«فايزة» وأولادها الأربعة.. جميعهم من ذوي الهمم وتولت تربيتهم بمفردها

كتب: محمد عبدالعزيز

«فايزة» وأولادها الأربعة.. جميعهم من ذوي الهمم وتولت تربيتهم بمفردها

«فايزة» وأولادها الأربعة.. جميعهم من ذوي الهمم وتولت تربيتهم بمفردها

تحاول إسكات أحدهم، فيبدأ الآخر بالشغب، فتقوم بتهدئته، فيخرج الثالث مُحاولًا العبث بما تعده من طعام، والرابع يخرج من المنزل دون تحديد وجهته، فربما لا يستطيع العودة، هكذا تعيش ليلًا ونهارًا، ربما تكون أوقات النوم هي الوحيدة في حياة الحاجة فايزة شبل سلامة، التي تعيش فيها مرتاحة البال، فمع ساعات الصباح الأولى، تبدأ رحلة المشقة والمُعاناة، مع 4 أبناء رجال، من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومع الظلام الدامس، تهدأ حياتها، لكنها تستيقظ تائهة في منتصف الليل، خوفًا من استيقاظ أحدهم بمفرده وتعريض حياتهم للخطر عن طريق أفعال لا يعرف نتائجها.

«فايزة» تعيش بقرية ابتوك بمركز شبراخيت في محافظة البحيرة، تزوجت منذ سنوات طويلة لا تقدر على تحديد عددها، وضعت طفلها الأول «هشام» وهو أكبر أبنائها بسن 48 عامًا، ولد طبيعيًا وفي عامه الثاني ظهرت إصابته بكهرباء زائدة على المخ، والثاني «وائل» وعمره 45 عامًا، والثالث «تامر» عمره 40 عامًا، وأخيرًا «خليفة»، وعمره 30 عامًا، والثلاثة خرجوا إلى الحياة بنفس مرض أخيهم الأول.

«فايزة» تُربي 4 أبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة

تولت «فايزة» تربيتهم دون النظر للظروف، فزوجها يعمل في الفلاحة، واعتمدت على نفسها، حتى ارتسم معاناة حياتها على جبينيها وانحناءة ظهرها، سنوات تتعامل معهم كأطفال، رغم اقتراب أكبرهم من الوصول لنصف قرن من الحياة، لا يهدأ صوتها في أرجاء المنزل سوى ثوان معدودة، حتى يعود مُرددة بأعلى صوت لها: «يا هشام.. يا ابني كده غلط.. يا خليفة كفاية»، تروي لـ«الوطن»: «ولادي الرجال الأربعة من ذوي الإعاقة، بيعانوا من كهرباء زيادة على المخ، رغم إني أنا وزوجي الحاج رشاد مش قرايب، كان حظي في الدنيا كده، أعمل إيه».

لدى «فايزة» بنت أخرى، تعرضت لحادث منذ 5 سنوات، لكنها بحال جيد، وتزوجت وتعيش مع زوجها، وتتولى «فايزة» بمفردها مسؤولية الرجال الأربعة، مع انشغال زوجها الحاج «رشاد» في العمل، حيث يعاني هو الآخر من إعاقة طفيفة: «أنا والحاج رشاد راضيين بقضاء الله وقدره».

«فايزة» كعب داير على المستشفيات لعلاج رجالها

تُجهز الأم المكافحة الطعام لأبنائها الرجال كل يوم، وتؤكلهم بنفسها، وتساعدهم في ارتداء الملابس، ولم تبخل عليهم بالعلاج، فسنوات طويلة ظلت كعب داير على جميع المستشفيات حتى فقد أمل علاجهم، تقول: «والله تعبت»، مرات عديدة فقدت «فايزة» وزوجها أحد الأبناء نتيجة خروجه بمفرده، ولم يستطع العودة إلى المنزل: «عملت ليهم اسورة صغيرة مكتوب فيها أسمائهم، عشان لما حد منهم يتوه نقدر نرجعه تاني».

أمنية «فايزة» في الحياة

تتمنى «فايزة» أن تفرح بواحد من أبنائها وتزوجه، كغيره من أبناء قريته، تستكمل بصوت بطيء أنهكه الزمن، تتنهد قائلة: «نفسي أجوزهم، نفسي أفرح بيهم زي بقية الناس، كل زمايلهم تزوجوا وعندهم أولادهم وأنا لا، ربنا مش هيرزقني بحفيد يحمل اسمنا، الحاج رشاد مش بيسيب فرح إلا لما يروح يدي النقطة، وإحنا عمرنا ما هتوصلنا نقطة، نفسي بس الناس تخلي بالها منهم لما أموت».


مواضيع متعلقة