3 سنوات من العذاب.. «محمد» خرج للعلاج وعاش مشردا وعاد بفضل شقيقه في الكويت

3 سنوات من العذاب.. «محمد» خرج للعلاج وعاش مشردا وعاد بفضل شقيقه في الكويت
بعد انفصاله عن زوجته دخل فى حالة نفسية سيئة، لينتقل «محمد» للعيش مع والدته التى كانت ترعاه ليلاً ونهاراً، إلا أن حالته ازدادت سوءاً يوماً بعد يوم لتنتهى بفراقه لوالدته التى لم تجف دموعها ولم يهدأ بالها منذ غيابه، كونها لا تعلم مصيره، ثم يعود الأمل لها من جديد بعد العثور عليه، لتلتقى به بعد 3 أعوام و4 أشهر.
كان «محمد»، 49 عاماً، يعمل باليومية لتوفير نفقات زواجه بالفتاة التى أحبها أكثر من روحه، كان يبادلها مشاعر صادقة ونبيلة، وكان ينتظر ليلة زفافهما بفارغ الصبر، إذ تخيل أن حياته ستصبح وردية مثل الأفلام والمسلسلات، لكن القدر كان له رأى آخر، بعد أن ذهبت أحلامه أدراج الرياح.
عاش «محمد» مع زوجته فى محافظة البحيرة على الحلوة والمرة، لكنهما لم يستطيعا الإنجاب على الرغم من عدم وجود أى مشكلات صحية، ولم تستطع الزوجة الانتظار وطلبت الطلاق منه، بعد قصة حب استمرت لسنوات عديدة، ورضخ لما تريده بعد إصرارها، وعاد لوحدته بين جدران منزله، ما أصابه بحالة نفسية سيئة.
وبمرور الأيام فشل فى التكيف مع حياته الجديدة، وازداد الأمر سوءاً مع الوقت، حتى لاحظ أشقاؤه ما يمر به وقرروا عرضه على طبيب نفسى، بحسب شقيقه «سامى»، 43 عاماً، سائق «توك توك» لـ«الوطن»: «لاحظنا إن أخويا مش مركز ودايماً سرحان وفيه حاجات بيقولها كأنها مش موجودة، عشان كده قررنا نعرضه على دكتور».
ذهب مع شقيقه لأحد أطباء الأمراض النفسية فى المنوفية واختفى فى غرفة الاستقبال
وفى أحد الأيام ذهب «محمد» مع شقيقه إلى طبيب نفسى فى شبين الكوم بمحافظة المنوفية، وتركه شقيقه فى غرفة الانتظار حتى يأتى دوره، وما إن غاب عنه عدة دقائق حتى اختفى، وفشلت محاولات العثور عليه، لتتقدم الأسرة ببلاغ إلى قسم شرطة شبين.
حاولت أسرة «محمد» العثور عليه، فكان أشقاؤه يذهبون إلى شبين الكوم كل فترة للبحث عنه لفترة طويلة تستمر لـ3 أو 4 أيام، تاركين أعمالهم وأطفالهم، ويطبعون صوره على الجدران فى الشوارع، وينشرونها عبر مواقع التواصل الاجتماعى، أملاً فى إيجاده حتى تهدأ والدته وتكف عن البكاء والصراخ ليلاً ونهاراً على فلذة كبدها، بداخلها أمل رؤيته من جديد، واستمرت على هذا الحال لفترة طويلة.
فى تلك الفترة كان «محمد» يمر بأسوأ فترات حياته، بالسير فى الشوارع طوال اليوم، وتناول بقايا الطعام، سواء من الناس أو من سلات القمامة، وأخذته قدماه حتى وصل إلى مدينة الضبعة بمحافظة مطروح، والتقط له أحد الأهالى صورة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى بـ«جروبات» المفقودين: «فيه واحد ابن حلال شافه ونزِّل صورته على صفحة المفقودين، وبالصدفة أخويا اللى فى الكويت شافه وقال لنا واتواصلنا مع الشخص اللى نزّل صورته، ووصّلنا بيه».
عثر أشقاء «محمد» عليه وعادوا به إلى محافظة البحيرة، ليلتقى بأمه بعد غياب 3 أعوام و4 أشهر، فاحتضنته بقوة والدموع فى عينيها، وكرّست كل وقتها للاعتناء به، وعاش فى شقته بمنزل العائلة، يُقدَّم له الطعام والشراب ويُعتنى بحالته الصحية، وما زالت حالته تحت تأثير الصدمة ولم يتعاف بعد: «أبونا متوفى وأمى أول ما شافته قعدت تعيط، هو لسه تعبان نفسياً وإحنا بنحاول نخفف عنه».