دراما رمضان بنكهة نسائية

هدى رشوان

هدى رشوان

كاتب صحفي

حضرت تاء التأنيث، طغت وسيطرت، وصارت ملمحاً مهماً وبارزاً فى دراما رمضان هذا العام، حضرت كما حضرت المرأة فى المشهد العام، الاستدعاء الذى تم للنساء فى مصر، والثقة التى حصلت عليها المرأة كونها نصف المجتمع المسئول عن النصف الآخر أيضاً، صارت واقعاً ملموساً حمل أحلام نون النسوة إلى مساحات جديدة من التميز.

11 عملاً درامياً، بعضها ملحمى، حملت قضايا مستعصية بحّ الصوت فيها، وصار تقديمها عبر دراما تنقل السلبى وكيف تحول إلى إيجابى، أو كيف بقى على سلبيته وآن أوان مكافحته ومحاربته.. 11 مسلسلاً قامت على كتف النساء، كموضوعات أو بطلات، بخلاف المسارات الأخرى التى أدت فيها قضايا المرأة ملمحاً مهماً فى الدراما.. لتخرج بعدها الأصوات الباهتة متسائلة عن دور المرأة فى دراما رمضان، متغافلة عن أن العدد الضخم والقضايا الشائكة التى تم طرحها كسرت حاجز الصمت والمسكوت عنه والذى كان مجرد تناوله كفيلاً أن يشعل النار فى عش الدبابير من هؤلاء الذين اختزلوا عفة المرأة فى ختانها، أو حزمة القوانين الظالمة للمرأة، أو العادات والتقاليد الوضيعة التى أصبحت عُرفاً.

فاكرة نعمات.. اللى انتِ لحقتى البت قبل ما يختنوها.. أنا بقا مالقتش حد يلحقنى.. وبادفع تمن اللى عملوه فيا ده، من وأنا صغيرة مش فى وعيى ومش فاهمة حاجة، فهمونى ياختى إن ده بيعف البنت وجابولى عروسة حلاوة.. بدفع تمن ده كل يوم.. كل ليلة.. أنتِ لحقتى البت بس أنا مين يلحقنى؟!.. كان هذا حواراً لـ«سهير» التى تعبر عن حزنها لانهيار حياتها الزوجية بسبب وقوعها ضحية للختان.. جاء ذلك خلال حوار فى مسلسل «حضرة العمدة» من إنتاج الشركة المتحدة الذى تجسد دور البطولة فيه الفنانة روبى، وترى فيه الكاتب الكبير إبراهيم عيسى يحطم تابوهات ويسلط الضوء على الآثار النفسية والجسدية الضارة لختان الإناث، والزواج المبكر ومواجهة الهجرة غير الشرعية.

جولة فى أروقة المحاكم بالمحافظات المختلفة تكشف أن هناك الآلاف من «نادرة» التى تجسد شخصيتها الفنانة نيللى كريم فى مسلسل «عملة نادرة» للكاتب مدحت العدل ومن إنتاج الشركة المتحدة، تعيش «نادرة القادرة» كما يلقبها أهل قريتها، معاناة الحرمان الذى يحاصر المرأة فى الصعيد ويمنعها من أن تحصل على حقها فى الميراث وأن ترث أرضاً، وبدلاً من ذلك تحصل على حفنة أموال، ومن تخالف هذا العرف تعتبر خارجة عن العادات والتقاليد وضد الدين ذاته، لذلك تواجه «نادرة» حزمة كبيرة من المشكلات منها تهديد شقيق زوجها بقتل ابنها إن لم تتنازل عن الأرض.

أعتقد أن هذا المسلسل سيكون سلاحاً جديداً فى معركة الوعى بقضايا الميراث التى لم تفلت منها امرأة فقيرة ولا امرأة غنية.

حبكة درامية فى عالم مختلف تظهر فيها تيمة من تيمات قهر النساء من السيدات اللاتى فقدن أزواجهن، وأجبرتهن الظروف على مواجهة الحياة بصعوباتها لتربية أبنائهن، فظهر فى مصر مصطلح «المرأة المعيلة»، وهو ما تجسده الفنانة منى زكى فى مسلسل «تحت الوصاية» حول شخصية سيدة من عزبة البرج فى دمياط يتوفى زوجها وهى ما زالت امرأة شابة وترث عنه مركب صيد وتضطر أن تعمل هى عليه وتورد الأسماك لبعض المحلات حتى تستطيع الإنفاق على أسرتها ولكنها تواجه العديد من المشكلات، من الوصاية والمجلس الحسبى.

أستطيع أن أقولها بمنتهى الثقة إن أعمال دراما المرأة هذا العام، كسرت الحواجز الزجاجية، وستصل من خلال قوتها الناعمة إلى مواقع اتخاذ القرار، نعم مسلسلات هذا العام استطاعت أن تختزل نضال عقود من الزمن للمرأة المصرية وشاركت المشاهد فى إعادة تشكيل وعيه وإجباره على التفكير الإيجابى فيما اعتبره سابقاً من المسلمات.