الطقوس: الامتناع عن أكل اللحوم والأسماك.. وفيه فترة انقطاع تام عن الطعام والشراب

كتب: منى السعيد ومريم شريف

الطقوس: الامتناع عن أكل اللحوم والأسماك.. وفيه فترة انقطاع تام عن الطعام والشراب

الطقوس: الامتناع عن أكل اللحوم والأسماك.. وفيه فترة انقطاع تام عن الطعام والشراب

يتميز الصوم الكبير أو صوم القيامة الذى يُعد أقدس أيام السنة، بحسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بالعديد من الطقوس التى تستمر لمدة 55 يوماً قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.

وتنقسم تلك الطقوس بين طقوس فى العبادة وطقوس فى الاحتفال به عبر مظاهر الصوم، وبحسب آراء العديد من رجال الكنيسة، فإن الطقوس الخاصة بالصيام الكبير والتى يتوجب على الصائمين اتباعها، أبرزها «التقشف والزهد» تشبهاً بشخصية السيد المسيح، وكذلك المواظبة على حضور القداسات الإلهية التى تُقام فى الكنيسة، إضافة لذلك تقديم توبة حقيقية إلى الله والمواظبة على سر الاعتراف «أحد أسرار الكنيسة السبع»، كذلك ضرورة كبح الشهوات النفسية والجسدية، مع الالتزام بطقوس الكنيسة فى أسبوع الآلام.

أما حسب المظهر فإن هذا الصوم يُمنع فيه تناول الأطعمة المشتقة من الحيوانات، كـ«اللحوم، الألبان، البيض، والأجبان»، كما يمتنع الصائمون فيه عن تناول الأسماك، لتصبح المقليات والخضراوات والفواكه هى الأكلات الأساسية على موائدهم.

القس بولس حليم: فترة الصوم الكبير هى فترة الخزين الروحى لباقى أيام السنة ويتميز بالنسك الشديد والعبادة

يقول القس بولس حليم، كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس بالقللى، لـ«الوطن»، إن فترة الصوم الكبير تُعتبر هى فترة الخزين الروحى لباقى أيام السنة وتتميز بعدد من الطقوس المختلفة والفريدة، ومنها:

أولاً: النسك الشديد، حيث يمتنع الأقباط خلال فترة الصوم عن تناول اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان ويُكتفى بتناول الخضراوات والمأكولات المطهية بالزيت، وتكون فيه فترة الانقطاع عن الطعام والشراب تماماً من الساعة ١٢ مساء حتى غروب الشمس، والبعض يطوى الصوم فى آخر أيام الصوم، أو يصوم بماء وملح فقط.

ثانياً: العبادة، فمن اهتمام الكنيسة بالصوم الكبير جعلت له طقساً خاصاً، فله قراءات خاصة من العهد القديم والجديد، وكذلك ألحان خاصة. وتتميز هذه الفترة بالروحانية والتفرغ الجزئى للصلاة والتسبيح، وتقيم الكنائس قداسات وصلوات بشكل يومى تنتهى مع غروب الشمس وهى فترة عمق فى التوبة.

ثالثاً: العطف على الفقراء والمساكين، فالكنيسة تُعلِّم شعبها أنه لا صوم بدون صلاة أو صدقة.

رابعاً: التوبة، حيث تتميز هذه الفترة بالتوبة العميقة أى التغير فى السلوك والحياة.

وأوضح القس بولس حليم أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تقسم أيام الصوم الكبير إلى ثمانية آحاد، وحدّدت لكل أسبوع اسماً خاصاً يشير لخصوصيته، وهى: (أحد الكنوز)، وفيه تحول الكنيسة أنظار أبنائها عن الاهتمام بالعالم للاهتمام بالأبدية- (أحد التجربة)، وتُعلِّم فيه الكنيسة شعبها كيف ينتصر على إبليس مثلما انتصر السيد المسيح على الشيطان- (أحد الابن الشاطر)، وفيه توضح الكنيسة كيف يتحنن الله ويقبل الخاطئ، على مثال الابن الضال الذى عاد إلى أبيه- (أحد السامرية)، وتشير فيه الكنيسة إلى الماء الحى الذى مَن يشرب منه تصير له حياة أبدية- (أحد المخلع)، ويرمز إلى الخاطئ الذى أقعدته الخطية لكن أقامه السيد المسيح وشفاه- (أحد التناصير)، وفيه فتح السيد المسيح عينى المولود الأعمى، وهذا يرمز إلى الاستنارة بالمعمودية، لذلك يطلق عليه أحد الاستنارة- (أحد الشعانين)، وهو تذكار دخول السيد المسيح أورشليم وشعبها يستقبله ملكاً- (أحد القيامة)، وهو الأحد الذى قام فيه السيد المسيح من بين الأموات.

وأضاف كاهن «كنيسة مارجرجس»: أما الأسبوع الأخير من الصوم فهو أقدس أيام السنة كلها، والمعروف بأسبوع الآلام، تذكاراً لآلام السيد المسيح، كما يُحتفل فى السبت الأخير من الصوم الكبير بظهور النور المقدس من قبر السيد المسيح بأورشليم.

يُمنع على الأقباط فى الأسبوع الأخير منه الصلاة على الموتى وتكتسى الكنائس بالسواد وتحرم «القبلات»

ويتميز الأسبوع الأخير من الصوم الكبير المعروف بـ«أسبوع الآلام» بالعديد من الطقوس المميزة، ففيه يحرص الأقباط على الحج إلى الأراضى المقدسة للتبرك من الأماكن التى شهدت آخر وجود للمسيح على الأرض، وحضور ما يُعرف بـ«ظهور النور المقدس» فى كنيسة القيامة بالقدس المحتلة.

وبعيداً عن ذلك تكتسى الكنائس القبطية الأرثوذكسية بالسواد حداداً وحزناً على المسيح، عقب صلوات ما يُعرف بـ«أحد الشعانين» أو أحد السعف، وهو ذكرى دخول المسيح إلى القدس، ويسمى «أحد الزيتونة» ويحرص فيه الأقباط على شراء سعف النخيل تشبهاً بأهالى القدس الذين استقبلوا به المسيح وفرشوا ثيابهم وأغصان الأشجار والنخيل تحت قدميه.

وتستمر احتفالات الأقباط بأحد الشعانين حتى ظهر هذا اليوم، وتعقبها إقامة صلوات طقس التجنيز العام الذى يرمز إلى بدء «أسبوع الآلام»، وتغلق الكنائس ستر الهيكل بعد القداس بستائر سوداء، وتصلى صلوات التجنيز العام بنغمات حزينة، وتعلق الشارات السوداء على الكنائس حزناً على صلب المسيح.

ويعقب ذلك الاحتفال لمدة ثلاثة أيام بما يُعرف بـ«البصخة المقدسة»، التى يُمنع فيها الصلاة على الموتى، مع امتناع الكنائس عن إقامة القداسات أو رفع البخور، وذلك حتى بدء احتفال الأقباط الأرثوذكس بما يُعرف بـ«خميس العهد» أو «خميس الأسرار»، أو «الخميس المقدّس»، الذى شهد العشاء الأخير للمسيح، وغسل المسيح فيه أرجل تلاميذه ووعظ فيهم بأن يحبوا بعضهم كما أحبهم، وترك لهم وصيته، حيث كشف المسيح للأقباط خلال هذا اليوم سر «التناول»، أحد أسرار الكنيسة السبع، وشهد إقامة أول قداس مع تلاميذه، وتناولوا فيه معاً خبزاً وشراباً.

وتعاود الكنائس القبطية الأرثوذكسية رفع البخور وإقامة قداسات الصلاة الإلهية، ولكن تمنع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال هذا اليوم واليومين اللذين يأتيان بعده القُبلات الطقسية استنكاراً لقُبلة «يهوذا للمسيح»، كما لا تُقبّل أيادى الكهنة، لأن مثل هذا اليوم شهد القبض على «المسيح» ليلاً، بعد خيانة تلميذه «يهوذا» له، وتسليمه إلى اليهود ومحاكمته بتهمة «التجديف» أو ازدراء المقدسات، وكانت العلامة المتفق عليها لتسليم المسيح هى أن يُقبّله «يهوذا» عقب العشاء الأخير.

 


مواضيع متعلقة