أطفال التوحد في محنة.. فهل من مُعين؟
بحلول الثانى من أبريل كل عام، منذ أن رزقنى الله بابنتى «دُجى»، تتسارع الأفكار فى ذهنى، ويستيقظ القلم فى يدى، لأكتب شيئاً عن إضرابات طيف التوحد، المصابة به ابنتى، بالتزامن مع اليوم العالمى للتوحد، إلا أننى أُوقف عجلة الأفكار، وأُدخل قلمى فى نومه، ربما خوفاً من نظرة شفقة فى عيون من حولى، أستشعرها فينكسر القلم ولا يكتب أبداً، أو نظرة حسرة تستشعرها زوجتى فينهار صمودها وعزيمتها، إلا أننى هذا العام قررت أن أكتب بلا خوف، احتفالاً بابنتى وكل المصابين بهذا الاضطراب.
ولكن كيف الاحتفال؟
الاحتفال هو أن يصرخ قلمى قائلاً إننا فى مصر بحاجة إلى مواصلة رفع مستوى الوعى وتقديم الدعم للمتضررين من مرض التوحد وأُسرهم، فالتوحد هو قضية مقلقة بشكل متزايد فى مصر، فجلسات علاجه فى المراكز الخاصة مُكلفة، والمراكز الحكومية نادرة، ولكى أُلحق ابنتى بمراحل التعليم، التى كفلتها لها الدولة مشكورة لتكون بين أقرانها دون تمييز أو وصم (تعليم الدمج)، تواجه المسكينة تنمراً من كافة المستويات (معلمات وأولياء أمور...)، فغير المتنمرين هم نُدرة فى مجتمعنا المصرى، كما أن المعلومات عن المرض شحيحة والثقافة حوله منعدمة، على الرغم أنه لتحسين جودة حياة الأطفال المصابين بإضرابات التوحد لا بد من تدخلات نفسية واجتماعية مسندة بالبيانات من مرحلة الطفولة المبكرة وفى جميع مراحل العمر، فهذه التدخلات النفسية والاجتماعية تؤدى إلى تحسين قدرتهم على التواصل الفعال والتفاعل الاجتماعى.
ولنبدأ الاحتفال ونشر الوعى من هذا المقال، الذى أصر الدكتور محمود مسلم، على أن يتحول من منشور على صفحات التواصل الاجتماعى إلى مقال رأى فى بيتنا «الوطن»، لعله يصل صداه إلى الجميع ونتكاتف جميعاً (شعباً وحكومة ومنظمات مدنية...)، ليس من أجل ابنتى فقط، بل من أجل أكثر من 400 ألف شخص فى بلادنا يعانون هذا الاضطراب بحسب ما يشير آخر التقديرات.
حقائق عن التوحدنشرت منظمة الصحة العالمية 6 حقائق عن التوحد، أعتبرها هى النقطة الأولى لنشر الوعى، وهى:
- أولاً، التوحد، المشار إليه أيضاً باسم اضطرابات طيف التوحد، هو مجموعة من الاعتلالات المتنوعة المرتبطة بنمو الدماغ، التى تتصف ببعض الصعوبات فى التفاعل الاجتماعى والتواصل.
ولهذه الاعتلالات سمات أخرى تتمثل فى أنماط لا نموذجية من الأنشطة والسلوكيات، مثل صعوبة الانتقال من نشاط إلى آخر والاستغراق فى التفاصيل وردود الفعل غير الاعتيادية على الأحاسيس.
- ثانياً، يعانى حوالى طفل كل 100 طفل من التوحد.
- ثالثاً، يمكن اكتشاف سمات التوحد فى مرحلة الطفولة المبكرة، ولكنه لا يُشخص فى الغالب إلا بعد هذه المرحلة بفترة طويلة.
- رابعاً، تتباين قدرات الأشخاص المصابين بالتوحد واحتياجاتهم ويمكن أن تتطور مع مرور الوقت.
وقد يتمكّن بعض الأشخاص المصابين بالتوحد من التمتع بحياة مستقلة غير أن بعضهم الآخر يعانى إعاقات وخيمة ويحتاج إلى الرعاية والدعم مدى الحياة.
- خامساً، يمكن أن تُحسّن التدخلات النفسية والاجتماعية المسندة بالبيانات مهارات التواصل والسلوك الاجتماعى إلى جانب تأثيرها الإيجابى فى عافية الأشخاص المصابين بالتوحد والقائمين على رعايتهم ونوعية حياتهم.
- سادساً، من الضرورى أن تكون الرعاية التى تستهدف المصابين بالتوحد مصحوبة بإجراءات اجتماعية ومجتمعية لمزيد من التيسير والشمول والدعم.
فى النهاية، أقدم أسمى تعبيرات الشكر والامتنان لزوجتى، ولكل أم لديها طفل مصاب باضطرابات التوحد، فهن يعانين أشد العناء مع أطفالهن فى كل مرحلة عمرية، ويمتلكن قوة وإرادة لم أرَ مثلها طوال سنواتى، فلندعمهن ونكون لهن سنداً، ويا كل أب رزقك الله بطفل متوحد، اعلم أن زوجتك بداخلها أسطورة تصنعها يوماً بعد يوم، فلا تكن شوكاً تمشى عليه بطلتك حافية القدمين.