د. عزة هاشم تكتب: التغيرات المناخية ليست قضية نخبوية

د. عزة هاشم تكتب: التغيرات المناخية ليست قضية نخبوية
- التغيرات المناخية
- أشعة الشمس
- الاحتباس الحراري
- الكرة الأرضية
- التغيرات المناخية
- أشعة الشمس
- الاحتباس الحراري
- الكرة الأرضية
تعني التغيرات المناخية ببساطة، تحولات طويلة المدى في درجات الحرارة وأنماط الطقس، وهي تحولات كانت تحدث بصورة طبيعية ومعقولة، إلى أن حل القرن التاسع عشر، وتدخل البشر ليعرقل مسار الطبيعة، ويفقد الكون توازنه بأنشطة غير مسؤولة حملت المزيد من الملوثات الناجمة عن احتراق الوقود الأحفوري «مثل: الفحم والنفط والغاز»، وهو ما أدى إلى تصاعد مفزع في درجات الحرارة، أدت إلى زيادة مستويات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي للأرض.
وتزايدت انبعاثات الغاز الدفيئة، لتشكل غطاء ملفوف حول الأرض يحبس أشعة الشمس، وهو ما ترتب عليه إعلان الطبيعة غضبها على الإنسان، فبدأت ترسل لنا العديد من الإنذارات والتحذيرات التي تنبئ بحتمية وقوع كوارث طبيعية تهدد مصير البشرية، إذا استمر الحال على ما هو عليه، فجاء عام 2021 ليمثل أكثر الأعوام سخونة على الإطلاق، ويمثل فقط البداية لخلل في منظومة الطبيعة، التي يرتبط فيها كل شيء ببعضه البعض، فتصاعدت حدة الجفاف، وندرة المياه، وانتشرت حرائق الغابات، والفيضانات، والعواصف الكارثية، وارتفع منسوب مياه البحر، وبدأ الجليد القطبي في الذوبان، وتراجع التنوع البيولوجي الذي يحفظ للأرض توازنها، ومن هنا جاءت بدأت حتمية التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ورغم انطلاق جميع هذه الإنذارات والمؤشرات، يبذل العلماء ومتخذي القرار والمسؤولين، جهودا مضنية لمواجهة هذه التغيرات، التي يجب أن تبدأ حتما بالتوعية بوجودها، بإعلام العامة بأن هناك أزمة بالفعل قائمة وأزمات قادمة، لن تفلح الدراسات والتحركات مهما بلغت جديتها دون تعاون الجميع وإشعارهم بالمسؤولية، تلك «المسؤولية المشتركة»، هي التحدي الرئيس الذي يواجه العالم عند التصدي للتغيرات المناخية، لن تنجح أي جهود لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية، دون أن يتحمل الجميع مسؤوليته.
ولن تنجح أي دراسات ورؤى علمية في تفادي المخاطر المستقبلية القادمة، دون أن يكون المواطن العادي شريكا فيها، هو تهديد مشترك، ساهم في تناميه وتصاعده البشر من مختلف أرجاء الكرة الأرضية على مدى عصور، وبالتالي فإما أن نواجهها جميعا أو سيدفع جميعنا التكلفة، والحقيقة أن تلك هي المعضلة الأكبر عند الحديث عن أزمة التغيرات المناخية وتداعياتها، وهي المعضلة التي ستواجهها مصر عند محاولة تطبيق ما تم التخطيط له، من استراتيجيات ومبادرات، ما يدفعنا للوقوف لحظات عند معضلة لا تواجهها مصر فقط وإنما يواجهها العالم بأكمله، فعندما تتوزع المسؤوليات يتنصل الجميع، أو يراهن كل طرف على قدرة باقي الأطراف على التقدم للأمام دون جهد مضاف منه.
ومن هنا يتعين أن تبدأ مصر:
يجب أن يشعر جميع المصريين بالمسؤولية، ولن يحدث هذا إذا ظل الحديث عن هذه القضية منحصر في أوساط بعينها، مهما بلغت أهميتها، ولن يجدي إذا لم يقترن بجهود تثبت أن التغيرات المناخية ليست قضية نخبوية، بل هي قضية وجود، وقضية حفاظ على بقاء البشرية، إنها مسؤولية يتعين أن نتحملها جميعا، والآن تأتي قمة المناخ، لتغير الكثير ويصبح المفهوم مألوفا ومتداولا، وإن كانت أبعاده غير مفهومة بدقة، إلا إن مجرد تداوله على مستوى العامة، إنجاز تحقق بالفعل، هذا الترويج هو الخطوة الأولى والمكسب الأهم من عقد «قمة المناخ cop27» في شرم الشيخ.
فقد أوجزت الاستعدادات الحثيثة لعقد المؤتمر سنوات من الجهد، والحملات الدعائية والتوعوية الموجهة، الآن يقع على عاتق الدولة والنخب والمتخصصين الإتجاه نحو مزيد من العمق من خلال تحركات منهجية ومنظمة تجعل المواطنين شركاء فيما تبذله الدولة من جهود لمكافحة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، دون إفراط في استخدام المصطلحات العلمية والمفاهيم غير المألوفة، يتعين أن تتضمن تلك الحملات شواهد واقعية لما ظهر من بوادر وتأثيرات سلبية للتغيرات المناخية في مصر.
والحقيقة أن مصر تسير بخطى سريعة في هذا الإطار، فقد أشارت اليونيسيف إلى أن «الوعي بأهمية العمل لمواجهة تغير المناخ محليا وعالميا يتزايد بسرعة في مصر»، وأشارت إلى إن مصر، تمر بمرحلة تحول تعكس التزامها، وعملها لمواجهة عواقب تغير المناخ، وأشارت إلى تعهدات مصر في رؤية 2030، واستراتيجية التنمية المستدامة بإدماج تغير المناخ في سياسات التنمية الوطنية، وخضرنة ميزانيتها تدريجيا عبر القطاعات، والحقيقة إن مساعي مصر لمواجهة التغيرات المناخية، لم تأتي رهنا باستضافتها لقمة المناخ cop27، بل جاءت القمة، كخطوة في مسيرة بدأتها مصر منذ سنوات طويلة، وسوف تواصلها بلاشك انطلاقا من تحولها الآن لفاعل دولي مؤثر في قضايا المناخ.