الأنبا إبراهيم إسحق يكتب: شمس منيرة للأبد

كتب: نوران علام

الأنبا إبراهيم إسحق يكتب: شمس منيرة للأبد

الأنبا إبراهيم إسحق يكتب: شمس منيرة للأبد

- الليلة التى ولد فيها يسوع المسيح فى بيت لحم، كانت هناك مجموعة صغيرة من الرعاة الفقراء يرعون قطيعهم وكان الهدوء يخيم على المكان. لم تكن الليلة مختلفة عن آلاف الليالى الأخرى، لكن ما كان على وشك أن يحدث سوف يغير ليس فقط حياة هؤلاء لكن سيغير حياة المليارات من البشر على مر العصور، فالعالم أبداً لن يعود إلى سابق عهده. فقد أضاءت السماء فجأة بنور ساطع وظهر لهم ملاك الرب وأعلن لهم بشرى ميلاد يسوع المسيح كلمة الله.

- يأتى احتفالنا بعيد ميلاد المسيح ليدعونا إلى الفرح والرجاء. هناك من يعتقد أن الحياة لا معنى لها وأن الموت والكراهية يشكلان الكلمة الحاسمة على قصة الوجود الإنسانى. لكن الرجاء المسيحى يستند على الإيمان بالله الذى يخلق دائماً أموراً جديدة فى حياة الإنسان، فى التاريخ وفى الكون. إلهنا هو الإله الذى يخلق كل شىء جديد، إله المفاجآت. لذلك فالاحتفالات بعيد الميلاد المجيد تؤكد كل مرة أننا نؤمن بأنه فى أفق الإنسان هناك شمس منيرة للأبد.

- ستكون هناك مشكلات.. سيكون هناك القيل والقال والحروب والأمراض.. غير أن القمح ينمو. إننا لا نملك المستقبل ولكننا نعرف أن يسوع المسيح الكلمة المتجسد هو نعمة الحياة الأعظم، هو عمانوئيل (الله معنا) يعزينا ويقودنا فى مسيرتنا.

- تذكر أن العدو الأول ضد الرجاء والذى ينبغى السيطرة عليه، هو فى داخلك وليس فى الخارج، لذا لا تترك مجالاً للأفكار المريرة والمظلمة، وارجُ حيثما زرعك الله ولا تستسلم للظلمة. آمن بوجود الحقائق الأسمى والأجمل، ثق بالله الخالق وبالروح القدس الذى يحرك كل شىء نحو الخير. تذكر أن العالم يسير بفضل العديد من الأشخاص الذين فتحوا أبواباً وبنوا جسوراً وحلموا وآمنوا حتى عندما كانوا يسمعون حولهم كلمات الاستهزاء والسخرية.

- إن شعرت بالفراغ وفقدان العزيمة، اطلب من الروح القدس أن يملأ عدمك من جديد. اصنع الخير وسط البشر، ولا تصغ لصوت من ينشر الحقد والانقسامات.

- لا تفكر أبداً أن جهادك على الأرض غير نافع على الإطلاق، لأن الله قد وضع رجاءً فى قلوبنا والله لا يخيب صاحبه. وإنما يجعلنا تزهر فى ربيع أبدى، فابن حيثما تكون واسمح للآخرين بأن يساعدوك لتقف على رجليك.

- احلم ولا تخف أن تحلم بعالم لا يمكن رؤيته الآن، ولكنه سيأتى بالتأكيد عندما يكون الله الكل فى الكل، فإن الأشخاص القادرين على التخيل والحلم، قدموا للإنسانية اكتشافات علمية وتكنولوجية، عبروا المحيطات ومشوا على أراضٍ لم يطأها أحد أبداً. إن الذين زرعوا الرجاء هم أيضاً أولئك الذين غلبوا العبودية وحملوا لهذه الأرض أوضاع حياة أفضل.

- كن مسئولاً عن هذا العالم وعن حياة كل إنسان، اطلب يومياً من الله عطية الشجاعة وتذكر أن يسوع قد غلب من أجلنا الخوف عدونا الأكبر. وإن تملكك الخوف يوماً أو ظننت أن الشر أكبر بكثير منك، فكر ببساطة أن يسوع فى داخلك. وهو الذى بتواضعه يريد أن يخضع جميع أعداء الإنسان: الخطيئة والحقد، الجريمة والعنف.

- إن أخطأت فقم وانهض مجدداً، لا تسمح لخطاياك وأخطائك بأن تسجنك، لأن كلمة الله المتجسد ربنا يسوع لم يأت من أجل الأصحاء وإنما من أجل المرضى وبالتالى من أجلك. وإن أصابتك المرارة فثق بثبات بجميع الذين ما زالوا يعملون من أجل الخير، ففى تواضعهم هناك بذرة وعالم جديد. عاشر الأشخاص الذين ما زالوا يحافظون على قلوبهم كقلوب الأطفال. عش، احبب احلم، آمن، وبنعمة الله لا تيأس أبداً.

بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك


مواضيع متعلقة