غرق الدلتا وتدهور الإنتاج الزراعي.. أبرز مخاطر تغير المناخ على مصر

غرق الدلتا وتدهور الإنتاج الزراعي.. أبرز مخاطر تغير المناخ على مصر
- قمة المناخ
- التغيرات المناخية
- شرم الشيخ
- الإسكندرية
- الأمم المتحدة
- الاحتباس الحراري
- قمة المناخ
- التغيرات المناخية
- شرم الشيخ
- الإسكندرية
- الأمم المتحدة
- الاحتباس الحراري
تتميز ظاهرة التغيرات المناخية، عن معظم المشكلات البيئية الأخرى، بأنها عالمية الطابع، تتعدى حدود الدول، لتشكل خطورة على العالم أجمع، في ظل استمرار الارتفاع المتزايد في درجات حرارة الأرض، بما يتراوح بين 1.1 إلى 1.3 درجة مئوية على مدار الـ100 سنة الماضية، مما ينذر بمزيد من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ، التي تهدد مستقبل الحياة على هذا الكوكب.
وفي أحدث تقرير لها، حذرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية (IPCC)، التابعة للأمم المتحدة، من أن الارتفاع المستمر في درجات الحرارة، سوف يؤدي إلى العديد من المشكلات الخطيرة، في مقدمتها ارتفاع مستوى سطح البحر، بما يهدد بغرق الكثير من المناطق، ونقص الموارد المائية، وتدهور الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى تزايد انتشار الأمراض.
وتعمل مصر، عبر آليات حكومية ودولية، على مواجهة 5 مخاطر حقيقية، ناجمة عن التغيرات المناخية، تشكل تهديدات وشيكة على الحياة في أنحاء البلاد، تتضمن احتمال غرق مدينة الإسكندرية، وغرق مناطق واسعة من دلتا نهر النيل، خاصة المناطق الشمالية على البحر المتوسط، إضافة إلى تهديد الإنتاج الزراعي، وتدهور النظم البيئية لمستعمرات الشعاب المرجانية في البحر الأحمر.
أولاً: احتمال غرق دلتا نهر النيل
على مدار السنوات الماضية، حذر الكثيرون من علماء وخبراء البيئة، على رأسهم العالم الراحل الدكتور محمد عبدالفتاح القصاص، الذي كان يُلقب بـ«أبو البيئة» في مصر، من أن دلتا نهر النيل واحدة من أكثر المناطق المعرضة للغرق في حالة استمرار الارتفاع في مستوى سطح البحر، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، بما يؤدي إلى ذوبان المزيد من الجبال والأنهار الجليدية.
وفي ديسمبر من العام الماضي، أعلنت وزارة الري والموارد المائية، ممثلة في هيئة حماية الشواطئ، عن تنفيذ مشروع طموح لتعزيز التكيف مع التغيرات المناخية على السواحل الشمالية ودلتا نهر النيل، يمتد بطول حوالي 69 كيلومتراً في 5 محافظات، تشمل بورسعيد ودمياط والدقهلية وكفر الشيخ والبحيرة، بتكلفة إجمالية تبلغ 31 مليون دولار، منحة من «صندوق المناخ الأخضر»، التابع للأمم المتحدة.
وقال وزير الري السابق، الدكتور محمد عبدالعاطي، إن المشروع، المقرر أن يتم الانتهاء من تنفيذه في عام 2025، يتضمن إقامة محطات للإنذار المبكر، وإنشاء جسور شاطئية، ومصدات للأمواج، وكشف مدير المشروع، محمد أحمد علي، عن أن نسبة تنفيذ الأعمال الإنشائية تتجاوز 60%، وتشمل أعمال حماية الأراضي المنخفضة في شمال الدلتا، خاصةً في المناطق المنخفضة المهددة بالغرق.
ثانيا: غرق الإسكندرية خطر محتمل
في أواخر العام الماضي، حذر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، بوريس جونسون، خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية في جلاسكو، بالمملكة المتحدة، من غرق عدة مدن، من بينها الإسكندرية في مصر، وميامي بالولايات المتحدة الأمريكية، وشانغهاي في الصين، نتيجة ارتفاع مستوى البحر بسبب التغيرات المناخية، ليعيد إلى الواجهة حديثاً قديماً بمصر عن هذا الخطر المحتمل.
وفي تعليقه على ما ذكره رئيس الحكومة البريطانية في ذلك الوقت، اعتبر وزير الري السابق، في تصريحات تلفزيونية، أن ما ذكره «جونسون» ليس مفاجئاً لمصر، بل تعمل الحكومة المصرية على التصدي لمثل هذا الخطر المحتمل منذ فترة، وتابعة بقوله: «لن يحدث اليوم أو غداً، قد يحدث في عام 2100»، وشدد على أن هناك تجري بالفعل على الأرض، للتعامل مع هذا الاحتمال.
تزامنت تصريحات «عبدالعاطي» مع تأكيدات مماثلة لوزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد، حول تخصيص مبلغ 7 مليارات جنيه، خلال فترة الـ6 سنوات الماضية، لتنفيذ إجراءات حماية على الشواطئ المصرية، خاصةً في محافظة الإسكندرية، تشمل إقامة محطات للإنذار المبكر، بحسب ما جاء في بيان لوزارة البيئة، تلقته «الوطن» في وقت سابق من العام الجاري.
ثالثاً: تهديد الأراضي الزراعية
وفي منتصف نوفمبر الماضي، نشر مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية دراسة حول أبرز التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية، توقعت أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر فقط، قد يؤدي إلى غرق حوالي نصف مليون فدان من الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى تسرب المياه المالحة إلى أحواض المياه الجوفية، مما يؤثر على المحاصيل والإنتاج الزراعي.
وأظهرت الدراسة، التي أعدّتها الباحثة بمركز الأهرام للدراسات، آمنة فايد، أن الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة في مصر، خلال صيف 2021، قد انعكست أثاره بالفعل على الإنتاج الزراعي وجودته، حيث تراجعت إنتاجية محاصيل الفاكهة والخضروات، بنسب تعدت 50% في بعض الأنواع، فضلاً عن تلف كميات كبيرة من المنتجات الزراعية نتيجة ارتفاع درجة الحرارة عن معدلاتها.
وفي إطار الجهود الرامية لتعزيز الأمن الغذائي، تنبهت الدولة المصرية لهذا التهديد مبكراً، حيث أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي، في ديسمبر من عام 2015، مبادرة لزراعة 1.5 مليون فدان، وهي المبادرة التي وصفها الخبراء بأنها «مستقبل التنمية والتوسع العمراني» في مصر، بهدف تعويض الفاقد في الأراضي الزراعية، إما بسبب التعديات، أو التأثرات السلبية للتغيرات المناخية.
كما عملت وزارة الزراعة، من خلال مراكز البحوث التابعة لها وبالتعاون مع عدد من الجامعات والمنظمات الإقليمية الدولية، على استنباط محاصيل زراعية جديدة، قادرة على تحمل درجات الحرارة والملوحة المرتفعة، في ظل اختلاف معدلات الحرارة في الفصول المناخية عن السابق، وتزايد التقلبات في درجات الحرارة، وموجات الطقس المتطرفة.
رابعاً: تهديد مستقبل الشعاب المرجانية
كما أظهرت نفس الدراسة، الصادرة عن مركز الأهرام للدراسات، أن مستعمرات الشعاب المرجانية المنتشرة في البحر الأحمر، تواجه هي الأخرى تهديدات متزايدة، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وكذلك زيادة الأعماق، نتيجة ارتفاع مستوى البحر، ما يعني حجب الضوء عنها وموتها، الأمر الذي تسبب في انتشار مرض «ابيضاض المرجان»، وهو يشبه «الطاعون» بالنسبة للمرجانيات.
وسبق للجنة الحكومية الدولية لتغير المناخ (IPCC) أن حذرت من التأثير المدمر للتغيرات المناخية على ثروة مصر من الشعاب المرجانية، حيث توقع تقرير للجنة، في نوفمبر 2019، أن تخسر مصر حوالي 72% من ثروتها من الشعاب المرجانية، بحلول عام 2100، وذلك حسب السيناريو الأكثر تشاؤماً، أو نسبة 12.5% وفق أكثر التقديرات تفاؤلاً.
ونظراً لأن النشاط السياحي في غالبية مناطق البحر الأحمر، يعتمد بنسبة تصل إلى 86%، على «سياحة الشعاب المرجانية»، مثل الغوص والسباحة في مناطق مستعمرات المرجان، فقد أطلقت وزارة السياحة مبادرة دولية لحماية ثروة مصر من المرجانيات، والتي تُقدر بما يقرب من 209 أنواع من الشعاب، بالإضافة إلى تنفيذ معايير بيئية وإجراءات أكثر صرامة لحمايتها.
خامساً: زيادة معدلات الأحداث المناخية المتطرفة
التأثيرات الناجمة عن الأحداث المناخية المتطرفة لم تعد مخاطر محتملة، وإنما أصبحت أمراً واقعاً يعيشه كثير من المصريين في مختلف المحافظات، التي تشهد ظواهر جوية عنيفة بسبب التغيرات المناخية، مثل الزيادة الهائلة في معدلات هطول الأمطار، والتي تصل إلى حد السيول، بالإضافة إلى العواصف الترابية الشديدة، التي لم تكن معهودة من قبل.
ومن أبرز هذه الظواهر، تسجيل محافظة بني سويف هطول كمية كبيرة من الأمطار خلال شهر فبراير الماضي، تُعد الأكبر على مدار 300 سنة، وصلت إلى حوالي 51 مليون متر مكعب من المياه، ولعبت أعمال الحماية من السيول دوراً كبيراً في إنقاذ المحافظة من الغرق بسبب هذه الكمية الهائلة من المياه، التي تم تصريف الزائد منها إلى مجرى نهر النيل.
كما شهدت مناطق مختلفة في مصر عواصف ترابية ورملية غير مسبوقة، وارتفاعات متزايدة في درجات الحرارة، بالإضافة إلى سقوط أمطار في بعض المناطق خلال فصل الصيف، وتساقط الثلوج على مدن مثل الإسكندرية والغردقة، إضافة إلى ظاهرة «الودق»، التي تكررت عدة مرات في مدينة الإسكندرية، والتي تتمثل في سقوط كمية كبيرة من المياه دفعة واحدة من سحب عملاقة في منطقة محددة.