باحثة مصرية بألمانيا لـ«الوطن»: نستهدف إيجاد حلول مستدامة لتطوير القنوات المائية بمصر

كتب: سماح حسن

باحثة مصرية بألمانيا لـ«الوطن»: نستهدف إيجاد حلول مستدامة لتطوير القنوات المائية بمصر

باحثة مصرية بألمانيا لـ«الوطن»: نستهدف إيجاد حلول مستدامة لتطوير القنوات المائية بمصر

أكدت الدكتورة سارة فؤاد، أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة ميونخ الألمانية، أنّ الممرات المائية بمصر تعاني من تحديات تغير المناخ، والزيادة المطردة في السكان وبناء السدود في منبع نهر النيل، مشيرًة إلى أنها تعمل على بحث يستهدف إيجاد حلول مستدامة لمواجهة العجز المائي.

وأضافت «سارة»، في حوار لـ«الوطن»، أنّ وزير الري أثنى على الدراسة، كما أبدا استعداده لتطبيق نتائج البحث، لافتة إلى أنّ تطبيق بحثها سيكون أكثر كفاءة من الاعتماد فقط على الحلول التقنية، كما سيعمل على تحسين الحالة الصحية لعدد كبير من سكان الدلتا، وسيعيد ارتباطهم الثقافي بهذه المسطحات المائية.

وإلى نص الحوار:

* حدثينا عن أهمية وتفاصيل بحثك الخاص لمواجهة العجز المائي بتطوير المجاري المائية؟

- يعتبر أمن مصر المائي واحدًا من أهم القضايا التي تولي لها الدولة اهتمامًا بالغًا، نتيجة لما تتعرض له الممرات المائية من تحديات تغير المناخ والزيادة المطردة في السكان وبناء السدود في منبع نهر النيل، الذي يمثل المصدر الأساسي لحاجة مصر من المياه، حيث يتم الاعتماد عليه بنسبة 90%، لذا كان الهدف الأساسي من هذا البحث هو إيجاد الحلول المستدامة، والتي تعمل على تطوير ما تبقي من قنوات مائية لمواجهة العجز المائي.

ووصلت حصة الفرد من الماء في مصر في 2018 إلى 570 مترا مكعبًا في العام الواحد، في الوقت الذي يصل فيه المعدل العالمي إلى 1000 متر مكعب سنويًا؛ لتدخل مصر بذلك إلى الفقر المائي الحاد بناءً على ما أقرته الأمم المتحدة والبنك الدولي.

* متى بدأتي العمل في البحث؟ وما الجهات المشاركة فيه؟

- البداية في نوفمبر 2021 بمشاركة باحثين وأساتذة من جامعات أوروبا والولايات المتحدة، إضافًة إلى مشاركة الجهات البحثية المصرية، وأثمر التعاون عن خطة تطوير قائمة على تغيير الصورة البصرية للقنوات المائية، باستخدام حلول خضراء تعمل على ربط المجتمع بالبيئة الطبيعية المحيطة، وبالتالي تم ذلك بتمويل من مؤسسة «أليكسندر فون هومبولت»، التابعة لوزارة البحث العلمي الألمانية، وبمشاركة كليات الهندسة بجامعة ميونخ التقنية، ومركز هيلمهولتز للبحوث البيئية - UFZ، وماجديبورج بدولة المانيا الاتحادية، وجامعة جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والهيئة المصرية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، والمركز القومي للبحوث.

* ماذا عن استفادة مصر على أرض الواقع من هذا البحث وحلول مواجهة إلقاء المخالفات في الترع؟

- تعمل الحكومة على تبطين الممرات المائية لمجابهة العجز المائي، الذي يهدد الأمن المائي والغذائي للمصريين، الذين تخطى تعدادهم 100 مليون نسمة، حيث وضعت خطة لتطوير وتبطين قنوات الري التي يبلغ طولها 31 ألف كيلومتر في خطة تطوير شبكات الري بين عامي «2017 - 2037»، وعلى الرغم من جهود التطبيق السريع لهذه الاستراتيجيات، إلا إنه تم التعدي على عدد من الترع التي تم تطهيرها وتبطينها وتحولت إلي مكب للنفايات خلال أسابيع قليلة من تطويرها نتيجة لعقود من التغيرات الاقتصادية والإجتماعية، ما أدي إلي الزحف العمراني علي الأراضي الزراعية، وما تبعها من تقلص المساحة الخضراء، وردم عدد كبير من الترع، خاصة في الدلتا، وأدى النمو السكاني السريع بمتوسط سنوي 1.9% من 1961 إلى 2020، إلى تقلص المساحة الإجمالية لهذه القنوات من 207.912 هكتارًا في 1987 إلى 146.381 هكتارًا في 2019 (أي ما يعادل 30% من مساحة القنوات في الدلتا النيل)، إضافًة إلي التوسع العمراني على ضفاف تلك القنوات من مساحة 90.700 هكتار في 1990 (أي ما يعادل 907 كم) إلى مساحة 240.800 هكتار في 2019 (2408 كم)، أي أكثر من 250% لنفس الفترة تقريبًا، وتكشف نتائج هذه الدراسة أهمية التشجير والزراعة الحضرية بإنشاء جيوب من المساحات الخضراء على طول القنوات المائية في الدلتا، والتي تساعد على تقليل أضرار تغير المناخ، حيث تعمل على إمتصاص إنبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كما تساهم بدورها في خلق مناطق مظللة تقلل من التبخر وبذلك يمكن أن تساهم هذه الحلول في تقليل العجز المائي في مصر بنحو 11%.

* هل تم التواصل مع جهات مسؤولة في مصر لعرض البحث عليه؟

- بالفعل تم التواصل مع الدكتور هاني سويلم وزير الري والموارد المائية، والذي أثنى على الدراسة، كما أبدى استعداده لدراسة تطبيق نتائج البحث، إذ يسعى في الوقت الراهن إلى تسليط الدور بشكل أكبر على الحلول المتنوعة بالمشاركة مع التخصصات المختلفة للعجز المائي.

* ما الجهات التي تريد المشاركة في البحث لتحقيقه؟

- تعتبر مشاركة العديد من الوزارات ذات التخصصات المختلفة عاملًا أساسيًا في تطوير شبكة القنوات الري في الدلتا، فكل من وزارات «الزراعة، الري، التعليم العالي والبحث العلمي، البيئة، الإسكان» لكل واحدة منها دورها المحوري في تنفيذ خطة التطوير مع تأكيد أهمية المشاركة المجتمعية لضمان استدامة هذه الحلول.

* كم مدة تطبيق نتائج البحث؟

- يعتمد ذلك على توافر الأليات والإمكانيات، حيث تم تقييم التكاليف المطلوبة لإعتماد هذه الحلول لتطوير الممرات المائية بدلتا النيل بنحو 2.26 مليار دولار، إضافة إلى تكلفة التطوير الحالية التي أقرتها الحكومة في وقت سابق، وتحقق هذه التكلفة كفاءة حل التصميم المقترح في البحث، وسيكون أكثر كفاءة من الاعتماد فقط على الحلول التقنية، والتي على أثرها تتكبد الدولة ملياري دولار سنويًا؛ لمعالجة تلوث المجاري المائية، كما أنه سيعمل على تحسين الحالة الصحية لعدد كبير من سكان الدلتا الذين يعيشون بالقرب من هذه الممرات المائية، وسيعيد ارتباطهم الثقافي بهذه المسطحات المائية، ما يعزز تمكين دورهم في الحفاظ على القنوات المائية والتنمية الزراعية.


مواضيع متعلقة