الروائي يوسف القعيد: عالم الصحافة ينقصه الكثير بدون هيكل.. ولا يمكنني وصف حسرتي على رحيله

كتب: سهيلة هانى

الروائي يوسف القعيد: عالم الصحافة ينقصه الكثير بدون هيكل.. ولا يمكنني وصف حسرتي على رحيله

الروائي يوسف القعيد: عالم الصحافة ينقصه الكثير بدون هيكل.. ولا يمكنني وصف حسرتي على رحيله

«عالم الصحافة بدون الأستاذ هيكل ينقصه الكثير، فقد كان تجربة صحفية.. ثقافية.. إنسانية من النوع النادر»، هكذا بدأ الكاتب الصحفى والروائى يوسف القعيد حواره مع جريدة «الوطن» بمناسبة الذكرى السابعة لرحيل الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل الذى رحل عن عالمنا فى 17 فبراير 2016، وروى الكاتب بعض ذكرياته عن الأستاذ، الذى جمعته معه علاقة إنسانية وسهرات وجلسات عمل ونقاش كثيرة، استمرت حتى الأيام الأخيرة لرحيل الأستاذ. وإلى نص الحوار:

يوسف القعيد: تجربة صحفية وثقافية وإنسانية «ملهمة ونادرة».. ونموذج لتقديس العمل

جمعتك بـ«هيكل» علاقة قوية.. حدّثنا عن «هيكل» الإنسان.

- لا أريد أن أتجاوز فى حق أستاذ كبير بحجم الراحل محمد حسنين هيكل وأدّعى صداقته، رغم عمق العلاقة بيننا، وهو من جيل سابق علينا، وتعلمنا منه الكثير جداً، ولكن كان أملى طوال فترة معرفتى به أن تنمو هذه المعرفة وتتطور إلى صداقة، لكن اليوم وفى ذكراه السابعة لا أستطيع أن أجزم هل نجحت فى ذلك أم لا؟، ربما من يقرأ كتابى «محمد حسنين هيكل يتذكر.. عبدالناصر والمثقفون والثقافة» يدرك من خلاله عمق العلاقة التى جمعت بينى وبين الأستاذ، ومدى فداحة خسارتى برحيله رغم أن الموت حق علينا جميعاً، وهو قادم لا محالة، لكن لا يمكن أن أصف مدى حزنى وحسرتى على رحيل الأستاذ الكبير، لم يكن يرفض لى طلباً على الإطلاق، وأعتبره أستاذى، وهو بالفعل كذلك، وأباً روحياً ومعلماً من الكبار فى مهنة الصحافة المصرية، وخسارة المهنة وخسارتنا له فادحة.

كيف كانت أجواء الحديث بينكما فى السياسة والصحافة والأدب والحياة عموماً؟

- العالم بدون «هيكل» ينقصه الكثير، تعرّفت على «هيكل» وفتح لى باب مكتبه وقلبه ووجدانه، وتردّدت عليه كثيراً جداً ودائماً فى الصباح الباكر، لأنه كان دائماً مبكراً فى الاستيقاظ، وكانت مقابلة الأصدقاء بالنسبة له عملاً، ومقابلة المعارف عملاً، وكان يقدّس العمل ويعتبره مسئولية كبيرة، وكان يتكلم كثيراً عن تجربته الثقافية مع الراحل جمال عبدالناصر، لأنه كان الأقرب إليه إنسانياً، وهو الذى اقترح أن أكتب عن هذه التجربة حتى توثق وتنشر فى كتاب.

وقد استجبت لهذا الاقتراح، وأنا فى غاية السعادة، والحقيقة أننى كنت أتطلع فى داخل نفسى للكتابة عن هذه التجربة والكثير من الأمور الأخرى، لكننى كنت أخجل من أن يبدو الأمر وكأننى أبحث عن عمل لأقوم به معه والحقيقة أننى كنت وما زلت أحبه حباً خالصاً، لا علاقة له بأى مصلحة على الإطلاق.

ماذا عن الدور الذى كنت تؤديه ولا يمكن لغيرك أن يؤديه إلى جوار الأستاذ هيكل؟

- كنت وصلة خير بين الأستاذ والكثير من محبيه العرب الذين تعرفوا عليه من خلالى، مثل خالد عبدالهادى، الذى ألّف كتاباً مهماً عن الأستاذ بعنوان «هيكل.. لمحات إنسانية»، ويحكى فيه قصة تعارفهما والدور الذى قمت به فيها، كما أسهمت فى لقائه بالراحل نجيب محفوظ عدة مرات، وهذا من الأمور التى أُسر بها كثيراً ويسعدنى ذكرها، كما أننى تكلمت عن تجربته الثقافية مع جمال عبدالناصر فى كتابى «محمد حسنين هيكل يتذكر.. عبدالناصر والمثقفون والثقافة»، إضافة إلى كتابى «يوميات هيكل»، وهو أشبه بذكريات عن «هيكل» وعلاقتى معه وأبرز المحطات فى حياته.

ما أبرز المواقف التى جمعتك بالأستاذ هيكل ويصعب نسيانها؟

- كنت أتردد على «هيكل» كثيراً فى مزرعته فى «برقاش»، يحدثنى عن العلاقة بينه وبين جمال عبدالناصر والكتب التى كان يستعيرها «عبدالناصر» منه، ومكان جلوسه المفضّل فى المزرعة عندما كان يقوم بزيارته، ومن المواقف العزيزة التى لا أنساها له، عندما قامت دار الهلال بعمل احتفال لى وأنا فى السبعين من عمرى، حيث جاء «هيكل» وشارك فى الاحتفال، وله الكثير من الصور القريبة إلى قلبى.

ومن المواقف التى جمعتنى بـ«هيكل» ومحفورة فى ذاكرتى عندما جاء معى لزيارة الراحل نجيب محفوظ فى مركب «فرح بوت» فى الجيزة، ونتذكر معاً عندما كان «هيكل» رئيساً لتحرير الأهرام، ونشر رواية «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ، التى أدى نشرها لإثارة زوابع ضده آنذاك، حتى إن الرئيس جمال عبدالناصر اقترح عليه فى ذلك الوقت أن يقوم بطباعة الرواية يومياً بدلاً من أن تكون أسبوعية بسبب ردود الفعل عليها، حسب رواية «هيكل» لى فى إحدى الجلسات.

ما الرسائل والدروس التى تعلمتها من علاقتك بالأستاذ هيكل؟

- أهم رسالة تركها لى الأستاذ هيكل هى «تقديس العمل» واحترامه واعتباره رسالة من الرسائل التى يجب أن يقوم بها الإنسان فى حياته على أكمل وجه، وللأسف الشديد هذه القيمة تراجعت بشكل كبير فى حياة الأجيال التالية، لكن هذا درس «هيكل» الأساسى الذى يجب أن نعمّمه جميعاً، وهو أن «العمل رسالة تعبّر عن الإنسان»، وأستغل هذه الذكرى العزيزة، ذكرى رحيله، لأُذكّر الناس ومجتمع الصحافة المصرية بذلك.

هيكل الإنسان

كان إنساناً مثقفاً يسعى للثقافة ويقرأ بأكثر من لغة ويتقن اللغة العربية إتقاناً يصل إلى حدود الإذهال، وكان قريباً من الرئيس جمال عبدالناصر قرباً غير عادى، فهو ظاهرة مهمة فى القرن العشرين، وأضاف للقرن الواحد والعشرين خلال السنوات القليلة التى عاشها فيه، فهو ظاهرة صحفية وثقافية وإنسانية من النوع النادر، وتجربة ثقافية مهمة إن لم تكن تجربة صحفية شهدتها الصحافة المصرية فى القرن العشرين.


مواضيع متعلقة