خطر يهدد الأمن الغذائي.. الزراعة في مرمى تداعيات التغيرات المناخية

خطر يهدد الأمن الغذائي.. الزراعة في مرمى تداعيات التغيرات المناخية
- قمة المناخ
- التغيرات المناخية
- شرم الشيخ
- الزراعة
- الأمن الغذائي
- عماد الدين عدلي
- أيمن أبو حديد
- قمة المناخ
- التغيرات المناخية
- شرم الشيخ
- الزراعة
- الأمن الغذائي
- عماد الدين عدلي
- أيمن أبو حديد
يُعد القطاع الزراعي من أكبر القطاعات التي تتأثر بتغير المناخ بشكل مباشر، كما تؤثر فيه، إذا لم يتمّ اتخاذ تدابير عاجلة وبرامج طموحة في مجال التخفيف من الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ، ويؤدي شح المياه وارتفاع درجة الحرارة وغيرها من العوامل الجوية إلى فرض التأثيرات السلبية على المساحات الزراعية وتدهور نوعية المحاصيل وإنتاجيتها وزيادة أمراض النبات.
كما يؤدي الجفاف وانطلاق غاز الميثان من الأراضي الزراعية، والتعامل غير الرشيد مع المخلفات الزراعية، وتناقص المساحات الخضراء، إلى زيادة انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجات الحرارة، كما أن قطاع الزراعة يستهلك وحده نحو 80% من الموارد المائية المتاحة.
الزراعة الأكثر تأثيراً في الموارد وتأثراً بالمناخ
لكل هذا اهتم خبراء البيئة بقطاع الزراعة، باعتباره نشاطاً رئيسياً من الأنشطة السكانية، والمورد الرئيسي للغذاء، والقطاع الأكثر تأثيراً على الموارد الطبيعية، كما أنه القطاع الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، مما يستوجب اتخاذ إجراءات عاجلة للتكيف معها وتقليل الآثار السلبية الناجمة عنها.
الدكتور أحمد زكي أبو كنيز، أستاذ بمعهد بحوث المحاصيل السكرية، رئيس الاتحاد النوعي للبيئة بأسوان، يقول إن من أخطر التداعيات المحتملة للتغيرات المناخية على مصر هو غرق قرابة 25% من مساحة الدلتا جراء ارتفاع مستوى سطح البحر، وهذا سيؤدي إلى إعادة توطين أكثر من 15 مليون نسمة، سيتم تهجيرهم جراء غرق هذه المساحات، وبالتالي انخفاض الإنتاج الزراعي.
وأضاف الأستاذ بمعهد بحوث المحاصيل السكرية لـ«الوطن»، أن تدهور الإنتاجية الزراعية سينجم عنها، بدون شك، تضخم في الفجوة الغذائية محلياً، مما سيؤدي إلى زيادة الاستيراد، وهذا عبء آخر يُضاف إلى أعباء الاقتصاد القومي، كما أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى خروج العديد من المحاصيل والمنتجات الزراعية من منظومة الزراعة، فعلى سبيل المثال، سوف تقل إنتاجية الطماطم إلى النصف، بالإضافة إلى التدهور الجيني، والتغير في مواعيد زراعة وحصاد بعض المحاصيل.
الزراعة على المصاطب والري بالتنقيط
من هذا المنطلق، تبدو أهمية برامج التكيف مع تغير المناخ، كما يؤكد «أبو كنيز»، ويمكن تنفيذ برامج التكيف مع التغيرات المناخية باستخدام عدة طرق، منها الزراعة على المصاطب، والري بالتنقيط، وزراعة قصب السكر بالشتلات، وأوضح بقوله: «استقرت في عقولنا بعض الثوابت ننفذها بدون تفكير، منها أن قصب السكر لا تنجح زراعته إلا في الأراضي ذات الخصوبة العالية، أو ما تعودنا أن نطلق عليها أراضي الدرجة الأولى، أو أن القصب شره في استهلاك المياه، وهذا غير صحيح»
واستطرد أنه «في الآونة الأخيرة، وجدنا من يزرع القصب في الأراضي الرملية والجيرية، أو الأراضي الفقيرة وحديثة الاستصلاح، والكثير منها يحقق محصولاً يساوي الأراضي القديمة، بل ويتجاوزها»، وتابع: «بمراجعة الاحتياجات المائية للقصب، وجدناها لا تصل إلى 7000 متر مكعب للفدان في الموسم، الأمر الذي ينم عن أن القصب بريء من استهلاك المياه بشكل زائد».
وللتكيف مع التغيرات المناخية في زراعة القصب، لفت أستاذ المحاصيل السكرية إلى أنه ينبغي التحول إلى استخدام الري بالتنقيط، بالإضافة اتباع نظام الزراعة بالشتلات، معرباً عن توقعه خروج زراعات القصب من الأراضي القديمة، خلال الـ50 عاماُ القادمة، بهدف تقليل التلوث البيئي، وزراعة محاصيل أخرى في الأراضي القديمة، باعتبار أن هذا الأمر أصبح توجهاً عاماً للدولة.
وأضاف أن وزارة الزراعة بدأت في إنشاء محطتين لإنتاج شتلات قصب السكر المعتمدة، يقوم عليها معهد بحوث المحاصيل السكرية، الأولى في مركز كوم أمبو، والثانية في مركز إدفو، لإنتاج ما يقرب من 100 مليون شتلة في الموسم، مؤكداً أن «زراعة القصب بالشتلات ليست ترفاً، فنحن في أمس الحاجة إليها، لزيادة المحصول، وتوفير كمية التقاوي، وإعطاء فرصة لزراعة محصول شتوي، قبل شتل القصب في الأرض المستديمة، مثل القمح أو الشعير وغيرها».
إجراءات مطلوبة ودور مهم للبحث العلمي
ومن جانبه، دعا الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة الأسبق والخبير الدولي في التغيرات المناخية، إلى تفعيل دور اللجان العليا والفنية بوزارة الزراعة، لتقوم بدورها في مواجهة الآثار المحتملة على هذا القطاع الحيوي، وتنشيط المؤسسات والمعامل التابعة للوزارة ومركز البحوث الزراعية، لأداء دورها في توفير المعلومات، وإجراء الأبحاث الخاصة بمواجهة آثار التغيرات المناخية على الزراعة.
كما أكد «أبو حديد» أهمية تحديد وفصل اختصاصات وزارات الموارد المائية والري والزراعة، حيث تقتصر تبعية الري الحقلي وما يتعلق به، وتتبع كافة الأنشطة البحثية في مجالات الإنتاج النباتي والري الحقلي، إلى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ومراكز الأبحاث التابعة لها.
وأضاف أنه يجب العمل على توفير التمويل الضروري لاستمرار البحوث في مجالات إنتاج وتحسين التقاوي، وتطوير السلالات المقاومة لارتفاع الحرارة والجفاف والتملح، وذلك للتأقلم علي تذبذب الطقس والظواهر الجوية الجامحة، الناتجة عن التغيرات المناخية، والتي ستؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة، ومن ثم انتشار العديد من الأمراض النباتية الفطرية والحشرية.
الفلاح المصري نقطة ارتكاز الحاضر والمستقبل
كل هذه الإجراءات الفنية والتنظيمية المهمة، تستهدف حماية البيئة وتحقيق النفع للإنسان، بحسب الدكتور عماد الدين عدلي، رئيس مجلس أمناء المنتدى المصري للتنمية المستدامة، الذي أكد أن الفلاح المصري هو نقطة ارتكاز حاضر ومستقبل مصر، وأن التصنيع الزراعي هو الميزة النسبية لضمان الأمن الغذائي والمائي، حتى تقوم الساعة.
وأضاف «عدلي» أنه ينبغي أن يكون الفلاح في بؤرة الاهتمام، و«مثلما نطالب الدول الغنية بأن تدفع للدول الفقيرة والنامية لتمويل مواجهة تغير المناخ، نطالب بأن يكون للفلاح نصيب كبير ودعم كاف، لأنه هو الذى أوجد المادة الأولية الخام التي قامت عليها الصناعات ومظاهر الحضارة، وحتى لا يهجر الفلاح أرضه، ويبحث أبناؤه عن مهنة أخرى».