مصر تقود التنمية في أفريقيا بمشروعات سدود ونقل وكهرباء
سد جوليوس نيريرى فى تنزانيا نفذ بأيدٍ مصرية
جانب مهم من فلسفة مصر فى التعامل مع قارة أفريقيا هو مسألة التنمية، وليس مجرد الدعم الكلامى وإنما من خلال تنفيذ عديد من المشروعات فى القارة السمراء، وفى هذا نفذت وزارة الرى المصرية أعمال إنشاء 5 سدود، و6 محطات مياه شرب جوفية، وحفرت أكثر من 100 بئر بعدد من الدول الأفريقية بواقع 75 بئراً جوفية، وميكنة 2 بئر جوفية لتوفير مياه الشرب النقية بأوغندا، إضافة إلى حفر 180 بئراً جوفية فى كينيا، و60 بئراً جوفية فى تنزانيا، و10 آبار جوفية بإقليم دارفور، بحسب ما نقل موقع الهيئة العامة للاستعلامات.
كما عملت مصر على إنشاء سدود حصاد مياه الأمطار بجنوب السودان، وإعداد دراسات الجدوى لإنشاء سد «واو»، بالإضافة إلى الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع درء مخاطر الفيضان بمقاطعة كسيسى غرب أوغندا.
وتوجد شركة المقاولون العرب الوطنية المصرية بداخل 23 دولة أفريقية عبر تنفيذ حزمة ضخمة من مشروعات البنية التحتية، وأعمال الطرق الكبرى، أحدثها التعاقد على تصميم وتشييد سد ومحطة روفيجى للكهرباء بمنطقة ستيجلر جورج فى تنزانيا.
الشركات المصرية تحفر أكثر من 100 بئر جوفية و«القاهرة» تقود مشروعات الربط الكهربائى
وقد اهتم الرئيس السيسى بشكل كبير بمشروعات الربط بين مصر وأفريقيا، من خلال قطاعى النقل والمواصلات، والكهرباء، وأهمها مشروع «القاهرة - كيب تاون»، والربط الكهربى بين أفريقيا وأوروبا، ومشروع الربط المائى بين مدينة الإسكندرية وبحيرة فيكتوريا، وكذلك السكك الحديدية للربط بين دول القارة.
ومشروع القاهرة - كيب تاون يستهدف الربط بين 9 دول أفريقية من خلال إنشاء طرق برية عابرة لدول القارة، لتسهيل حركة الاستثمار والتجارة، حيث سيمر الطريق البرى العملاق عبر دول (مصر، والسودان، وكينيا، وإثيوبيا، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوى، والجابون، وحتى كيب تاون عاصمة جنوب أفريقيا).
أما مشروع الربط الكهربى بين أفريقيا وأوروبا، فيستهدف ربط مصر بدول القارتين الأفريقية والأوروبية، عن طريق إمداد دول القارتين بالكهرباء عن طريق الأبراج المعدنية العابرة للحدود، كما أنه من المتوقع أن يحول مصر إلى نقطة مهمة فى نقل الكهرباء للقارتين بحلول عام 2035.
وقد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤخراً، أهمية مشاركة الدول الأفريقية لخبراتها فى مجال البنية التحتية، إذ انخرطت مصر فى تجربة تنموية رائدة فى مجال البنية التحتية، على مدار الأعوام الثمانية الماضية.
وأشار الرئيس السيسى إلى سد جوليوس نيريرى فى تنزانيا، الذى يعد نموذجاً يحتذى به، للتعاون بين الدول الأفريقية فى المجال التنموى، ويتم تنفيذه بأيادٍ مصرية وتنزانية، مؤكداً أن مصر على استعداد لمشاركة خبرات الشركات المصرية مع الدول الأفريقية الشقيقة الأخرى.
جهود تعويض القارة عن أضرار التغيرات المناخية
تُعد قارة أفريقيا بين المناطق الأكثر تضرّراً من ظاهرة التغيّرات المناخية رغم أنها ليست المتسبب فيها، بل والأقل مساهمة فيها، فهناك أكثر من 280 مليون شخص يعانون من أضرار هذه الأزمة فقط فى منطقة شرق القارة، كما قتلت 4 آلاف على الأقل خلال العام الماضى فقط، وأثرت على 19 مليوناً فى مناطق أخرى متفرقة، كما كان لهذه الأزمة خسائر اقتصادية كبيرة يمكن أن تصل إلى نحو 50 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2040.
هذه الأزمة من بين أهم الملفات الأفريقية التى تبنّتها مصر بشدة ودافعت عنها، خصوصاً خلال استضافتها قمة المناخ «COP27» فى شرم الشيخ نهاية العام الماضى، حيث تمسّك الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال مختلف المناسبات الدولية بضرورة أن تتحرّك الدول الأوروبية أو الدول الصناعية الكبرى لمساعدة القارة السمراء فى التعامل مع ظاهرة التغيّرات المناخية، وأن تكون هناك تعويضات عادلة لدول القارة، وصولاً إلى نجاح قمة شرم الشيخ فى إقرار إنشاء صندوق تعويض الخسائر والأضرار التى تتكبّدها الدول النامية، وعلى رأسها الدول الأفريقية جراء التغيرات المناخية.
ويقول الباحث السياسى محمد فتحى الشريف إن مصر أقوى صوت مدافع عن أفريقيا فى قضية التغيرات المناخية، واعتبرتها قضية خاصة بها، وهو ما كان واضحاً بشدة خلال مؤتمر المناخ الذى نظم على أفضل ما يكون، وكان مثاراً لإشادات عالمية كبيرة.
وأضاف «الشريف»، فى اتصال لـ«الوطن»، أن القاهرة سواء على مستوى الرئاسة أو على مستوى وزارة الخارجية، أو حتى المؤسسات المصرية الأخرى كانت لديها لغة واضحة بشأن الموقف من الدول الصناعية الكبرى، بأنه لا بد لهذه الدول أن تضطلع بمسئولياتها تجاه دول أفريقيا ومساعدتها فى مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية، ودفع تعويضات كافية عما لحق بالقارة من أضرار.
«السيسى» يؤكد فى مناسبات دولية أهمية التحرك الأوروبى والدول الصناعية لمساعدة القارة
وأشار «الشريف» كذلك إلى أن مصر ألقت بالمسئولية دون أدنى تردد على الدول الكبرى، ودون مواربة طالبت بحق الدول الأفريقية فى تعويض عادل ضد هذه الأضرار، وكانت القيادة المصرية منتبهة منذ البداية لهذه الأزمة، مؤكداً أن دفاع مصر عن الدول الأفريقية فى هذه القضية الخطيرة أكسبها قدراً كبيراً من الاحترام بين الدول الأفريقية يمكن قياسه بكل سهولة من تصريحات القادة والزعماء الأفارقة، فى ظل عودة كبيرة للقاهرة لممارسة دورها ومكانتها الطبيعية فى القارة السمراء، ربما بعد عقود من الإهمال لهذه الدائرة المهمة التى لا يمكن الاستغناء عنها، والتى أتى إهمالها وتهميشها كخطأ لا يغتفر.