«كاتدرائية العباسية».. من أرض مدافن للأقباط إلى أكبر كنائس الشرق الأوسط

«كاتدرائية العباسية».. من أرض مدافن للأقباط إلى أكبر كنائس الشرق الأوسط
- كتدرائية العباسية
- هيلا سلاسى إمبراطور إثيوبيا
- الرئيس عبدالناصر
- البابا كيراس
- كتدرائية العباسية
- هيلا سلاسى إمبراطور إثيوبيا
- الرئيس عبدالناصر
- البابا كيراس
تحيى مصر ذكرى وفاة البابا كيرلس الـ52، وهى لا يمكن أن تمر دون تذكر قصة بناء الكاتدرائية المرقسية، التى كانت نتاج تعاون بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى حمّل الدولة تكلفة بنائها، لتتحول من أرض كانت مدافن للأقباط إلى واحدة من أكبر كنائس الشرق الأوسط.
وقال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى كتابه «عام من الأزمات» فى الفصل الأول الذى جاء بعنوان «المسلمون والأقباط»، إنه عندما تم تجليس البابا كيرلس السادس على كرسى مارمرقس الرسولى، نشأت بينه وبين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر علاقة محبة قوية، حيث وجد الأخير أنه أمام بطريرك من عمق الريف المصرى، لذا اتفق معه على وجود خط اتصال مباشر مثلما هو متبع مع شيخ الأزهر وقتها.
تم بناؤها بقرار من «عبدالناصر» وتكلفت 2 مليون جنيه وافتتحت يوم وصول رفات القديس مارمرقس من البندقية
وعندما توطدت العلاقة بين عبدالناصر والبابا كيرلس، قرر الأخير فى عام 1964، أن يقدم طلباً لبناء كاتدرائية وهو أمر لا يشبه بناء كنيسة بسبب ارتفاع التكلفة وقتها، فأوفد الأنبا صمويل وأمين فخرى عبدالنور، ابن السياسى القبطى الكبير فخرى عبدالنور، لتوسيط الكاتب محمد حسنين هيكل لتوصيل رسالة بناء الكاتدرائية للرئيس جمال عبدالناصر، لأنها تحتاج إلى قرار رئاسى وكانت المشكلة الرئيسية لبناء الكاتدرائية هى التمويل حيث كانت الكنيسة تواجه أزمة مالية كبيرة، بعضاً منها من أثرياء الأقباط الذين طالتهم القرارات الاشتراكية عام 1961، كما أن أوقاف الكنيسة سرى عليها ما سرى على الأوقاف كلها، ولم يعد ريعها يكفى لتغطية حتى ولو جزءاً من التكاليف، وكانت تكلفة البناء تتراوح بين 1.5 و2 مليون جنيه وهو مبلغ ضخم وقتها.
وقام الرئيس جمال عبدالناصر وقتها بالاجتماع مع رئيس مؤسسة البناء والتشييد «على السيد» وقام بتوجيه رئاسى مكتوب، أن تتولى شركات المقاولات التابعة لمؤسسته، كل فى اختصاصها الفنى وتضاف التكاليف إلى حساب عمليات أخرى يقوم بها القطاع العام، وقد كان.
وكانت الأرض مكان كاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس، عبارة عن مدافن للأقباط، وعندما أصدرت الحكومة قراراً بنقلها إلى الجبل الأحمر، مع منح الكنيسة الحق فى ملكية الأرض بشرط إقامة مبانٍ خيرية لا تدر أى ربح، وإلا يتم عودة الملكية للدولة.
مبنى الكاتدرائية كان على شكل صليب
وبدأت شركة النيل العامة للخرسانة المسلحة «سيبكو» بتنفيذ مبنى الكاتدرائية الذى كان على شكل صليب، بعد فوز المهندسين الدكتور عوض كامل وسليم كامل فهمى بوضع وإعداد التصميم الإنشائى الذى قام به الدكتور ميشيل باخوم. وفى 24 يوليو 1965، وبحضور البابا كيرلس والرئيس جمال عبدالناصر تم وضع الحجر على صندوق خشبى احتوى على نسختين من «الكتاب المقدس» ونسخ من الصحف الصادرة يوم 9 مايو التى أعلنت نبأ إسهام الحكومة فى بناء الكاتدرائية وجرائد اليوم ومحضر على ورق مقوى موقع عليه من رئيس الجمهورية والبابا مع صليب من الفضة وعملة الدولة.
وافتتح البابا وعبدالناصر بحضور الإمبراطور الإثيوبى هيلاسلاسى يوم الثلاثاء 25 يونيو 1968 الكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس، وحضور محمد أنور السادات رئيس مجلس الأمة، ومندوب شيخ الأزهر ووفود من مختلف كنائس العالم وصلت لنحو 150 وفداً تقريباً.
وفى صباح الأربعاء 26 يونيو 1968 تمت إقامة أول قداس إلهى بالكاتدرائية، شارك فيه البطريرك مارأغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وعدد من مطارنة السريان والهند والأرمن الأرثوذكس، والكردينال دوفال، رئيس البعثة البابوية الرومانية، و6 آلاف قبطى، وفى نهاية القداس حمل رفات «أجزاء من جثمان القديس مار مرقس إلى مزاره الحالى، بعد عودته من مدينة البندقية، حيث وضع الرفات بالهيكل الكبير بشرقية الكاتدرائية، ووضع الجثمان فى صندوق فى جسم المذبح الرخامى القائم وسط المزار وتمت تغطيته بغطاء رخامى، وأنشدت فرق مختلفة ألحاناً مناسبة تحية لمارمرقس بسبع لغات هى القبطية، والإثيوبية، والسريانية، والأرمنية، واليونانية، واللاتينية، والعربية.
وفى 1973 احتفلت الكاتدرائية بحضور رفات القديس البابا أثناسيوس الرسولى البطرك رقم 20 والملقب بحامى الإيمان، حيث وضعت رفات القديس فى موكب مهيب أسفل الكاتدرائية ووضع فى مقصورة مخصوصة، وافتتحت قاعة كبرى على اسمه تحت الكاتدرائية تذكاراً على مرور 1600 سنة على نياحته.
وشهدت الكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس تنصيب البابا الراحل شنودة الثالث البطرك رقم 117 فى تاريخ الكنيسة القبطية، والبابا تواضروس الثانى البطرك الحالى رقم 118.
وفى يوم الأحد 18 نوفمبر 2018 قام البابا تواضروس بتدشين الكاتدرائية من خلال إقامة بعض التجديدات التى تضمنت تجديد المنارات وعدد كبير من الأيقونات القبطية تقدر بنحو 200 أيقونة، بعضها يعبر عن أحداث معاصرة للكنيسة مثل حادث الكنيسة البطرسية واعتراف الكنيسة بالبابا كيرلس قديساً.