عبدالرحيم القنائي «أسد الصعيد».. أسّس مدرسة للعلم والذكر وورثها عنه «المنفلوطي والصباغ»

عبدالرحيم القنائي «أسد الصعيد».. أسّس مدرسة للعلم والذكر وورثها عنه «المنفلوطي والصباغ»
- أولياء الصعيد
- أوتاد الجنوب
- مدد يا كرام
- محافظات الصعيد
- أولياء الله الصالحين
- أولياء الصعيد
- أوتاد الجنوب
- مدد يا كرام
- محافظات الصعيد
- أولياء الله الصالحين
«العارف بالله»، «أسد الصعيد»، «أسد الرجال»، «أبوالكرامات»، «ولى المعجزات»، «شيخ مشايخ الإسلام»، ألقاب كثيرة تطلق على إمام العارفين حفيد المصطفى، عبدالرحيم القناوى، أو عبدالرحيم القنائى.
وُلد بمدينة ترغاى، بإقليم سبتة بدولة المغرب، فى الأول من شعبان لعام 521 هجرياً، الموافق 1127 ميلادياً، من قبيلة بنى عموان، وهى قبيلة القطب الصوفى أبى الحسن الشاذلى.
أطلق الإمام على نفسه «عبدالرحيم» طمعاً لما عاينه من وصف الرحمة، وكان اسمه فى بلاده بمعنى «الأسد». هو عبدالرحيم بن أحمد بن حَجُّون بن محمد بن حمزة بن جعفر بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن الحسين بن على بن محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب، حفظ القرآن الكريم، وهو فى سن الثامنة من عمره، ودرس الحديث والتفسير والبلاغة والفقه على مذهب الإمام مالك.
إمام «زين العابدين»: مدرسة صوفية متكاملة.. وله عدة كتب لتفسير القرآن الكريم وكراماته مشهودة
أمضى الإمام القناوى طفولته فى تحصيل العلم بجامع ترغاى الكبير على يد والده، كما تتلمذ على كبار العلماء.
توفى والده وهو فى سن الثانية عشرة، يقول الشيخ محمد طه عتمان، وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية بمحافظة قنا، لـ«الوطن»: «والد الإمام مرض مرضاً شديداً حتى حار الأطباء فى علاجه، وتوفى به، فقضى الإمام فى دمشق 8 سنوات، نهل فيها من علمائها، وبدا لهم ذكاء «عبدالرحيم» وسرعة بديهته وحفظه وميله للتصوف، وعاد الإمام وهو فى سن العشرين إلى بلدته ترغاى، وحصل على مكانة والدة كشيخ للبلدة».
أوضح «طه» أن الإمام القناوى قضى فى بلدته نحو 5 سنوات، واعظاً بالحسنى، ثم سافر إلى الحجاز لأداء مناسك الحج، وفى طريقه مر بالإسكندرية والقاهرة فتركا فى نفسه أثراً لم تمحه رحلته المقدّسة إلى بلاد الحرمين، حيث بقى هناك تسع سنوات قضاها، متنقلاً بين مكة والمدينة ينهل من علم فقهائهما وعلمائهما، معتكفاً بالبيت الحرام أو بمسجد الرسول الكريم، حتى إذا كان موسم الحج العاشر، التقى بالشيخ مجد الدين القشيرى، الذى أقنعه بالسفر إلى صعيد مصر بمدينة قوص، حيث إن مجتمعها متعطش إلى علم وفضل أمثاله، فوافق «عبدالرحيم» على الرحيل.
وحسب ما ذكره الإمام السيوطى، فى كتابه، فلم يرغب سيدى عبدالرحيم فى البقاء بقوص وفضّل الانتقال إلى مدينة قنا، تنفيذاً لرؤى كثيرة أخذت تُلح عليه فى الذهاب إلى هناك، وبالفعل رحل إلى قنا بعد أن أمضى 3 أيام بقوص، حيث التقى بالشيخ عبدالله القرشى أحد أوليائها الصالحين، فانعقدت أواصر الألفة بينهما وتحابا وتزاملا فى الله.
وأشار وكيل الطرق الصوفية بقنا إلى أن الإمام القناوى أمضى عامين كاملين يتعبد ويدرس ويختلى بنفسه ليتعرّف على خباياها ولا يقطع عليه هذا الاختلاء وذاك التعبد إلا خروجه للتجارة التى يعتمد عليها فى معاشه، فقد كان قد اتخذ لنفسه منهاجاً لا يحيد عنه طوال حياته، وهو العمل بيده حتى يكسب قوته، خلال تلك الفترة صدر قرار من والى مصر بتعيين الشيخ عبدالرحيم شيخاً لقنا.
تزوج الإمام عبدالرحيم بابنة الشيخ «القرشى»، وبعد وفاتها تزوج 3 أخريات، وكان له منهن 11 صبياً و8 بنات، واستمر فى قنا حتى توفاه الله عام 592 هجرياً، بعد أن أمضى بصعيد مصر 41 عاماً، وأقيم ضريحه بجوار زاويته التى كان يجتمع فيها بالوافدين عليه، والتى أصبحت اليوم مسجده الشهير.
وللشيخ تلاميذ كُثر، منهم العلامة علم الدين المنفلوطى والإمام أبوالحسن الصباغ، حيث يوجد مقامهما بجوار ضريح الإمام القناوى.
وتذكر الروايات التاريخية عن الإمام القناوى أنه ظل فى قنا يعلم ويدرِّس ويربى، وكوَّن مدرسة عامرة بالعلم والذكر، مع عدم انقطاعه عن تجارته التى كان ينفق من ريعها على أهله وطلابه ومريديه، حتى بلغ 71 عاماً، فانتقل إلى جوار ربه فجر الجمعة 19 صفر 592هـ.
ولما مات قال بعض العارفين: لو مكنونى من عدم دفنه فى الأرض، لم أدفنه، بل أتركه على وجه الأرض، فكل من نظر إليه نطق بالحكمة.
بدوره، قال الشيخ أحمد البهى، إمام مسجد الإمام على زين العابدين، إن الإمام «القناوى» مدرسة صوفية متكاملة، وهناك طريقة صوفية تنحدر من تعاليمه، وهى الطريقة الرحيمية القنائية، كما أنه ترك الكثير من المؤلفات، منها تفسير القرآن الكريم، واشتُهر عنه أن أبرز كراماته ترويض الأسود.
وما ترويه كتب الصوفية عن واقعة العجل، مفادها وجود ساقية يديرها عجل، فأتى أسد، وأكل العجل، فقالوا للقناوى، فأتى إلى الأسد وأجبره على العمل بدلاً من العجل، وكان يهب إليه يومياً لإطعامه، فلُقب القناوى بـ«الأسد».
ويروى أنه أتاه رجل فقير يشكو الفقر وكثرة الأولاد، فأعطاه مقدار قدحين من غلة، وقال له خذها واخلطها بغلتك، ففعل الرجل، وأخذ يطحن فى الغلة لمدة 4 أشهر، والغلة لا تنفد. وقال القطب الصوفى كمال الدين بن عبدالظاهر: «زُرت جبَّانة قِنا، وصلّيت عند سيدى عبدالرحيم، وإذا بيدٍ خرجت من قبره وصافحتنى، وسمعتُ صوتاً يقول بأنين: لا تعصِ الله طرفة عينٍ، فإنى فى عليين، وأنا أقول: يا حسرتاه على ما فرَّطت فى جنب الله».
ويتّفق أهل التصوف على تجربة الدعاء عند ضريحه يوم الأربعاء، فيدعون الله لأنفسهم بهذا الدعاء بعد صلاة ركعتين بما تيسَّر من القرآن، ويقول: «اللهم، إنّى أتوسَّلُ إليك بجاه نبيِّنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وبأبينا آدم، وأمنا حواء، وما بينهما من الأنبياء والمُرسلين وبعبدك عبدالرحيم اقضِ حاجتى.
ويذكر حاجته».. روى هذا الدعاء الشيخ الصوفى أبوعبدالله القرشى