«السيسي» وإعلان الجزائر
كان لحضور الرئيس السيسى مؤتمر الجزائر تأثير كبير، حيث ألقى كلمة مصر المطالبة بعودة التلاحم العربى والقضاء على أسباب الفرقة العربية، وكانت مشاركته مع أشقائه رؤساء وملوك الدول العربية سبباً فى تسجيل مواقف عربية سبّاقة، أهمها بالطبع إحياء القضية الفلسطينية وإعادة الدول العربية المهددة بالفشل مثل اليمن والعراق وسوريا، ووضح هذا فى أهم التوصيات التى أصدرها المؤتمر، ومنها ما يلى:- التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطينى غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه فى الحرية وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948.- التأكيد على تمسكنا بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بجميع عناصرها وأولوياتها، والتزامنا بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى لجميع الأراضى العربية، بما فيها الجولان السورى ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية، وحل الصراع العربى-الإسرائيلى على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام والقانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.أولاً: القضية الفلسطينية- التشديد على ضرورة مواصلة الجهود والمساعى الرامية لحماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها، والدفاع عنها فى وجه محاولات الاحتلال المرفوضة والمدانة لتغيير ديموغرافيتها وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية والوضع التاريخى والقانونى القائم فيها، بما فى ذلك عبر دعم الوصاية الهاشمية التاريخية لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية وإدارة أوقاف القدس وشئون الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية الأردنية بصفتها صاحبة الصلاحية الحصرية، وكذا دور لجنة القدس وبيت مال القدس فى الدفاع عن مدينة القدس ودعم صمود أهلها.- المطالبة برفع الحصار الإسرائيلى عن قطاع غزة وإدانة استخدام القوة من قبَل السلطة القائمة بالاحتلال ضد الفلسطينيين، وجميع الممارسات الهمجية بما فيها الاغتيالات، والاعتقالات التعسفية والمطالبة بالإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين، خاصة الأطفال والنساء والمرضى وكبار السن.- التأكيد على تبنِّى ودعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، ودعوة الدول التى لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى القيام بذلك، مع ضرورة دعم الجهود والمساعى القانونية الفلسطينية الرامية إلى محاسبة الاحتلال الإسرائيلى على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى اقترفها ولا يزال فى حق الشعب الفلسطينى.- الإشادة بالجهود العربية المبذولة فى سبيل توحيد الصف الفلسطينى والترحيب بتوقيع الأشقاء الفلسطينيين على (إعلان الجزائر) المنبثق عن مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، المنعقد بالجزائر بتاريخ 13 حتى 16 أكتوبر 2022 مع التأكيد على ضرورة توحيد جهود الدول العربية للتسريع فى تحقيق هذا الهدف النبيل، لا سيما عبر مرافقة الأشقاء الفلسطينيين نحو تجسيد الخطوات المتفق عليها ضمن الإعلان المشار إليه.ثانياً: الأوضاع فى الوطن العربى- العمل على تعزيز العمل العربى المشترك لحماية الأمن القومى العربى بمفهومه الشامل وبكل أبعاده السياسية والاقتصادية والغذائية والطاقوية والمائية والبيئية، والمساهمة فى حل وإنهاء الأزمات التى تمر بها بعض الدول العربية، بما يحفظ وحدة الدول الأعضاء وسلامة أراضيها وسيادتها على مواردها الطبيعية ويلبى تطلعات شعوبها فى العيش الآمن الكريم.- رفض التدخلات الخارجية بجميع أشكالها فى الشئون الداخلية للدول العربية والتمسك بمبدأ الحلول العربية للمشاكل العربية عبر تقوية دور جامعة الدول العربية فى الوقاية من الأزمات وحلها بالطرق السلمية، والعمل على تعزيز العلاقات العربية، فى هذا الإطار، نثمن المساعى والجهود التى تبذلها العديد من الدول العربية، لا سيما دولة الكويت، بهدف تحقيق التضامن العربى والخليجى.- الإعراب عن التضامن الكامل مع الشعب الليبى ودعم الجهود الهادفة لإنهاء الأزمة الليبية من خلال حل ليبى يحفظ وحدة وسيادة ليبيا ويصون أمنها وأمن جوارها، ويحقق طموحات شعبها فى الوصول إلى تنظيم الانتخابات فى أسرع وقت ممكن لتحقيق الاستقرار السياسى الدائم.- التأكيد على دعم الحكومة الشرعية اليمنية ومباركة تشكيل مجلس القيادة الرئاسى ودعم الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسى للأزمة اليمنية وفق المرجعيات المعتمدة، مع التشديد على ضرورة تجديد الهدنة الإنسانية كخطوة أساسية نحو هذا المسار الهادف إلى تحقيق تسوية سياسية شاملة تضمن وحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه وأمن دول الخليج العربى ورفض جميع أشكال التدخل الخارجى فى شئونه الداخلية.قيام الدول العربية بدور جماعى قيادى للمساهمة فى جهود التوصل إلى حل سياسى للأزمة السورية ومعالجة كل تبعاتها السياسية والأمنية والإنسانية والاقتصادية، بما يضمن وحدة سوريا وسيادتها ويحقق طموحات شعبها ويعيد لها أمنها واستقرارها ومكانتها إقليمياً ودولياً.- الترحيب بتنشيط الحياة الدستورية فى العراق، بما فى ذلك تشكيل الحكومة والإشادة بجهودها الرامية إلى تحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية وتجسيد آمال وتطلعات الشعب العراقى، مع تثمين النجاحات التى حققها العراق فى دحر التنظيمات الإرهابية والإشادة بتضحيات شعبه فى الدفاع عن سيادة البلاد وأمنها.- تجديد التضامن مع الجمهورية اللبنانية للحفاظ على أمنها واستقرارها ودعم الخطوات التى اتخذتها لبسط سيادتها على أقاليمها البرية والبحرية والإعراب عن التطلع لأن تقوم لبنان بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وأن يقوم مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد للبلاد.- تجديد الدعم لجمهورية الصومال الفيدرالية من أجل توطيد دعائم الأمن والاستقرار عبر مساهمة الدول العربية فى تعزيز القدرات الوطنية الصومالية فى مجال مكافحة الإرهاب وتمكين هذا البلد الشقيق من الاستجابة للتحديات التى يواجهها فى المرحلة الراهنة، لا سيما من جرَّاء أزمة الجفاف الحادة، دعم الجهود المتواصلة لتحقيق حل سياسى بين جيبوتى وإريتريا فيما يتعلق بالخلاف الحدودى وموضوع الأسرى الجيبوتيين.- التأكيد على ضرورة المساهمة فى دعم الدول العربية التى مرت أو تمر بظروف سياسية وأمنية واقتصادية صعبة أو تلك التى تواجه حالات استثنائية من جرَّاء الكوارث الطبيعية، من خلال تعبئة الإمكانيات المتاحة وفق مختلف الصيغ المطروحة ثنائياً وعربياً وإقليمياً ودولياً.التأكيد على ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط وفقاً للمرجعيات المتفق عليها، ودعوة جميع الأطراف المعنية إلى الانضمام وتنفيذ معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التى تظل حجر الأساس للنظام الدولى لمنع انتشار هذه الأسلحة.ثالثاً: تعزيز وعصرنة العمل العربى المشترك- الالتزام بالمضى قدماً فى مسار تعزيز وعصرنة العمل العربى المشترك والرقى به إلى مستوى تطلعات وطموحات الشعوب العربية، وفق نهج جديد يؤازر الأطر التقليدية ليضع فى صلب أولوياته هموم وانشغالات المواطن العربى.- تثمين المقترحات البنّاءة التى تقدَّم بها سيادة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، السيد عبدالمجيد تبون، والرامية إلى تفعيل دور جامعة الدول العربية فى الوقاية من النزاعات وحلها وتكريس البعد الشعبى وتعزيز مكانة الشباب والابتكار فى العمل العربى المشترك.- التأكيد على ضرورة إطلاق حركية تفاعلية بين المؤسسات العربية الرسمية وفعاليات المجتمع المدنى بجميع أطيافه وقواه الحية، من خلال خلق فضاءات لتبادل الأفكار والنقاش المثمر والحوار البنّاء بهدف توحيد الجهود لرفع التحديات المطروحة بمشاركة الجميع.- الالتزام بمضاعفة الجهود لتجسيد مشروع التكامل الاقتصادى العربى وفق رؤية شاملة تكفل الاستغلال الأمثل لمقومات الاقتصادات العربية وللفرص الثمينة التى تتيحها، بهدف التفعيل الكامل لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، تمهيداً لإقامة الاتحاد الجمركى العربى.- التأكيد على أهمية تظافر الجهود من أجل تعزيز القدرات العربية الجماعية فى مجال الاستجابة للتحديات المطروحة على الأمن الغذائى والصحى والطاقوى ومواجهة التغيرات المناخية، مع التنويه بضرورة تطوير آليات التعاون لمأسسة العمل العربى فى هذه المجالات.رابعا: العلاقات مع دول الجوار والشراكات- التأكيد على ضرورة بناء علاقات سليمة ومتوازنة بين المجموعة العربية والمجتمع الدولى، بما فيه محيطها الإسلامى والأفريقى والأورومتوسطى، على أسس احترام قواعد حسن الجوار والثقة والتعاون المثمر والالتزام المتبادل بالمبادئ المكرسة فى ميثاق الأمم المتحدة، وعلى رأسها احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية.- التأكيد على أهمية منتديات التعاون والشراكة التى تجمع جامعة الدول العربية بمختلف الشركاء الدوليين والإقليميين باعتبارها فضاءات مهمة للتشاور السياسى ومد جسور التواصل وبناء شراكات متوازنة قائمة على الاحترام والنفع المتبادلين.خامساً: الأوضاع الدولية- التأكيد على أن التوترات المتصاعدة على الساحة الدولية تسلط الضوء أكثر من أى وقت مضى على الاختلالات الهيكلية فى آليات الحوكمة العالمية وعلى الحاجة الملحة لمعالجتها ضمن مقاربة تكفل التكافؤ والمساواة بين جميع الدول وتضع حداً لتهميش الدول النامية.- التأكيد على ضرورة مشاركة الدول العربية فى صياغة معالم المنظومة الدولية الجديدة لعالم ما بعد وباء كورونا والحرب فى أوكرانيا، كمجموعة منسجمة وموحدة وكطرف فاعل لا تعوزه الإرادة والإمكانيات والكفاءات لتقديم مساهمة فعلية وإيجابية فى هذا المجال.- الالتزام بمبادئ عدم الانحياز وبالموقف العربى المشترك من الحرب فى أوكرانيا الذى يقوم على نبذ استعمال القوة والسعى لتفعيل خيار السلام عبر الانخراط الفعلى لمجموعة الاتصال الوزارية العربية (التى تضم الجزائر، مصر، الأردن، الإمارات العربية المتحدة، العراق والسودان والأمين العام لجامعة الدول العربية) فى الجهود الدولية الرامية لبلورة حل سياسى للأزمة يتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ويراعى الشواغل الأمنية للأطراف المعنية، مع رفض تسييس المنظمات الدولية، والتنويه فى هذا السياق بالمساعى التى قامت بها الدول العربية الأخرى مثل المملكة العربية السعودية، تثمين السياسة المتوازنة التى انتهجها تحالف «أوبك +» من أجل ضمان استقرار الأسواق العالمية للطاقة واستدامة الاستثمارات فى هذا القطاع الحساس ضمن مقاربة اقتصادية تضمن حماية مصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء.- التأكيد على ضرورة توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله وتجفيف منابع تمويله والعمل على تعبئة المجتمع الدولى ضمن مقاربة متكاملة الأبعاد تقوم على الالتزام بقواعد القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لا سيما فيما يتعلق بمطالبة الشركاء بعدم السماح باستخدام أراضيهم كملاذ أو منصة للتحريض أو لدعم أعمال إرهابية ضد دول أخرى.- الترحيب بالتحركات والمبادرات الحميدة التى قامت وتقوم بها العديد من الدول العربية من أجل الحد من انتشار الإسلاموفوبيا وتخفيف حدة التوترات وترقية قيم التسامح واحترام الآخر والحوار بين الأديان والثقافات والحضارات وإعلاء قيم العيش معاً فى سلام التى كرستها الأمم المتحدة بمبادرة من الجزائر، والترحيب فى هذا السياق بالزيارة التاريخية لقداسة بابا الفاتيكان إلى مملكة البحرين، ومشاركته وفضيلة الإمام الأكبر الدكتورأحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين فى «ملتقى البحرين.. حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنسانى».- تثمين الدور المهم الذى تقوم به الدول العربية فى معالجة التحديات الكبرى التى تواجه البشرية على غرار التغيرات المناخية والإشادة فى هذا الصدد بمبادرة الشرق الأوسط الأخضر التى أطلقتها المملكة العربية السعودية.- التأكيد على أهمية اضطلاع الدول العربية بدور بارز فى تنظيم التظاهرات الدولية الكبرى التى تشكل محطات رئيسية ومهيكلة للعلاقات الدولية، وفى هذا الصدد نعرب عن دعمنا لجمهورية مصر العربية التى تستعد لاحتضان الدورة (27) لمؤتمر الدول الأطراف فى الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول تغير المناخ، ومساندتنا لدولة قطر التى تتأهب لاحتضان نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 وثقتنا التامة فى قدرتها على تنظيم طبعة متميزة لهذه التظاهرة العالمية ورفضنا لحملات التشويه والتشكيك المغرضة التى تطالها.كما نعرب عن دعمنا لاستضافة المملكة المغربية للمنتدى العالمى التاسع لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، يومى 22 و23 نوفمبر 2022 بمدينة فاس، ودعمنا لدولة الإمارات العربية المتحدة فى التحضير لاحتضان الدورة (28) لمؤتمر الدول الأطراف فى الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول تغير المناخ، وتأييدنا لترشيح مدينة الرياض، المملكة العربية السعودية، لاستضافة معرض إكسبو 2030.