مطران المنوفية للأقباط الأرثوذكس: الاحتفال بأسبوع الآلام سنويا جاء رأفة بشعب الكنيسة

كتب:  منى السعيد ومريم شريف

مطران المنوفية للأقباط الأرثوذكس: الاحتفال بأسبوع الآلام سنويا جاء رأفة بشعب الكنيسة

مطران المنوفية للأقباط الأرثوذكس: الاحتفال بأسبوع الآلام سنويا جاء رأفة بشعب الكنيسة

تعيش الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أجواء أسبوع الآلام الذى يعد أقدس شهور العام لكل الطوائف المسيحية، والذى تكون له طبيعة مختلفة وفق ما قال الأنبا بنيامين، مطران المنوفية وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، الذى أشار خلال حوار لـ«الوطن» إلى أن الاحتفال بأسبوع القيامة كان تقليداً كنسياً كل 33 عاماً هى عمر المسيح، لكن فى هذه الفترة كان البعض لا يمكنه أن يعيش ليشهد هذه المناسبة، ما جعل الكنيسة تحتفل به سنوياً، فضلاً عن أنه من أبرز الفترات فى حياة المسيح حيث نشر وصاياه بين تلاميذه حتى وصلت إلى مسيحيى اليوم، وإلى نص الحوار:

«البصخة» كلمة قبطية مصرية قديمة تعنى «العبور»

لماذا سُمى أسبوع الآلام بهذا الاسم؟

- أسبوع الآلام هو تذكار يتم الاحتفال به حالياً بشكل سنوى، بينما قديماً كان الاحتفال يقام كل 33 عاماً، لكن الكنيسة وجدت أن هناك أشخاصاً لم يتمكنوا من مشاهدة هذا الحدث «لأن قديماً الأمراض كانت منتشرة وكان الناس تعيش وتموت ومن الممكن ألا تحضر»، ما جعل الكنيسة تحتفل بهذه المناسبة سنوياً.

يعتبر أسبوع الآلام من أقدس وأهم أيام العام للكنيسة.. هل يمكن أن تشرح لنا السبب؟

- لان جوهر العقيدة المسيحية قائم على عاملين أساسيين: الأول هو الخلاص من بداية خطية آدم وحواء، ثم الخطايا التى يرتكبها الإنسان وكيف ينجو من تلك الخطايا بفعل الأمور الروحية التى تهدف لخلاص روح الإنسان والوصول إلى السعادة الأبدية كما وعد السيد المسيح، والعامل الثانى هو القيامة والنصرة على الموت.

لكل يوم من أيام أسبوع الآلام اسم مختلف وقصة أخرى، حدثنا عن ذلك؟

- أسبوع الآلام محصور بين حدثين كليهما يعبر عن الانتصار على الموت والقيامة مرة أخرى، حيث يبدأ بيوم سبت لعازر، وهى أكبر معجزة صنعها السيد المسيح بعد دخوله القدس، حيث أعاد لعازر أخا مريم ومرثا من بين الأموات بعد 4 أيام فى القبر بكلمة واحدة «لعازر هلم خارجاً» فخرج الميت وهو مربوط اليدين والقدمين وقال المسيح حلّوه ليمضى وعاد لبيته مع أختيه.

ويبدأ أسبوع الآلام بهذه المعجزة قبل أن يمر السيد المسيح بالآلام والعذابات التى ستحدث فى مراحل تالية، لتأكيد أنه انتصر على الموت فى شخص «لعازر» الذى قام، وفى نهاية أسبوع الآلام تحتفل الكنيسة بأحد القيامة، والتى تعتبرها الكنيسة قيامة لا يوجد بعدها موت.

بعد سبت «لعازر» يأتى أحد الشعانين، وكلمة «الشعانين» هى كلمة قبطية تعنى الخلاص، وتأتى «هوشعنا» بمعنى خلصنا وهو نداء البشرية لله ليخلصنا من الخطية، فجاء المسيح وخلص الإنسان من الخطية، وقد استقبل التلاميذ فى ذلك اليوم السيد المسيح بابتهاج واضعين ثيابهم وأغصان الزيتون على الأرض ليسير عليه.

ثم يأتى بعد ذلك أيام البصخة المقدسة والتى تبدأ من مساء يوم الأحد، وتستمر حتى الثلاثاء، والتى قام خلالها السيد المسيح بنشر تعاليمه ووصاياه للتلاميذ.

ففى يوم الاثنين، لعن السيد المسيح شجرة التين التى أزهرت ورقاً ولم توجد بها ثمار، حيث إنه من المفترض أن يوجد الورق ليغطى الثمار فلعنها المسيح فيبست من أصلها وهى رمزية للأمة اليهودية التى تتظاهر بالتقوى والإيمان ولكن من الداخل فارغة، مثل الكتبة والفرسيين.

وكان يوم الثلاثاء من أيام البصخة وآخر يوم ظهر فيه السيد المسيح أمام الجموع فى الهيكل علمهم فيه الكثير عن السماء بالأمثال، مثل العذارى الحكيمات والجاهلات والوكيل الذى كان صالحاً.

أما يوم الأربعاء، فقد اختفى فيه السيد المسيح ولم يظهر وتذكر فيه الكنيسة كل ما قاله للكتبة والفريسيين كعبرة كى لا نعيد أخطاءهم مرة أخرى.

ثم يأتى خميس العهد، وهو اليوم الذى قدم فيه السيد المسيح خبزاً وعصير كرم لتلاميذه، وليقوم بتسليم العهد للرسل، وفى نهاية اليوم قُبض على السيد المسيح ليلاً وجرت محاكمات ليلية للسيد المسيح على أيدى القيادات اليهودية والكهنة حيث تعرض المسيح لـ6 محاكمات.

وفى الجمعة العظيمة وهو اليوم الذى صُلب فيه السيد المسيح ليدفع ثمن خطايا البشرية، حيث فارقت الروح الإنسانية الجسد وكلاهما متحد باللاهوت، ليذهب إلى الجحيم لكسر القيود ونقل الذين ماتوا على رجاء القيامة إلى الفردوس.

سبت النور يشهد معجزة خروج النور المقدس من كنيسة القيامة

ثم يأتى سبت النور، حيث تظهر فيه معجزة النور المقدس بكنيسة القيامة فى القدس المحتلة وتضاء الشموع، ونارها لا تحرق الجلد لمدة 33 دقيقة وهى المدة التى ترمز إلى سنوات حياة السيد المسيح على الأرض، وهذا هو نور القيامة.

لماذا سمى أسبوع الآلام بهذا الاسم رغم أن الأحداث التى يتألم بها السيد المسيح تكون يوم الجمعة فقط؟

- سُمى أسبوع الآلام بهذا الاسم، على الرغم من أن السيد المسيح تألم يوم الجمعة فقط، إلا أن كل ما سبق هذا اليوم كان ترتيباً لإعلان عن الشخص القدوس الذى تألم ومات عنا، الذى أقام ميتاً يوم السبت ودخل أورشليم يوم الأحد وطهّر الهيكل، وهذا الأسبوع يعد تمهيداً لما سيحدث فى يوم الجمعة العظيمة.

لماذا يطلق على أسبوع الآلام مصطلح أسبوع البصخة أيضاً؟

- البصخة هى كلمة قبطية مصرية قديمة تعنى العبور، وكذلك آلام المسيح عبرت بنا من الخطية إلى الخلاص.

الشارات السوداء

تعلق الكنيسة خلال هذا الأسبوع الشارات السوداء علامة على الحزن على أنفسنا وليس المسيح، فالسيد المسيح قبل صلبه قال لبنات أورشليم لا تبكين علىّ ولكن ابكين على أنفسكن وكان يقصد ما حدث سنة 70 ميلادياً من خراب أورشليم وهدم الهيكل عند ما دخل الرومان. كما قال المسيح: «لا يوجد حجر على حجر إلا وسينقض»، كما تقفل المذابح ولا تقام بها أى صلوات إلا يوم خميس العهد.

وتكرار تلك الطقوس بكافة أشكالها سنوياً، يجعل المسيحيين يتذكرون ويجددون عهد المحبة مع الله.


مواضيع متعلقة