وثائق بريطانية تكشف: كيف سعى بوش للتخلص من ياسر عرفات؟

كتب: محمود العيسوي

وثائق بريطانية تكشف: كيف سعى بوش للتخلص من ياسر عرفات؟

وثائق بريطانية تكشف: كيف سعى بوش للتخلص من ياسر عرفات؟

منذ وفاته في ظروف غامضة، قبل 21 عاماً، ظل رحيل الزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، لغزاً يبحث عن حل، وسط شكوك في أنه تعرض للاغتيال باستخدام مادة سامة، وهي الشكوك التي تتزايد يوماً بعد يوم، خاصةً بعدما كشفت السلطات البريطانية عن وثائق سرية، تظهر أن الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، قاد بنفسه خطة للتخلص من «أبو عمار»، أول رئيس للسلطة الفلسطينية.

تكشف الوثائق، التي أفرجت عنها بريطانيا مؤخراً، أن الرئيس «بوش الابن»، أمر أجهزة المخابرات بالبحث عن خليفة محتمل للزعيم الفلسطيني الراحل، في أعقاب تصاعد «انتفاضة الأقصى الثانية» عام 2001، وبعد فشل مفاوضات «كامب ديفيد» عام 2000، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود باراك، ورئيس السلطة الفلسطينية، نتيجة تدهور الأوضاع في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.

فريق «المحافظون الجدد» يسيطرون على البيت الأبيض

ووفق ما أوردت هيئة الإذاعة البريطانية BBC، في تقرير لها اليوم، تتعلق هذه الوثائق السرية بالاتصالات التي جرت بين المسؤولين في لندن وواشنطن، بعد شهور قليلة من تولي بوش رئاسة الولايات المتحدة، ودخوله إلى البيت الأبيض، مع فريق من مساعديه، الذين كان غالبيتهم من تيار «المحافظون الجدد»، حيث بدا أن الرئيس بوش كان يضع سيناريو للتخلص من الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.

ووفق ذلك السيناريو، كان الرئيس الأمريكي يتوقع أن يلجأ إرييل شارون، الذي تولى رئاسة الحكومة الإسرائيلية، خلفاً لباراك، إلى استخدام قطاع غزة كورقة ضغط، لإثارة الصراعات بين الفصائل الفلسطينية، خاصةً وأن بوش عندما تولى رئاسة الولايات المتحدة في يناير 2001، كانت الانتفاضة الفلسطينية الثانية في أوجها، بعد اقتحام «شارون» باحات المسجد الأقصى، يوم 28 سبتمبر عام 2000.

«فيتو» أمريكي لمنع قوة مراقبة دولية بالأراضي المحتلة

تظهر الوثائق أن مسؤولين في فريق بوش الرئاسي طلبوا من الزعيم الفلسطيني وقف الانتفاضة، لبدء مفاوضات أمنية مع إسرائيل، كما لجأت الولايات المتحدة إلى استخدام حق «الفيتو»، لمنع صدور قرار من مجلس الأمن الدولي، يدعو إلى تشكيل قوة مراقبة دولية لحماية المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وسط اتهامات لجيش الاحتلال الإسرائيلي باستخدام «القوة المفرطة».

إحدى الوثائق تتضمن فحوى محادثة هاتفية مطولة بين بوش ورئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت، توني بلير، تناولت تطورات الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكتب جون سويرز، السكرتير الشخصي لبلير، في محضر المباحثات، أن رئيس الوزراء «أبدى قلقه على عرفات»، قائلاً إن الزعيم الفلسطيني «فعل أقصى ما يمكن أن يفعله بشكل بناء، ويعمل فقط على الاحتفاظ بموقعه».

ورد الرئيس الأمريكي الأسبق على ما ذكره بلير، بأن وصف «عرفات» بأنه «ضعيف ولا منفعة منه»، كما كشف بوش عن أنه طلب من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA، البحث عن «خليفة محتمل» للزعيم الفلسطيني، واستطرد الرئيس الأمريكي قائلاً إن «الوكالة بحثت بالفعل في المشهد الفلسطيني بكل دقة، وخلصت إلى أنه ليس هناك خليفة متاح».

بوش يؤيد ضربات إسرائيلية لحرس عرفات الشخصي

وبينما تشير الوثائق، التي جرى الإفراج عنها هذا الأسبوع، إلى وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت، كولن باول، أبدى تحفظه على خطة بوش الرامية للتخلص من عرفات، لم تتضمن الوثائق أي إشارة، لا من قريب أو بعيد، عن موقف رئيس الوزراء البريطاني إزاء خطة الرئيس الأمريكي، رغم أن بلير أقر صراحةً بأن عرفات «قدم كافة التنازلات الممكنة»، على حد ما ذكرت الإذاعة البريطانية.

وتتطرق الوثيقة إلى أن التقييم البريطاني للوضع في ذلك الوقت، أن واشنطن تؤيد عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي للتعامل مع الانتفاضة الفلسطينية، بما في ذلك استهداف أفراد الدائرة الأمنية المقربة من عرفات، حيث كتب «سويرز» أن «الرئيس الأمريكي بدأ يتخذ مواقف متشددة بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط، من خلال مباركته لضربات إسرائيلية تستهدف الحرس الشخصي لعرفات».

وقبل نحو 5 أسابيع من ذلك الاتصال، استقبل الرئيس الأمريكي رئيس الوزراء البريطاني في واشنطن، بحضور وزير الخارجية، كولين باول، الذي أبلغ بلير بمخاوفه من سقوط الزعيم الفلسطيني، قائلاً: «لو انهارت السلطة الفلسطينية، سنفقد عرفات»، إلا أن بوش وصف الزعيم الفلسطيني بأنه «تاجر جيد»، وتابع أنه ليس متأكداً من قدرة عرفات على إبرام اتفاق مع إسرائيل.

وبعد نحو 4 سنوات، وتحديداً يوم 11 نوفمبر 2004، توفى الزعيم الفلسطيني في إحدى المستشفيات بالعاصمة الفرنسية باريس، بعدما فشل الأطباء في إنقاذه من نزيف دماغي أصيب به، وسط مؤشرات متزايدة على تعرضه للتسمم، الأمر الذي دفع جماعات فلسطينية وأطراف عربية إلى اتهام سلطات الاحتلال باغتيال «أبو عمار»، إلا أن الحكومة الإسرائيلية نفت أي صلة له برحيله.


مواضيع متعلقة