استراتيجية تنظيم شئون الكنيسة في عهد البابا تواضروس: رعاية وعمل روحي وإداري بنظام فعال-تشجيع الحوار-دور المجتمعي

استراتيجية تنظيم شئون الكنيسة في عهد البابا تواضروس: رعاية وعمل روحي وإداري بنظام فعال-تشجيع الحوار-دور المجتمعي
- تنظيم شئون الكنيسة
- العمل الروحى
- متحدث باسم الكنيسة
- لائحة المجمع المقدس
- تنظيم شئون الكنيسة
- العمل الروحى
- متحدث باسم الكنيسة
- لائحة المجمع المقدس
من الصفوف الخلفية، جاء «تواضروس الثانى» بلا سعى منه ليكون فى المقدمة، وهو مَن لا يمتلك كاريزما القيادة وليست له خبرة سلفه «شنودة الثالث»، إلا أنه طمح وهو فى الستين من عمره أن يترك بصمته ويحول الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى مؤسسة حديثة، فكانت «الإدارة» هدفه لتحقيق حلمه، فوضع «ترتيب البيت الكنسى من الداخل» عنواناً عريضاً وهدفاً له منذ وصوله إلى الكرسى المرقسى فى 18 نوفمبر 2012م، وسعى إلى تنفيذه، رغبة فى نقل الكنيسة من إدارة الفرد إلى العمل المؤسسى القائم على أسس إدارية حديثة.
انطلق البابا الجديد لتنفيذ مهمته منذ اليوم الأول، فبعد أربعة أيام من جلوسه على كرسى مارمرقس، ترأس لأول مرة اجتماع المجمع المقدس وأعلن منهجه واستراتيجية المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أنه سيعمل بفريق العمل وأن بابه مفتوح للكل.
وفى ذات الاجتماع، حدد البابا 5 محاور للعمل الكنسى خلال الفترة المقبلة، وقرر تكوين 5 ورش عمل لمناقشتها، وعمل وثيقة عمل لها لضبط العمل الكنسى وتنشيط مجالات الرعاية الكنسية المتعددة والاهتمام بنقاط الضعف وثغرات العمل، وتلك المحاور الخمسة هى: «التأكيد على روح الأبوة والرعاية، التأكيد على أهمية العمل الروحى قبل الاجتماعى، وتشجيع الحوار بين الكنائس، والتأكيد على أهمية العمل الإدارى من خلال نظام فعال، التأكيد على العمل المجتمعى والتنموى».
وتوالت بعد ذلك اجتماعات البابا وخاصة مع سكرتارية المجمع المقدس لمناقشة خطته فى تغيير مسئوليات بعض الأساقفة والكهنة، وأعلن ابتعاده وقتها عن اختيار سكرتاريته من الأساقفة، بل لأول مرة قام البابا بإعلان مسئولية ومهام سكرتاريته وأرقام هواتفهم فى مجلة الكرازة الناطقة بلسان الكنيسة.
وقرر «تواضروس» عودة اللقاء الأسبوعى الذى كان يعقده البابا شنودة، على أن يبدأ اللقاء الأول مع البابا كل أربعاء بدلاً من الجمعة اعتباراً من 30 يناير 2013م.
وفى العيد الأول لتجليسه، عبر البابا خلال لقائه مع أعضاء المجمع المقدس عن أحلامه خلال الفترة المقبلة التى انصبت حول 5 محاور هى: «(رسامات الأساقفة) واستقرار الرعاية فى جميع المناطق وكذلك تأسيس إيبارشيات جديدة، و(الاهتمام بالرهبنة والرهبان والأديرة) باعتبار أن قوة الكنيسة مرتبطة بقوة الرهبنة، و(المعاهد العلمية والإكليريكيات) حيث تمنى أن يصبح هناك منهج واحد لجميع فروع الإكليريكية وامتحانات واحدة وكذلك المعاهد التعليمية الأخرى، و(العلاقات المسكونية) عبر العمل على إيجاد أرضية مشتركة مع الكنائس الأخرى، والمحور الخامس كان (الأحوال الشخصية وقضايا الأسرة) والعمل بكل ما فى وسع الكنيسة من أجل حل تلك المشكلات بما لا يتنافى مع تعاليم الإنجيل».
ترسيخاً للعمل المؤسسي.. شكّل البابا 7 دوائر لمساعدته في خدمة الكنيسة و11 هيئة معاونة
وكان يعمل بجوار البابا ويساعده فى خدمة الكنيسة 7 دوائر هى: «شئون الكهنة - شئون التكريس - شئون الخارج - خدمة المحتاجين - المعاهد الكنسية - شئون الإعلام - المقر البابوى». هذا إلى جانب الهيئات المعاونة للبابا بحسب تخصصاتها والتى تبلغ 11 هيئة هى: «سكرتارية ولجان المجمع المقدس، السكرتارية الفنية المعاونة، المجلس الملى العام والسكندرى، هيئة الأوقاف القبطية، الديوان البابوى العام، الأسقفيات العامة، الأساقفة العموم بالقاهرة والإسكندرية، المركز الثقافى القبطى، المجلس الأعلى لشئون الأحوال الشخصية، مجلس كنائس مصر، مؤسسة بيت العائلة».
عين لأول مرة متحدثا باسم الكنيسة وأقر لوائح تنظيمية جديدة واهتم بالأوقاف القبطية
كما عين البابا فى سبتمبر 2013م أول متحدث رسمى باسم الكنيسة، وشكل لجنة لشئون الكهنة والشمامسة للنظر فى مشكلاتهم والتحقيق فى مخالفاتهم. ومن أجل انضباط العمل داخل الكنيسة، اتخذ البابا العديد من القرارات التنظيمية، وكان فى بدايتها تشكيل لجنة لحصر القضايا المقامة أمام محاكم القاهرة على اختلاف درجاتها باسم البابا وبصفته أو تلك المقامة ضده، كما شكل لجنة لحصر العقارات المملوكة ملكية خاصة للكنيسة الموقوفة والكائنة بجميع أنحاء القاهرة والإسكندرية كمرحلة أولى، والتحقق من حفظ الوثائق المثبتة لملكية هذه العقارات أو وقفها والعقود الخاصة بإيجاراتها أو استغلالها وإيراداتها بطريقة علمية منظمة، والتحقق من تسجيل وثائق ملكية هذه العقارات أو وقفها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتسجيل ما لم يتم تسجيله منها، والتحقق من شخصية وصفة من يضعون اليد على تلك العقارات والتحقق من انتظام تحصيل إيجارات أو ريع العقارات المذكورة، وإصلاح وترميم وبيان الخالى منها والمشغول وتقديم اقتراحات لحسن استغلال العقارات سالفة البيان.
وكان الهدف من تلك القرارات «الانضباط المالى داخل البطريركية وخاصة فى أوقافها» قبل أن يترأس الاجتماع الأول لهيئة الأوقاف القبطية فى 21 فبراير 2013م، وهى الهيئة التى تقدم البابا بطلب إعادة تشكيلها عام 2019م، ليصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى 18 أبريل 2019م، لأول مرة منذ 14 عاماً، تشكيل مجلس إدارة الهيئة برئاسة البابا.
واعتمد البابا على أن تكون دورة العمل الإدارى فى المناصب القيادية بالكنيسة 3 سنوات تجدد مرة واحدة فقط، ومنها سكرتارية ولجان المجمع المقدس ومجالس الأحوال الشخصية ووكلاء الإيبارشيات، بل وطال التجديد سكرتارية المقر البابوى واستعان البابا لأول مرة براهب كمدير لمكتبه فى 2020م وهو الراهب كيرلس الأنبا بيشوى. كما أسس «تواضروس» المعهد القبطى للتدبير الكنسى والتنمية فى 2015م، ويقوم بإعداد وتقديم برامج تدريبية متخصصة فى علوم الإدارة الكنسية والتنمية المجتمعية للكهنة وأمناء الخدمة وأعضاء مجالس الكنائس.
كما شكل البابا فى 2020 مكتباً فنياً له يضم 12 شخصاً كلهم من العلمانيين - ليسوا رجال دين - بينهم 3 رجال أعمال وسيدة، للمعاونة فى متابعة عدد من الأعمال الإدارية الخاصة بالبطريركية.
وسعى البابا، كما عبر فى افتتاحية مجلة الكرازة بعددها الصادر فى 17 يونيو 2016م، للوصول بـ«المنظومة الكنسية» إلى تحقيق الأداء الأفضل عبر «التواصل الكامل بينها والتنسيق الشامل لأدوارها مع التكامل فى وظائفها، والعمل بروح جماعية خالية من الأهواء الشخصية، وبعيدة عن الذاتية والفردية والانعزالية والانغلاقية».
وحرص البابا تواضروس على ترسيخ فكرة العمل الجماعى وعدم الانفراد فى اتخاذ القرارات بل عمل على اشتراك المجمع المقدس معه فى رسم سياسات الكنيسة، عملاً بمقولة إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية «كنيسة مجمعية».
ولحاجة الكنيسة للترتيب، ظل البابا فى بداية عهده مداوماً على أن ينعقد المجمع مرتين فى العام، فضلاً عن عقد سيمنار للمجمع خلال شهرى فبراير أو مارس من كل عام، إلا أنه بعد أن استتبت الأمور نوعاً ما قرر البابا أن يقتصر اجتماع المجمع على جلسة واحدة سنوياً فى مايو أو يونيو، وسيمنار سنوى يعقد فى نوفمبر.
وترسيخاً للعمل المؤسسى، وضع البابا عدة لوائح إدارة كنسية فى عدة مجالات، وهى: «لائحة تنظيم وخدمة الكهنة، دليل الرهبنة القبطية وإدارة الحياة الديرية، لائحة مجالس الكنائس، دليل الأب الأسقف ونظم إدارة الإيبارشية، دليل تنظيم الخدمة، لائحة المرتلين، ولائحة التكريس البتولى»، فضلاً عن تعديل لائحة المجمع المقدس التى وضعها البابا شنودة فى 1985، وتعديل لائحة انتخاب البطريرك الصادرة عام 1957.