«الوثائقية» والمعركة الكبرى!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

أربعون عاماً بالتمام والكمال -قفزاً إلى قلب الموضوع وبكل صراحة ممكنة يستأهلها موضوعنا- أجبر شعبنا على التصالح مع تيارات الشر -التى استخدمت أقدس ما لدى شعبنا وهو معتقده الدينى ورسالات السماء السمحاء الهادية إلى كل ما هو خير- التى بيتت الثأر من الشعب والوطن معاً.. فراحت وعبر كل هذه السنين تعبث فى وعى المصريين بلا هوادة.. وبلا هدنة.. وبلا توقف.. وبلا راحة.. وبلا استراحة.. وبلا ضمير.. وبلا وازع من دين أو من وطنية.. وكان انتقامها الأول فى تزييفها هو من عمود الخيمة المصرية وصمام أمان البلاد.. الجيش العظيم.. فلفقت وافترت وفبركت وزيفت.. فصار -الجيش العظيم- فى إعلامها وإصداراتها وصحفها ودورياتها ومن فوق منابر مساجدها وزواياها هو من امتدت أيدى أبنائه إلى ما سَمّوه مجوهرات أسرة محمد على!

وحتى اللحظة التى نكتب فيها هذه السطور لم يضبط اسم واحد من أبناء الضباط الأحرار متلبساً أو طرفاً فى أى قصة أو حادث حتى جاءت الأحداث التاريخية على عكس ما رتب لها الأشرار.. فى أواخر السبعينيات وفى شهادة منه للتاريخ وربما قصد أن تكون طلقة تجاه هؤلاء وأكاذيبهم أصدر اللواء محمود الجوهرى كتابه الشهير «٧ سنوات فى مجلس قيادة الثورة» ولم يكن الجوهرى عضواً فى المجلس إنما كان مسئولاً عن لجان الجرد والمصادرة، وروى -وقد صار خارج الخدمة لا هدف له ولا مطمع- كيف كانت التعليمات مشددة فى التنفيذ والصبر على أى انفعال وتقدير الأمر جيداً والظرف النفسى الذى يخضع له هؤلاء المصادر مجوهراتهم، ولكن وفى تفاصيل كثيرة ومثيرة يقول الرجل إن التعليمات كانت «القضاء على طبقة وليس على أفراد» وأن «يترك كل ما هو محل استعمال شخصى من سكن وسيارات وملابس ومجوهرات ويصادر الزائد على الحاجة» والأهم الأهم: وجود لجان متداخلة تراقب بعضها يستحيل معها حصول أى سرقات!

تمر السنوات وربما بعد أربعين عاماً تقريباً يصدر المستشار الجليل أشرف العشماوى وكان مسئولاً عن التحقيق فى نيابة أمن الدولة العليا فى تحقيقات قضايا الآثار ويؤكد المعنى ذاته، ويرجع تلف أو فقدان بعض القطع إلى عدم الخبرة فى التسجيل والأرشفة وليس إلى غياب قطع فعلياً! ثم تكون المفاجأة الكبرى فى السنوات الأخيرة بالكشف عن كميات كبيرة من هذه القطع هربت عمداً حتى لا تصادر وظلت محل التداول حتى ضبطت وعادت للشعب..!

لكن يحتاج الكثيرون إلى معرفة الحقيقة فى أشهر أكاذيب إعلام الشر وأكثرها خبثاً وخسة!

وفى معركة تخص حرب المعنويات تقود جماعة الشر حملة كبيرة لواحدة من أسوأ أكاذيبها وهى «هزيمة مصر فى حرب ٥٦»!

دون النظر إلى أن الحروب والمعارك تقاس بأهداف كل طرف فيها وكانت أهداف المعتدين إسقاط النظام فى مصر وإعادة احتلال القناة وتسيير حركتها ولم يحدث شىء من ذلك.. بينما كانت أهداف المصريين هى استعادة ثروات وممتلكات شعبنا بتأميم القناة والثأر لأجدادنا ممن حفروها بأرواحهم ودمائهم ورد إهانة سحب تمويل السد بل وتوفير التمويل لبناء السد نفسه!

وقد تحققت بكاملها!

لم يراعِ الإعلام العميل أن هناك شعباً قدّم تضحيات عظيمة وحمل كله، نساؤه وفتياته مع رجاله، السلاح فى بورسعيد وقدم الغالى والنفيس وخلفه شعب مصر بل والشعب العربى كله ولا يصح تجريحه ولا خدش كبريائه ولا الاستهانة بما قدمه.. ولا يصح تقديم السياسى على الوطنى!

لكن فى لعبة السلطة والمصالح والعمل لأطراف خارجية كان كل شىء مباحاً!

الأمثلة عديدة.. قد نعود للحديث عنها وقد بلغت حد محاولة تشويه حرب أكتوبر المجيدة!

واستهدف منها تشويه تاريخ شعبنا ومؤسساته الوطنية وفى الوقت نفسه تبرئة جماعات الشر من جرائم كبرى ومن تاريخ طويل من الدم وتبييض وجهها وتقديمها كجماعة اعتدال تمثل وسطية الإسلام.. وهى كاذبة فى كل الحالات.. ومن أجل كل ذلك وغيره تبرز أهمية قناة «الوثائقية» التى أطلقتها الشركة المتحدة والتى انتظرنا للكتابة عنها مشاهدتها وموادها الغنية القوية المهمة.. جاءت لتلعب دوراً مهماً فى تصحيح الصورة والرد على أكاذيب أربعة عقود تركت جماعات الشر لتكتب تاريخ مصر على طريقتها ووفق أهدافها وتخطيطها دون -طبعاً- حسيب أو رقيب.. جاءت «الوثائقية» لتفتش -كما هو عنوانها- عن الوثيقة والمستند.. على أى نحو.. مصوراً أو مسموعاً أو مخطوطاً أو شاهداً حياً على الأحداث.. لتصيغه صياغة فنية وتسجل تاريخنا الحقيقى دون عبث ودون عابثين!

وعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم، وبأهمية القناة ودورها كان التكليف من نصيب الصديقين العزيزين أحمد الدرينى وشريف سعيد.. وكل الثقة فى منتج رائع.. ومحتوى محترم.. والعينة بينة.. كما يقولون!

إنها معركة الوعى.. المعركة الكبرى.. التى لم تزل مستمرة.. وستستمر ما شاء الله لها أن تستمر.. وحتى يقرر الله أمراً كان مفعولاً.