دلالات خطيرة من تعليقات على الإمام الأكبر

حسين القاضى

حسين القاضى

كاتب صحفي

كتب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب على صفحته الرسمية منشوراً، قال فيه: «أهنئ إخوتى وأصدقائى الأعزاء البابا فرنسيس، والبابا تواضروس، ورئيس أساقفة كانتربرى، وبطريرك القسطنطينية، وقادة الكنائس، والإخوة المسيحيين فى الشرق والغرب بأعياد الميلاد، وأدعو الله أن يعلو صوت الأخوّة والسلام، ويسود الأمان والاستقرار فى كل مكان».تنوعت التعليقات على منشور فضيلته، ما بين تعليقات مؤيدة، ثم تعليقات رافضة، استخدم فيها أصحابها ألفاظ البذاءة والسوقية والسخرية والإهانة والتنقيص والتكفير المباشر وغير المباشر لشيخ الأزهر، وهذه التعليقات تعكس عدة دلالات مهمة نوجزها فى السطور القادمة:

1- الذين قاموا بسب الإمام والسخرية منه واتهامه بالشرك كانوا سلفيين أو إخوانًا أو أزهريين أو ينتمون للتدين بوجه ما، وبينهم طالبات وطلبة يدرسون فى الأزهر.

2- دلالة هذا الكم من التعليقات التى تتهم شيخ الأزهر بالتكفير والشرك وتمييع الدين، وتخرج من بعض الأزهريين تؤكد أن ما يؤمن به شيخ الأزهر وعلماؤه الأجلاء شىء، وقناعات بعض الأزهريين شىء آخر، ولا بد هنا من تعديل فى المقررات الدراسية الأزهرية لمعالجة هذا البون الشاسع بين فكر معتدل يؤمن به كبار علماء الأزهر وبين فكر عنيف يؤمن به بعض الأزهريين.

3- إن عدداً من الأزهريين الواعين كتبوا يبينون أن التهنئة تتوافق مع مقاصد الشرع وأخلاقياته، وعدد من الأزهريين وفيهم مسئولون وكبار صمتوا، مع أنه كان يُنتظر منهم انتفاضة تدافع عن الإمام الأكبر، وترد عرضه، وتدرأ الفتن الطائفية، وتبين أنه لم يخالف المذاهب الفقهية، ولم يقع فى شرك أو كفر كما زعموا، وغالباً نرى الدفاع عن الإمام يستعر إذا كان الهجوم من الطرف العلمانى، أما إذا كان من التيارات المتأسلمة فيكون الصمت هو الشعار.

4- دلالة مهمة تمثلت فى مشاركة أزهريات فى تكفير وسب الإمام كرد فعل على تهنئته، تجعلنا نسأل الدكتورة إلهام شاهين عن دور الواعظات فى محاربة هذا التطرف بين الفتيات؟

نعم، المسئولية أكبر من أن تقع على عاتقها وحدها، فالأمر جد وخطير، حينما تصرح طالبات أزهريات بأن الإمام الأكبر ارتكب شركاً وكفراً لمجرد تهنئته للمسيحيين بأعيادهم.

5- ناقوس الخطر الأكبر هو أن ما حدث يؤكد أن جهود محاربة التطرف ما زالت تحتاج إلى جهود أكبر، فالتطرف ما زال موجوداً ومنتشراً، وإخفاء هذه الحقيقة أو تجميلها لن يغير من الواقع شيئاً.

والأرقام لا تكذب، فقد تمكّن المركز العالمى لمكافحة التطرف (اعتدال)، بالتعاون مع منصة «تليجرام»، خلال عام 2022، من إزالة 15 مليوناً و21 ألفاً و951 محتوى متطرفاً، وإغلاق 6 آلاف و824 قناة متطرفة مستخدمة لبث تلك الدعاية المتطرفة عبر «تليجرام»، ونجح فريق العمل المشترك فى رصد وإزالة 8 ملايين و494 ألفاً و35 محتوى متطرفاً تعود إلى 3 تنظيمات متطرفة فقط بثها عبر 3 آلاف و616 قناة.

وختاماً: إن الموقف أكبر من تعليقات غاضبة تنتهى بانتهاء وقتها، بل إننا أمام حالة تطرف كفيلة بأنها تحرق الأخضر واليابس، وتحول الوطن إلى فوضى متى سمحت لها الظروف، فحينما يتم اتهام شيخ الأزهر بأنه أشرك بالله وباع دينه وهادن الكفار!!

لمجرد أنه قدَّم التهنئة للمسيحيين بأعيادهم، ويكون بعض الذين اتهموه يدرسون فى المؤسسة التى يرأسها الإمام الأكبر وسط صمت ممن يجب عليهم الكلام، فالأمر يصير خطيراً جداً.