القدس قلب العاصفة

جيهان فوزى

جيهان فوزى

كاتب صحفي

قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلى بناء آلاف الوحدات الاستيطانية وشرعنة بؤر استيطانية أخرى فى الضفة الغربية، هو تسريع لانفجار وشيك فى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، خاصة أنه يترافق مع تزايد وتيرة هدم المنازل وتصاعد الهجمة تجاه مدينة القدس المحتلة ومختلف مناطق الضفة الغربية.

إن مسارعة الجامعة العربية بإدانة القرار، واعتباره استهانة إسرائيلية بالقانون الدولى، غير كافٍ، ليبقى السؤال: متى التزمت إسرائيل وحكوماتها المتعاقبة باحترام القوانين الدولية، أو بمُقررات الشرعية الدولية التى تعتبر كافة المستوطنات فى الأراضى المحتلة غير شرعية وخارجة على القانون؟

لقد استشعر مسئولون إسرائيليون الخطر من وراء القرار، وأطلقوا تحذيراتهم بشأن الإجراءات التى اتخذتها حكومة نتنياهو فى القدس المحتلة، وإمكانية انفجار الأوضاع وامتدادها لمواجهة عسكرية مع غزة.

فقد حذر اللواء احتياط فى جيش الاحتلال «عاموس يادلين»، من أن القدس هى قلب الصراع، وأن لها القدرة فى التأثير على الضفة وغزة والداخل.

والمعروف أن حركتى حماس والجهاد الإسلامى، لن تقفا مكتوفتى الأيدى أمام الممارسات العبثية التى تقوم بها حكومة إسرائيل تجاه القدس والضفة الغربية، وكذلك الأسرى الذين أعلنوا من خلال بيان لهم، أنهم سيبدأون إضراباً مفتوحاً عن الطعام، نظراً لسوء المعاملة التى يتلقونها من إدارة السجون، ويطالبون بالحرية أو الاستشهاد فى ظل أوضاع مأساوية يعانون منها داخل المعتقلات الإسرائيلية غير الآدمية.

كل المؤشرات تنذر بانفجار وشيك تنجر فيه إسرائيل نحو المزيد من التصعيد مع الفلسطينيين، والحديث هنا يتركز على قطاع غزة، لأن حماس والجهاد لا يمكنهما الصمت على ما يجرى فى الضفة والقدس، خاصة العمليات الأخيرة، التى يداهم فيها جنود الاحتلال مخيمات اللاجئين الفلسطينيين فى مدن وقرى الضفة الغربية، والقدس، وتصفية عناصر المقاومة، ما أدى إلى استشهاد العديد من المواطنين.

ولم تكتف حكومة نتنياهو المتطرفة بذلك، بل صعدت من وتيرة العدوان بإعلانها قرار بناء مستوطنات جديدة، وتقنين شرعية تسع مستوطنات أخرى، وهو القرار الذى لن يمر بسهولة بين الفلسطينيين.

إن الحكومة الإسرائيلية، الحالية والسابقة، لم تتوقف يوماً عن التوسع فى البناء الاستيطانى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وهو أمر يندرج فى إطار ما تقوم به هذه الحكومات من حرب مفتوحة وشاملة ضد الشعب الفلسطينى، عبر القتل والتصفية والتهويد واقتحامات المسجد الأقصى المبارك.

وهدم البيوت والإعدامات والمجازر التى تقوم بها كما جرى فى مدينة أريحا بارتكاب مجزرة، قتل خلالها 5 شبان وخلفت عدداً كبيراً من الجرحى، وكذلك قبل أيام فى مدينة جنين، والتى راح ضحيتها 10 فلسطينيين، وما زالت المداهمات مستمرة لمدن ومخيمات الضفة يسقط خلالها العديد من الشهداء، بما يزيد من مستوى الاحتقان والتوتر.

غير أن الأمر الأكثر سوءاً واستفزازاً، كان مصادقة حكومة نتنياهو على إقامة مستوطنة جديدة محاذية لغلاف قطاع غزة، للمرة الأولى منذ انسحابها من مستوطنات القطاع فى عام 2005، وكأنه تأكيد من الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة على مواصلة وشرعنة الاستيطان الإسرائيلى رغم الرفض الدولى والأمريكى للقرار الإسرائيلى.

إن الانتهاكات الإسرائيلية وتوسعها الاستيطانى من شأنه أن يؤثر وينعكس سلباً على مسار ومساعى التهدئة، وقد يعمل على إفشالها بسبب التصعيد والعدوان الإسرائيلى المستمر، خاصة أن حكومة الاحتلال تسعى للتهويد وتعزيز الاستيطان وبناء مستوطنات جديدة.

لقد آن الأوان لوقف بيانات الشجب والاستنكار ضد ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية، لأن ذلك لا يردعها ولا يخيفها، فهناك ضرورة للانتقال إلى إجراءات عملية وفعلية حازمة، لمقاطعة ومعاقبة إسرائيل على جرائمها، حيث تسعى فلسطين للذهاب إلى كل ما يمكن أن يشير إلى فرض مقاطعة ومحاسبة على هذه الجرائم، على الرغم من الدعم والإسناد غير المحدود التى تقدمها الإدارة الأمريكية للتغطية على الجرائم الإسرائيلية.

كما أن هناك مسئولية تقع على المجتمع الدولى، من أجل توفير حماية دولية وفرض عقوبات على الاحتلال، ومحاكمته أمام الجنائية الدولية، بدلاً من التهرب من هذا الاستحقاق المهم وعرقلته، فقد طبق فى العديد من بلدان العالم، ومن الأولى تطبيقه على الأراضى الفلسطينية المحتلة.