«شرنقة شاهين» يقدم الوجه الآخر للمخرج يوسف شاهين بعدسة خيرية المنصور

«شرنقة شاهين» يقدم الوجه الآخر للمخرج يوسف شاهين بعدسة خيرية المنصور
- يوسف شاهين
- محمد الباز
- حدوتة مصرية
- أفلام يوسف شاهين
- يوسف شاهين
- محمد الباز
- حدوتة مصرية
- أفلام يوسف شاهين
«إن ليوسف شاهين الفضل في وضع قدمي على الطريق الصحيح في عالم السينما، وسأبقى مدينة له ما حييت، وتبقى مدرسته الشاهينية، بصدقها وعذاباتها، وتكنيكها، منهلا لكل سينمائي حقيقي يحب السينما».. بهذه العبارات تتحدث المخرجة العراقية خيرية المنصور عن يوسف شاهين، عبر كتابها الصادر طبعته الثانية بعنوان «شرنقة شاهين»، عن دار أطياف، وجاءت الطبعة بمقدمة كتبها الإعلامي الدكتور محمد الباز.
تقدم المؤلفة، قراءة جديدة لمشوار المخرج الكبير يوسف شاهين، وتمتد هذه القراءة إلى عرض الجوانب الإنسانية من المخرج الراحل، والمتمثلة في علاقته بأسرته الصغيرة وتلاميذه وبالناس في الشوارع، والجمهور، هذا إلى جانب ما ترويه خيرية المنصور نفسها، عن كواليس تعارفها والفرصة في التي أتيحت لها في العمل مع شاهين، التي ترجع إلى فترة إعداده فيلم «حدوتة مصرية»، إنتاج 1982.
تطرح «المنصور»، صورة متعددة الأوجه ليوسف شاهين، وشخصية شبه مكتملة الملامح لعالم المبدع المصري، تشمل وتتخطى طريقة تفكيره، وطريقة تعامله خلف الكاميرات والعاملين معه، والإعداد لأعماله الفنية ومواقفه من القضايا الكبرى، إلى «جو» بكل تقلباته ونزقه وعبقريته.
4 أفلام تعاونت فيها خيرية المنصور مع يوسف شاهين
وعبر رحلة سياحية ممتعة، تأخذنا المؤلفة إلى عقل وقلب يوسف شاهين، لترينا الوجه الآخر للمبدع المصري المتميز، فضلا عن شذرات مما تعلمته من مدرسة «شاهين»، خلال عملها معه في أربعة أفلام، هي «إسكندرية كمان وكمان، وكلها خطوة، والمصير» إلى جانب فيلم البداية «حدوتة مصرية».
هل قصدت «المنصور» أن تتكلم عن «جو» بصيغة الحاضر أم لم تقصد؟ لا أعرف، لكن وحتى لغير المتخصصين أو المهتمين بالسينما، فسيجدون متعة في قراءة الكتاب، إذ أنه وكون المؤلفة مخرجة في الأساس، أضاف للكتابة ميزة خاصة، وهي الحيوية في تدفق الصور، وكأنها تكتب بعدسة الكاميرا، وكأن الصور التي تقدمها ما زالت ماثلة أمام عينيها، مثلا تنقل صورة لأول زيارة لها إلى بيت شاهين بعد قدومها من العراق إلى القاهرة: «التفت إلى يمين الصالة الكبيرة ذات الطراز الفرعوني، كل شىء قديم اللوحات المعلقة على الجدران، حوض صغير من الحجر الابيض كأنه نافورة، ووسائد متناثرة على أرائك بسيطة متواضعة، كل شيء بسيط يشعرك بالألفة والدفء»
لا تلتزم المؤلفة بالخط الزمني، لترتيب الأحداث، بشكل صارم، لكنها تروي تفصيليا أول لقاء لها مع يوسف شاهين: «كانت رؤيتي له لأول مرة، حينما زار يوسف شاهين العراق وحضر تصوير فيلم (الأيام الطويلة- إنتاج 1980) للمخرج الكبير توفيق صالح، وكنت مساعدة له وحديثة التخرج من أكاديمية الفنون الجميلة».
وكانت فرصة للشابة العراقية، لكي تقتحم عالم شاهين بالحديث إليه عن قرب بشأن فيلمه «العصفور»، والحديث باستفاضة عن مدرسته السينمائية، كانت وقتها في العشرينات من عمرها إذ هي من مواليد 1958.
وعن رد فعل «جو»، قالت: «كان يصغي لي بانتباه، وعند انتهاء حديثنا إلى التفت إلى الأستاذ توفيق صالح، قائلا: عايز البنت دي مساعدة، ثم التفت إلي قائلا: تشتغلي معايا»
وتستكمل المخرجة العراقية، حكاية اللقاء، وما أعقبه من مشاعر فرح عارمة لشابة في مقتبل العمر، وكيف انتظرت بفارغ الصبر تحقيق أحلامها باستدعاء جو له وترتيبات السفر إلى القاهرة، تكون نقطة تحول في مشوارها السينمائي، لتصبح بعد سنوات أهم مخرجة سينما عراقية.
تتميز اللغة بالسلاسة والثراء في آن واحد، كما يروي الكتاب جانبا مهما من جوانب مسيرة خيرية المنصور، مُضفرا في مشوار شاهين، وهو الجانب الذي يبدأ في عملها في القاهرة كمساعد مخرج في فيلم «حدوتة مصر»، الذي يعد الجزء الثاني من سلسلة أفلام السيرة الذاتية لشاهين بعد فيلم «إسكندرية.. ليه؟»، وعبر كواليس التحضير للفيلم، تقترب المنصور من عالم شاهين المتفرد.
خيرية المنصور ذكية في رصدها، لمفردات صناعة السينما في مصر، ولا تفقد شغف السائح وروح المحب، فتحكي عن «شركة أفلام مصر العالمية يوسف شاهين وشركاه»، قائلة: من هم شركاء شاهين؟ والدته واخته وزوجته، إن حب هذه العائلة لبعضها البعض جعلتهم يضحون بأشياء كثيرة لكي يحقق شاهين طموحه ولا يبقى تحت سياط المنتجين.
ثم تتحدث أيضا عن استديو جلال، أعرق وأقدم استوديوهات التصوير السينمائي في مصر والعالم العربي، تبهر بضخامته، وتجد في الرحلة فرصة ذهبية للتعلم، تختزنها في ذاكرتها لتنقل الخبرة إلى العراق عند العودة بعد سنة ومعها شهرين بشهادة كفاءة عالية من شركة يوسف شاهين.
عبر هذه الرحلة الشيقة، ترصد «المنصور» ما كان يدور بذهنها وما قالته بالفعل في مقارنة عن واقع صناعة السينما المصرية، والصناعة نفسها في بلدها العراق، لنخلص من هذا الرصد تقدم الصناعة في مصر وكأنها أرادت الإشارة إلى ريادة السينما المصرية في المنطقة ومنذ عقود من الزمن.
لا يفوت المخرجة في هذه الرحلة الاستمتاع بأجواء القاهرة التي تفتح ذراعيها للأشقاء والمحبين: «هذه المدينة يلفها سحر من نوع خاص، وبين صخب الشباب وروحهم المرحة تتكسر كل حواجز الغربة، وأحسست كأني أعرفهم من زمن طويل».