رسائل «البلشي» السريعة والمطمئنة

عماد فؤاد

عماد فؤاد

كاتب صحفي

بدد الصديق خالد البلشي نقيب الصحفيين مخاوفي بأسرع مما توقعت، وأثبت أنه على قدر المسئولية، وأنه يستأهل ثقة من انتخبوه - ومن لم ينتخبوه أيضا، و قياساً على حالة الاستقطاب السياسي التي غيمت على أجواء انتخابات نقابة الصحفيين، توجه البعض نحو صندوق الانتخاب لاختيار النقيب بين اثنين هما الأبرز بين المرشحين وقد وقر في يقين الناخبين أن أحدهما مرشح الحكومة المدعوم من أجهزتها ، والآخر معارض غير مرحب به من عدة دوائر حكومية أيضا.

فاز البلشي بموقع نقيب الصحفيين، وفور إعلان ذلك سيطرت على منصات التواصل الاجتماعي عبارات الشماتة ليس في المرشح الخاسر،  لكن في الدولة و الحكومة ، وبغباء منقطع النظير سرح البعض بخياله إلى حد اعتبار نتيجة انتخابات نقابة - أي نقابة - مؤشراً لانهيار النظام، وفأل حسن لقوى معارضة في الداخل والخارج للإتيان بالبديل .

في تلك الأجواء فاز البلشي، و لم تزغلل عينيه الأضواء، ولم تنزلق قدمه في بئر المهاترات التي انفتحت فجأة، و تقبل خالد ميري النتيجة بسعة  صدر استحقت تقدير الجميع سواء من صوتوا معه أو مع غيره .

وأرسل النقيب رسالته الأولى العاجلة لكل أعضاء الجمعية العمومية وقال: «شكرًا جزيلًا على ثقتكم الغالية.. رسالتكم وصلت واختياركم دين في عنقي.. ستبقون أصحاب الكلمة العليا.. وعهدي أن أنفذ ما وعدتكم به.. وأن تعود نقابتكم بيتا لكل الصحفيين وأن يكون مجلسكم لكم جميعا وليس لفريق دون الآخر وأن أكون نقيبًا لكل الصحفيين».

ها هو النقيب المعارض يتعهد بمجلس نقابة للجميع و ليس لفريق بعينه، وأن يكون نقيباً لكل الصحفيين.. بهذا الرسالة العاجلة أفلت "البلشي" من الأسر.. نعم فقد سعى البعض لأسره لحساب تيار سياسي بعينه ، و حاول أخرون دفعه لرفع سقف معارضته للنظام في اللحظة نفسها التي تم إعلان فوزه خلالها ، لكنه أفلت ثانية .. وهتف " عاشت وحدة الصحفيين "، وزادنا " البلشي " من الشعر - أو النضج - بيتاً ، وكتب في صفحته على "فيس بوك":  "شكرا جزيلا للزميل العزيز خالد ميري خضنا منافسة شريفة وعادلة .. ونبقى زملاء اعزاء "نقابة الصحفيين عصية على الانقسام، وأن الانتماء السياسي للصحفي يسارا كان أو يمينا لا يفسد للعمل النقابي قضية، واعتدنا في كل انتخابات أن تظهر نقابة الصحفيين قدرة هائلة على استيعاب كل التناقضات، و ترتفع خلالها حدة الاستقطاب السياسي من أقصى اليمين لأقصى اليسار، و في الوقت نفسه يوجد شبه إجماع على رفض "التحزب"، أو الانجراف نحو حزب معين.

انتهت الانتخابات بكل تفاصيلها، ويبقى على النقيب الجديد ومجلسه المهمة الصعبة، وهي الارتقاء بمهنة الصحافة وتطويرها وخدمة أعضائها، وفتح ملفات صعبة ومعقدة.

و لنا حديث آخر