتى الآن 1539 مواطناً، ويجرى العمل على إجلاء عدد أكبر من المصريين وعائلاتهم من أحد المطارات القريبة من الخرطوم، فور تحسن الأوضاع الأمنية هناك.

بشكل واضح ظهر رجال الهلال الأحمر المصرى، فى مشهد بطولى، مرابطين داخل معبر أرقين من أجل تقديم خدمات طبية وإنسانية لجميع الموجودين داخل المعبر، من حيث تضميد الجراح ومعالجة المشكلات النفسية، بل وتقديم الوجبات الساخنة الخفيفة، وتوفير المكالمات والاتصالات الهاتفية بين الرعايا المصريين العائدين من السودان وبين أهلهم وأصدقائهم وذويهم للاطمئنان عليهم قبل عودتهم لمنازلهم.

طالب مصري: بلدنا وقفت معانا وحسينا بقيمتنا.. و134 من زملائي تم إجلاؤهم عبر رحلات جوية

الشاب محمود محمد محمود، طالب بالفرقة الثانية بكلية الطب بالسودان، وصف الجهود المصرية من أجل إعادته هو وزملائه من الطلاب بالوفيرة، موضحاً أنه تمكن من التواصل مع وزارة الخارجية التى وفرت لهم الأرقام المحددة للاتصال وتسهيل الإجراءات، وأيضاً وزارة الهجرة التى كانت تطمئن عليهم فى كل خطوة، وقال «بلدنا وقفت معانا لحد ما رجعنا بالسلامة، واللى حصل ده خلانا حسينا بقيمتنا».

وأضاف أن هناك عدداً من زملائه تم نقلهم بطائرات من حلفا وأم درمان إلى القاهرة مباشرة، وعددهم نحو 134، والبقية تم توفير الأوتوبيسات لهم بأسعار معقولة من أجل إجلائهم إلى أرض الوطن.

وليد محجوب حمدان، رجل نصفه مصرى ونصفه الآخر سودانى، عاش حياته بين هنا وهناك، لكنه كان يقيم فى السودان خلال الأحداث الأخيرة، وعاد إلى مصر عبر معبر أرقين، روى لنا عن التسهيلات الكبيرة التى وفّرتها له ولذويه الدولة المصرية، والتى سهلت عليه طريق العودة والفرار من الأوضاع العصيبة هناك.

وأكد أن الرحلة كانت طويلة، لكنها شهدت تسهيلات كبيرة من الضباط المصريين فى أختام جوازات السفر، معتبراً أن هذه الأمور ليست جديدة على الحكومة المصرية، «طبيعى فهم أشقاؤنا ومصر وطننا الثانى ويربطنا نيل واحد، وأتوجه بالشكر للقيادة السياسية فى مصر على حرصها على عودتنا سالمين إلى أرضها».

يجلس بكار السويسى، سائق أحد الأوتوبيسات السوبر جيت، التى شهدت نقل العائدين من السودان من جميع الجنسيات، سواء المصريين أو السودانيين أو حتى البلاد الأخرى، ليُثنى على جهود الدولة المصرية التى رآها على الأرض والدعم اللوجيستى الكامل للعائدين من السودان، «اللى حصل ده يؤكد إن مصر مابتسيبش ولادها أبداً ولو وسط النار».

شركات السياحة التى تملك الأوتوبيسات وجهت السائقين بالوجود فى معبر أرقين من أجل نقل المصريين وسائر الجنسيات العائدة من السودان بأسعار بسيطة، وفقاً لما قاله السائق الأسوانى «بكار»، موضحاً أنه تم توفير كامل الراحة والأمان للعائدين لأجل تعويضهم عما عاشوه خلال الأيام الماضية.

عائلات سودانية: حين اضطرتنا الظروف للمغادرة وجدنا وطننا الثاني مصر في استقبالنا

أيمن طه محمد، من الخرطوم، رب أسرة سودانية، بدأ حديثه بتوجيه الشكر للجهات المصرية المسئولة عن عودة رعاياها، لما بذلته من مجهود كبير فى تسهيل رجوع جميع رعايا البلاد عبر معبر أرقين، ومن بينهم المواطنون السودانيون، من أجل الحفاظ عليهم وعدم إصابة أى منهم بمكروه.

فى كل مرة كان «أيمن» يأتى إلى مصر للاستمتاع بوقت إجازته وسط أهله وأحبائه، ولكن تلك المرة يؤكد أنها زيارة اضطرارية، لجأ إليها لحماية أسرته من أهوال ما يجرى فى السودان، لكنه فوجئ بالاستعداد المصرى الكبير للإجلاء، وعدم إحساسه بأنه فى بلد غير بلده، وقال «أنا خرجت من بلدى ودخلت بلدى، شكراً للقوات المصرية على وقفتهم معنا».


مواضيع متعلقة