«عم شوقي» يقاوم الزمن في صناعة الفخار.. 50 عاما من اللعب بالطين (صور)

كتب: محمد بخات وريهام مصطفى

«عم شوقي» يقاوم الزمن في صناعة الفخار.. 50 عاما من اللعب بالطين (صور)

«عم شوقي» يقاوم الزمن في صناعة الفخار.. 50 عاما من اللعب بالطين (صور)

يستقيظ شوقي البسطويسي، رائد صناعة الفخار بالدقهلية، صاحب الواحد وستين عامًا، كل يوم في الصباح الباكر، يحتسي كوبا من الشاي ليستعد للذهاب، إلى منطقة الفواخير (الفاخورة) بمدينة طلخا، قلعة صناعة الفخار بكل أشكاله، بعد أن ورث مهنة صناعة الفخار أبًا عن جد.

«50 عامًا من العمل بهذه المهنة، منذ أن كان عمري 10 سنوات، وبعيدا عن صعوبتها، فإنها تحتاج إلى كامل الدقة والتركيز، وقليل من الصبر»، حسب «عم شوقي» لـ«الوطن»، متابعا: «تشكيل الفخار يتم بشكل يدوي وبأدوات بدائية، لكن من يتعلمها ويمتهنها يشعر بمتعة كبيرة خلال مراحل التشكيل والصناعة، خاصة عندما ترى المنتجات التي تنجزها صوب عينيك».

«الفاخورة» قلعة الفخار في مصر

يضيف «عم شوقي»: «منطقة الفاخورة هي من أهم مناطق صناعة الفخار، والمنبع الأساسي للفخار، ونستقبل اعديد من الزبائن والتجار من مختلف المدن والمحافظات كالقاهرة وطنطا ودمياط وكفر الشيخ، ونقوم بتنفيذ طلبات العميل وتشكيل الفخار الذي يطلبه مثل القلل، والزير، والطواجن، وأبراج الحمام، والمزهريات، والكولمن والعديد من الأشكال المختلفة التي تتفق مع الطلبات».

إحياء الفخار من الاندثار 

«صيت مهنتنا وصل إلى خارج مصر» طبقاً لرائد صناعة الفخار، موضحا: «تواصل معي أحد الأشخاص ويعمل مدرسا بمملكة البحرين وجاء إليّ خصيصا حتى يتعلم ممارسة تشكيل الفخار، وبالفعل لم يأخذ وقتا كبيرا للتعلم وأتقن صنعها، وكان هدف المدرس أن يعلم الأجيال الجديدة بمدرسته مهنة قاربت على الاندثار وإحياء الفخار مرة أخرى، وساعدته لتحقيق هدفه، للحفاظ على المهنة التى شارفت على الانتهاء، بسبب التطورات التي نشهدها هذه الأيام، كما جاءني أناس من دولة اليونان، معبرين عن سعادتهم بأن هذه المهنة ما تزال موجودة في مصر، وطلب أحدهم تشكيلات فخار أخذها معه اليونان».

مراحل صناعة الفخار

يروي «عم شوقي» كيفية صناعة الفخار من الطين حتى الفرن: «الفخار يمر بعدة مراحل، الأولى نقوم بأخذ ما يسمى الشِرب، ونضعه في الماء بطريقة معينة، وبعد ذلك نأخذ الطين ونقوم بتصفيته من الشوائب، وبعدها نأخذ الطين ونتركه في الشمس عدة أيام ليجف، حتى يسهل تشكيله، ثم إدخال الطين إلى ماكينة العجن حتى يسهل تشكيله، ويجري تشكيله حسب طلب العميل أو التاجر على معدة مكونة من دولاب دوار، واتحكم به عن طريق قدمي وأقوم بتشكيل الطين بيداي وعمل أواني فخارية مختلفة، لا تأخذ صنعها دقائق، وعقب تشكيلها أضع الأواني الفخارية في الظل لمدة أيام تجف وأعرضها للشمس قبل إدخالها الفرن، حتى لا تحدث شرخا، وتدخل الفرن تحت درجة حرارة عالية جداً، كما أن كل نوع فخارية تختلف عن الأخرى، فالقُلل تأخذ وقتا ومجهودا في صنعها عكس ما يتوقعه الناس من سهولة صنعها، حيث يتم تشكيلها على أربع مراحل وتترك في الظل 10 أيام ومنها إلى الفرن مباشرة دون أن تتعرض للشمس، فالفخار ليس سهلا ويستغرق وقتا طويلا حتى نخرج بالمنتج النهائي».

الوطن داخل قلعة صناعة الفخار 

كاميرا «الوطن» دخلت قلعة صناعة الفخار بمنطقة الفاخورة، لتكتشف أن الأفران كلها صناعة يدوية مشابه للأفران البلدي القديمة، ووقودها القش أو نشارة الخشب لإشعال النيران بداخلها، إذ يستوعب الفرن من 500 حتى 1000 قطعة فخارية، وتظل في الفرن لمدة يوما كاملا، ويقول عم شوقي: «نتركها لمدة 3 ساعات حتى تبرد الأواني ونخرجها من الفرن إلى التعبئة».

ويواصل: «أخاف على المهنة من الاندثار بعد أن تركها البعض للسفر للخارج، بينما أحاول قدر المستطاع أن أعلم أولادي وأحفادي ممارسة هذه المهنة المهمة، للتمسك بآخر عربة في قطارها قبل أن يغادر بلا عودة، لأن الفخار مهنة ورثناها من القدماء المصريين، وهي من المهن السامية قديما، التى كان من يعمل بها أثرياء القوم، ولا يوجد منزل يخلو من الفخار».


مواضيع متعلقة