شهادات حية من تحت أنقاض زلزال سوريا.. مقابر جماعية وحيوانات تبكي أصحابها (خاص)

كتب: سمر صالح

شهادات حية من تحت أنقاض زلزال سوريا.. مقابر جماعية وحيوانات تبكي أصحابها (خاص)

شهادات حية من تحت أنقاض زلزال سوريا.. مقابر جماعية وحيوانات تبكي أصحابها (خاص)

بين ركام المنازل التي دمّرها الزلزال، وفاحت منها رائحة الموت، يؤدون مهامهم الأصعب على الإطلاق الممزوجة بدموع الأمهات وآنين الآباء، وصراخ الأطفال، يخاطرون بحياتهم وهم يحملون نقّالات برتقالية وسط ركام من الأنقاض الضخمة لانتشال الضحايا، وإنقاذ المصابين باحثين عن أملٍ جديد يستحق الحياة.

انتفاضة رجال الدفاع المدني السوري

وسط صورة حالكة السواد، رسمت تفاصيلها حطام البيوت ودماء الجرحى وهرولة الأمهات الثكلى والأهل المكلومين، جراء زلزال سوريا وتركيا المدمر الذي ضرب البلاد، فجر الاثنين الماضي، امتدت أيادي رجال الدفاع المدني السوري، الذين خرجوا من رحم الأزمة السورية وتحديدًا في عام 2012، لتقديم الدعم والمساعدة في مكان انعدمت فيه الخدمات العامة، بل الحياة، يخاطرون بحياتهم، طوعًا، لمساعدة أي شخص، بغض النظر عن انتمائهم الديني أو السياسي.

«الوضع كارثي فوق الوصف» هكذا بدأ هاني القطيني، أحد رجال الدفاع المدني السوري من محافظة أدلب خان شيخون، حديثه لـ«الوطن» في وصف الوضع هناك في الشمال السوري المتضرر من الزلزال المدمر الذي ضرب بلادهم، وبلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر، وضرب المنطقة في الساعة 4:17 صباحاً فجر الاثنين الماضي، حيث خرجت الفرق بالمعدات المتوافرة لديهم يبحوث عن الضحايا تحت الركام.

نقص في المعدات الحديثة

«صندوق الإسعافات الأولية، قناع واقي على الوجه، أدوات إنقاذ بدائية»، تشكل قائمة أدوات متطوعي هذا الفريق، وعلى رأسهم الخوذة البيضاء كعلامة مميزة لهم، ينتشلون جثث الضحايا وينقذون المصابين في لحظات حاسمة تفصلهم عن الموت، رغم النقص الشديد في المعدات الحديثة المتطورة للكشف عن ضحايا الزلزال ونقص المستلزمات الطبية اللازمة لإنقاذ الجرحى، بحسب رواية القطيني، «كل اعتمادنا على آليات بسيطة وليست متطورة بنبذل أقصى ما في وسعنا لإنقاذ المصابين وانتشال الضحايا من تحت الأنقاض».

استخراج الجثث وإسعاف المصابين

يتولى رجال الدفاع المدني إنقاذ الناجين وإسعاف المصابين بنقلهم لأماكن آمنة وتقديم الإسعافات الأولية لهم، إلى جانب دورهم الهام في الحفر لاستخراج الجثث، وبحسب تأكيد القطيني المسؤول بقسم الإعلام والوفيات بالدفاع المدني السوري، تتنوع الإصابات ما بين جروح وخدوش وكسور بسبب ضغط ركام المباني على الأشخاص، ويتم تقديم الدعم الطبي اللازم لهم.

أما جثث الموتى فيتم نقلم، بحسب رواية رجل الدفاع المدني السوري، إلى أقرب مستشفى ويتم تصوير الشخص حتى يتعرف عليه أهله، وفي حال لم يتم التعرف عليه يتم دفنه في المقبرة الجماعية بالبلدة وكتابة إسمه فوق مكان دفنه في حال تم التعرف على إسمه.

مقابر جماعية لضحايا زلزال سوريا

مدن الشمال السوري تحولت إلى مقابر جماعية يضم ثراها آلاف الضحايا جراء الزلزال المدمر، آباء وأمهات وأطفال وشيوخ جميعهم واجهوا نفس المصير تحت الركام، ونالت مقبرة بلدة دانا بالشمال السوري النصيب الأكبر من الضحايا، «أكبر مقبرة جماعية تم حفرها في بلدنة الدانا التابعة لمحافظة إدلب السورية، أسر بالكامل لقت حتفها تحت الأنقاض»، بحسب رواية القطيني.

مشاهد إنسانية تدمي القلوب

مشاهد إنسانية تدمي لها القلوب وتتشقق من هولها الحجارة شاهدها رجال الدفاع المدني على مدار الأيام الماضية خلال البحث عن ضحايا الزلزال، أب يحتضن طفليه تحت أنقاض بيتهم توفي الأب وأحد أطفاله وظل الآخر يبكي وحيدا تحت الركام، وأم تحتمي في حضن صغيرها وفارقا الدنيا معا، حتى الحيوانات بكت من هول المصيبة، «شوفنا كلب يبكي فوق ركام منزل أصحابه الذين لقوا مصرعهم تحت الأنقاض، وقطة تحوم حول حطام بيت عاشت به تبحث عن أهله الذين انقطعت أنفاسهم»، بحسب وصف القطيني.

خمسة آلاف أسرة تقريبا تعيش في خيام في بلدات متفرقة بالشمال السوري، منذ وقوع الزلزال وسط نقص تام في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية وانخفاض شديد في درجات الحرارة، «اليوم سجلت درجات الحرارة 4 تحت الصفر والناس نايمة في العراء، الوضع كارثي وصعب»، بحسب قول رجل الدفاع المدني السوري.

لم يسلم رجال الدفاع المدني السوري من الإصابات أثناء عمليات الإنقاذ، حيث أصيب أحد المتطوعين إصابة بالغة بالرأس أثرت على النظر ومستوى الرؤية في عينه بعد سقوط كتلة خرسانية من أحد المباني المحطمة فوق رأسه خلال بحثه عن الضحايا، إضافة إلى مصرع 4 من رجال الدفاع المدني السوري مع عائلاتهم تحت أنقاض منازلهم لحظة وقوع الزلزال، حسبما أكد القطيني، مختتما حديثه بطلب الدعاء لهم ودعمهم بكافة الإمدادات اللازمة لتجاوز الأزمة.


مواضيع متعلقة