الجفاف يفترس أوروبا.. والأمل في «قمة إنقاذ العالم» بشرم الشيخ

الجفاف يفترس أوروبا.. والأمل في «قمة إنقاذ العالم» بشرم الشيخ
مشاهد غير مسبوقة فى قارة أوروبا، أنهار تجف، أمطار فى مناطق وحرائق فى أخرى، وصخور مشؤومة تظهر من القاع لتكشف بوضوح حجم ما وصلت إليه القارة العجوز وما أحدثته موجة الجفاف الأخيرة بها، التى وُصفت بأنها أسوأ موجة منذ أكثر من 500 سنة.. الأرقام مخيفة، ويبدو أن التغيرات المناخية أصبحت كالوحش الذى يفترس الضحايا، وللمفارقة يتزامن ذلك مع أزمة طاقة دفعت دول الاتحاد الأوروبى للعودة إلى عصور الفحم.
المراقبون يرون أن هذه التحديات ستُكسب قمة «COP27» أهمية تاريخية وغير مسبوقة، وليست مبالغة أن يصف البعض قمة شرم الشيخ بـ«الفرصة الأخيرة» أمام العالم لوضع خطة عمل وآليات واضحة للتعامل مع تغير المناخ، وهو الأمر الذى تتعامل معه القاهرة بمنتهى الجدية، وأصبح الملف له أولوية كبيرة فى خطط الدولة عبّرت عنها مسارات اللجوء إلى الطاقة النظيفة، والمدن الخضراء، وغيرها من التحركات التى ينفذها الرئيس عبدالفتاح السيسى بعناية وفق رؤية استباقية للخطر القادم.
القارة العجوز تحت رحمة أسوأ موجة جفاف منذ 500 عام
وشهدت القارة الأوروبية العجوز أسابيع من الجفاف الشديد فى جميع أنحائها، بسبب تكرار موجات حارة خلال الأيام الماضية، تسببت فى انخفاض المياه فى الأنهار والبحيرات إلى مستويات لا يتذكرها سوى القليل، وهو الأمر الذى أدى إلى كشف كنوز كانت مغمورة تحت المياه، وأصبحت بفضل الجفاف ظاهرة ومرئية للجميع، وفقاً لتقرير نشره موقع الإذاعة الألمانية «دويتش فيله».
ووفقاً للتقرير فإن إسبانيا كانت من أبرز الدول التى عانت من موجات الجفاف، التى أدت إلى جفاف المياه فى خزان فالديكاناس فى إقليم كاسيريس، مما أدى إلى ظهور دائرة حجرية من عصور ما قبل التاريخ أُطلق عليها اسم «ستونهنج الإسبانية».
ولم تنجُ ألمانيا الاتحادية من موجة الجفاف التى ضربت البلاد، حيث أدى تبخر مياه نهر الراين وانخفاض منسوبه إلى ظهور ما يسمى «أحجار الجوع»، وهى الأحجار التى تغمرها مياه نهر الراين، وظهورها يشير إلى وجود مشكلة كبيرة، وتحمل بعض هذه الأحجار بعض التواريخ والأحرف الأولى من أسماء بعض الأشخاص، وينظر البعض إلى ظهورها مرة أخرى على أنه تحذير وتذكير بالمصاعب التى واجهها الناس خلال فترات الجفاف السابقة، وبحسب الإذاعة الألمانية فإن التواريخ شوهدت على أحجار فى فورمس وجنوب فرانكفورت ورايندورف وقرب ليفركوزن أعوام 1947 و1959 و2003 و2018.
وتكررت مسألة انخفاض منسوب المياه نتيجة الجفاف فى نهر الدانوب، وهو من أطول الأنهار فى أوروبا، حيث يمر بمدن فيينا وبراتيسلافا وبودابست وبلجراد، وأدى انخفاض منسوب المياه الذى وصل إلى أدنى مستوياته منذ ما يقرب من قرن نتيجة للجفاف إلى الكشف عن هياكل أكثر من 20 سفينة حربية لألمانيا فى زمن النازية غرقت خلال الحرب العالمية الثانية بالقرب من ميناء براهوفو الصربى.
كما أدى انخفاض منسوب المياه فى نهر بو إلى اكتشاف قنبلة يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الثانية وتزن 450 كيلوجراماً مغمورة فى المياه المنخفضة لأطول نهر فى البلاد، الأمر الذى جعل السلطات الإيطالية تعلن حالة الطوارئ، وتُجلى حوالى 3000 شخص يعيشون بالقرب من قرية بورجو فيرجيليو الشمالية، القريبة من مدينة مانتوا، بينما قام خبراء عسكريون بإبطال مفعول القنبلة، التى صنعتها الولايات المتحدة، وتنفيذ تفجير محكوم لها.
المرصد الأوروبي: 60% من أوروبا وبريطانيا يعانون منها.. وانحسار الأنهار يكشف عن كنوز غارقة
وعلق المرصد الأوروبى للجفاف على حالة الجفاف التى شهدتها القارة الأوروبية، محذراً من خطورة الأمر، حيث أصدر المركز تقريراً قبل أيام قال فيه إنه وفقاً للبيانات الأخيرة فإن 60% من أوروبا والمملكة المتحدة معرّضة حالياً لخطر الجفاف، وأوضح التقرير أن النتائج استندت إلى بيانات تم رصدها خلال 10 أيام، قرب نهاية يوليو الماضى، وجدت أن 45% من أراضى أوروبا تحت حالة «تحذير من الجفاف».
وبحسب البيانات الصادرة عن المرصد، فإن 60% من أوروبا والمملكة المتحدة فى حالة جفاف، علاوة على أن 15% فى حالة «تأهب أحمر»، ما يعنى نقصاً حاداً فى المياه، وهو الأمر الذى حذرت منه بريطانيا، داعية المواطنين إلى ضرورة الترشيد فى استهلاك المياه.
فى الوقت نفسه، أفادت وكالة مراقبة المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبى، أن درجة الحرارة فى أوروبا استمرت فى الارتفاع خلال يوليو الماضى، إذ تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية ليوم واحد على الأقل فى إسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، كما شهدت المملكة المتحدة رقماً قياسياً لدرجات الحرارة القصوى اليومية على المستوى الوطنى عند 40.3 درجة مئوية، لافتة إلى أن هذه هى المرة الأولى التى تُسجَّل فيها درجة حرارة تزيد على 40 درجة مئوية.
وأشار المركز إلى أن الفترة من مايو إلى يوليو أيضاً كانت الأكثر جفافاً على الإطلاق فى إسبانيا، مع نقص احتياطيات المياه ووصولها لأدنى مستوى لها على الإطلاق، وفقاً لوكالة الأرصاد الجوية فى البلاد، كما أعلنت الحكومة الهولندية رسمياً نقص المياه يوم الأربعاء قبل الماضى.
وبحسب توقعات نشرها قبل أسبوعين مركز الأبحاث المشترك التابع للاتحاد الأوروبى، قد تؤدى الحرارة والجفاف إلى انخفاض بنسبة 8 إلى 9% فى إنتاج حبوب الذرة وعباد الشمس وفول الصويا فى أوروبا.
وقبل موجة الجفاف والسيول التى اجتاحت القارتين، اجتاحت موجة حارة قبل أشهر عدة دول بجنوب أوروبا وشمال القارة الأفريقية، جعلت درجات الحرارة تصل إلى معدلات غير مبسوقة، تخطت فى بعض الدول الأوروبية حاجز الـ40 درجة مئوية، وأدت إلى انتشار الحرائق فى عدد من الغابات استمر بعضها لأيام رغم جهود السيطرة عليها، حيث تداولت وكالات الأنباء العالمية أنباء عن حرائق غابات فى فرنسا وإسبانيا والمغرب والجزائر.
ولم تسلم الدول الأفريقية من تبعات الأمر، حيث ضربت السودان قبل أيام موجة من السيول والفيضانات، أدت إلى وقوع كارثة إنسانية بعد تضرر 6 ولايات سودانية من الفيضانات التى أدت إلى تدمير كلى وجزئى للمنازل، ووقوع ضحايا، فضلاً عن التخوف من انتشار أمراض ناتجة عن السيول وتكاثر الذباب والبعوض، مثل الملاريا، بحسب تصريحات السلطات السودانية.