م الآخر| تيري هنري.. الملك الذي ترك مدفعه خالياً!

كتب: نادر محمد

م الآخر| تيري هنري.. الملك الذي ترك مدفعه خالياً!

م الآخر| تيري هنري.. الملك الذي ترك مدفعه خالياً!

التاسع من يناير عام 2012، ليلة أخرى من ليالي لندن الباردة، ولكن ربما كان الحفل المقام بملعب الإمارات الممتلئ عن آخره بأنصار المدفعجية لمتابعة مباراة فريقهم أمام ليدز يونايتد في الدور الثالث لكأس الاتحاد الانجليزي، كفيل بأن يبعث الدفء في أوصال جماهير "المدفعجية" خاصة في حضور الأسطورة على مقاعد البدلاء. الجماهير تهتف في المدرجات أملاً في الفوز، الجميع هنا يشجع ويهتف ويؤازر، ستجد صعوبة في التمييز بينهم ليس لأن الجميع ارتدى قميص الأرسنال المميز بلونيه الأحمر والأبيض، ولكن لأنهم ارتدوا نفس الرقم ""12 ونفس الاسم "هنري". يقول هنري عن مشواره مع الأرسنال: "كنا صغاراً، فرحين بالكرة، وبأنفسنا، نشعر بأنفاسِ الجماهير معلقة بنا، لذلك فأنا أفتقد لندن وأرسنال، أفتقد الوطن، أفتقد الشعور بأنني في البيت، وأتمنى أن تتاح لي فرصة العودة من جديد ولو ليوم واحد". نعم لقد عاد، جاء خبر عودة الغزال الأسمر تيري هنري لفريقه القديم على سبيل الإعارة قادماً من فريقه الأمريكي فريق نيويورك ريد بولز، ليتصدر وسائل الإعلام الإنجليزية والعالمية، وها هو الآن يجلس في مباراته الأولى بعد العودة، يسترجع ذكريات ومشواراً أسطورياً قضاه مع "الجانزر" على مدار ثمانية مواسم بدأت عام 1999 حتى عام 2007. مر الشوط الأول سلبياً، أرسين فينجر يطلب من هنري الإحماء استعداداً لنزوله، يتفاعل الجمهور بالتصفيق والهتاف للنجم الأسمر، وكاميرات الهواتف المحمولة تسجل لحظات العودة إلى البيت. تمر الدقائق وتتوتر الأجواء، لتأتي الدقيقة الثامنة والستون معلنة عن نزول تيري هنري، فيرفع احدهم لافتة (مرحباً يا هنري في بيتك)، والتشجيع الحماسي يتصاعد احتفالاً بأول مشاركة لنجم الأرسنال بعد غياب دام 5 سنوات. يخطو خطواته الأولى في الملعب، فيشعر صاحب الــ 37 ربيعاً أنه في شرخ الشباب، يركض هنا وهناك، يتذكر لونينبرج وبيريز وبييركامب ورياس ولورين وكامبل وفييرا وكانو، هنا كان الأصدقاء، هنا كان الحلم والحب ومتعة الكرة، هنا كان كل شئ جميلاً. الدقيقة 78، هنري يتسلل من بين مدافعي ليدز، "ألكسندر سونج" يرسل له تمريرة بينية بيمينه تحمل خبرة السنين، يستلمها هنري بيمناه ويسددها بمنتهى السلاسة على يمين الحارس لتسكن الشباك، في هدف يحمل رقم 12 بإمضاء ماركة مسجلة "تيري هنري"، لينفجر الملعب فرحاً بالهدف التاريخي، ويتحول هنري لطفل يقفر فارداً ذراعيه للجمهور، يركض وهو يصرخ من الفرحة، فقد عاش الحلم مرة أخرى بعد سنوات ظن فيها أن تلك اللحظة لن تتكرر، يذهب للأب الروحي فينجر ليحتضنه، "تيري هنري" يسمع اسمه يملأ أجواء ملعب الإمارات ويخرج من حناجر جمهور الجانرز، انها حقاً لحظات من ذهب. يقول اللاعب الفرنسي في تصريحات نقلتها صحيفة "التليجراف" البريطانية أن أروع هدف أحرزه للأرسنال كان فى مرمى ليدز يونايتد عام 2012، حيث فاز الأرسنال بهدف حمل توقيعه. وتابع: "لاحظوا الحماس.. لم تشاهدونى من قبل هكذا.. تلك اللحظة لخّصت علاقتى بالمدرب أرسين فينجر والجمهور". وأضاف: "لو كان بإمكانى الصعود إلى المدرجات لتحية الجماهير لفعلت، بل حتى الحكم أحييه، كنت أشعر أنّى فى مكان آخر". وعلى الرغم من مسيرة هنري الناجحة في عدد من الأندية، إلا أنه ظل يعتز بثماني سنوات قضاها بين جدران نادي المدفعجية، ولم يكن هذا الاعتزاز من جانب واحد إذ ثمن النادي اللندني جهوده بتخليد ذكراه بتمثال من البرونز أمام ملعب الإمارات، حيث أحزر المدفعجي 228 هدف خلال 376 مباراة، وحقق الدوري الإنجليزي مرتان، وكأس الاتحاد الانجليزي ثلاث مرات، والدرع الخيرية مرتان. وأعلن تيري هنري مشواره في الملاعب الخضراء في السادس عشر من ديسمبر عام 2014، بعد رحلة مع الكرة استمرت 20 عاماً حقق فيها انجازات عظيمة بجانب مشواره الحافل مع الأرسنال، فحقق الدوري والسوبر الفرنسي مع موناكو الفرنسي، ودوري الأبطال والسوبر الأسباني والسوبر الأوروبي وكأس الملك ومونديال الأندية مع برشلونة الأسباني. أما على الصعيد الدولي، فقد حقق مع منتخب الديوك الفرنسية كأس العام عام 1998، وكأس الأمم الأوروبية عام 2000، وكأس العالم للقارات عام 2003. اعتزل هنري الكرة، وترك مدفع أهدافه فارغاً في الأرسنال، وأكد أنه يتطلع يوماً ما لشغل القيادة الفنية لفريقه المفضل، ربما سننتظر يوماً ما، ليعود هنري مدفعجياً جديداً، ولكن تلك المرة كمدرب.