باحثة بالشؤون اللاتينية: القضايا الاقتصادية والاجتماعية تتصدر انتخابات البرازيل

كتب: أسماء العيسوي

باحثة بالشؤون اللاتينية: القضايا الاقتصادية والاجتماعية تتصدر انتخابات البرازيل

باحثة بالشؤون اللاتينية: القضايا الاقتصادية والاجتماعية تتصدر انتخابات البرازيل

تشهد البرازيل، اليوم الأحد، إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، حيث يدلي الناخبون البرازيليون بأصواتهم للاختيار بين إعادة انتخاب الرئيس اليميني المتطرف جايير بولوسونارو أو إعادة الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا إلى السلطة، وسط حالة من استقطابات حادة بين المرشحين.

استطلاعات رأي: نتائج الجولة الأولى كانت مفاجئة للعديد من المحللين وتنعكس على الثانية

ومن جانبها، قالت الدكتورة صدفة محمد، باحثة متخصصة في شؤون أمريكا اللاتينية، إنه وفقا لنتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في البرازيل التي أجريت في 2 أكتوبر الجاري، لم ينجح أي من المرشحين سواء الرئيس البرازيلي الأسبق لولا دا سيلفا أو الرئيس البرازيلي الحالي جايير بولسونارو في الفوز بأكثر من 50% من أصوات الناخبين، حيث إن بولسونارو حصل على 43%، في حين حصل لولا دا سيلفا على 48%، مشيرة إلى أن هذه النتيجة كانت بمثابة مفاجأة للعديد من المراقبين والمحللين، وفقا لاستطلاعات الرأي، الذين توقعوا أن يحقق لولا دا سيلفا الفوز من الجولة الأولى، ولكن ذلك لم يحدث وأثار العديد من الشكوك وعلامات الاستفهام حول نتيجة الجولة الأولى وانعكس ذلك على الجولة الثانية.

حزب الليبرالي المحافظ بقيادة بولسونارو يسيطر على البرلمان البرازيلي

وأضافت صدفة لـ«الوطن»: «من الواضح أن أداء الرئيس بولسونارو خلال الجولة الأولى وأيضا الحزب الليبرالي المحافظ الذي ينتمي إليه كان أكثر حظا وتفوقا على حزب العمال بزعامة لولا دا سيلفا، حيث إنه حقق أكبر فوزا في انتخابات السلطة التشريعية البرازيلية، ووفقا لنتيجة انتخابات الجولة الأولى، أصبح يسيطر الحزب الليبرالي المحافظ على البرلمان البرازيلي، وهذا يعني حتى في حال فوز لولا دا سيلفا في انتخابات الجولة الثانية التي تجرى اليوم، فمن المتوقع ألا يصبح له مطلق الحرية في التعامل مع الأزمة الاقتصادية والقضايا المتعلقة بالبيئة التي يسعى في تحقيق حلولا لها في حال إعادة فوزه بولاية رئاسية ثالثة».

القضايا الاقتصادية والاجتماعية أبرز التحديات في الانتخابات الرئاسية البرازيلية

وأوضحت الدكتورة صدفة محمد أن «النتائج الأخيرة لاستطلاعات الرأي العام، التي تشير إلى تفوق لولا دا سيلفا بنسبة حوالي من 3 إلى 6%، وفقا لاستطلاعات الرأي، على بولسونارو ليست حاسمة، وأن هذه الأمور ليست مؤكدة حتى الآن، وبالتالي لا نستطيع أن نحدد من سيفوز، لكن أعتقد أن من سيفوز هو الشخص الذي ستكون لديه القدرة على معالجة مجموعة من القضايا التي تشغل عقول الشعب البرازيلي، على رأسها الأزمة الاقتصادية»، لافتة إلى أن الرئيس بولسينارو نجح خلال فترة ولايته في تقديم مساعدات اجتماعية ضخمة للفئة الأكثر فقرا وضعفا في المجتمع البرازيلي، الذين يعانون من جائحة كوفيد-19، فضلا عن الأزمة الاقتصادية الراهنة الناتجة عن الوضع في أوكرانيا، وبالتالي المرشح الأقوى على إدارة الملفين الاقتصادي والاجتماعي وطرح أجندة متماسكة هدفها مساعدة المواطنين الأكثر فقرا في البلاد، هو الذي سيكون أكثر حظا بالفوز في الانتخابات.

وتابعت أنه من الملاحظ أيضا أن القضايا الاجتماعية والثقافية تحتل أهمية كبيرة في الانتخابات البرازيلية، وتعد أحد «مفاتيح الواقع» في هذه الانتخابات، وتتمثل القضايا الاجتماعية في حقوق المثليين وحق في الإجهاض للمرأة، حيث إن الرئيس الحالي بولسونارو يتخذ موقفا متحفظا للغاية ومعارضا لمثل هذه القضايا، مشيرة إلى أنه يولى اهتماما كبيرا للقضايا التقليدية للأسر البرازيلية، وهذا ساعده في الحصول على دعم كبير من قبل قطاعات مهمة داخل البرازيل خاصة القطاعات التي تنتمي إلى الكنيسة الإنجيلية التي زاد وزنهم السياسي وعددهم بشكل كبير خلال الفترة الماضية.

لولا دا سيلفا يحصل على دعم مرشحين المرتبة الثالثة والرابعة

وأوضحت الدكتورة صدفة أن المرشحين الآخرين، الذين جاءوا في المرتبة الثالثة والرابعة في الجولة الأولى، أعربوا عن دعمهم لـ«لولا دا سيلفا»، لأن توجهاتهم السياسية للرؤى والأطروحات التي عرضها الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا، وذلك من المرجح أن يساعده في الفوز بالانتخابات، مشيرة إلى أنه هناك أمر مهم يمكن أن يحسم نتيجة الانتخابات وهو أن عددا من البرازيليين المترددين لم يحددوا حتى الآن لمن سيصوتون في هذه الانتخابات، حيث إنه خلال الجولة الأولى امتنع ما يقرب عن 32 مليون برازيلي عن التصويت، وبالتالي فإن المرشح الذي ستكون لديه القدرة على حشد الممتنعين عن التصويت في الجولة الأولى يمكن أن «يقلب الموازين لصالحه» محققا الفوز في الانتخابات التي تجرى اليوم.

وأشارت دكتورة صدفة إلى أن الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا حقق، خلال فترة ولايته الأولى والثانية، إنجازات اقتصادية كبيرة واستطاع أن يصعد بالاقتصاد البرازيلي حتى أصبح من أكبر الاقتصادات الـ10 على مستوى العالم محتلا المركز السادس، وفي حال فوزه بولاية ثالثة، فإن لولا دا سيلفا يأمل في تحقيق نفس السيناريو مرة أخرى.

دور الولايات المتحدة في الانتخابات البرازيلية

وفي حال عدم قبول أي من المرشحين نتيجة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية البرازيلية، أوضحت الباحثة المتخصصة في شؤون أمريكا اللاتينية، أن الولايات المتحدة يجب أن تتخذ موقفا حاسما ومتشددا في هذا الأمر، مشيرة إلى أنها ستكون أكثر ترحيبا إذ فاز المرشح اليساري لولا دا سيلفا في الانتخابات، حيث إنه يوجد توافقا بين الولايات المتحدة ولولا في مجموعة من القضايا التي تؤيدها أمريكا على رأسها غابات الأمازون التي تعهد لولا بالحفاظ عليها ووقف القطع الجائر للأشجار وحرائق الغابات التي وصلت إلى مستويات قياسية خلال فترة ولاية بولسونارو، فضلا عن إعادته لمكانة البرازيل الدولية، خاصة فيما يتعلق بحماية البيئة، حيث إنها خلال فترة ولايته كانت رائدا في مجال العمل الدولي لمكافحة ظاهرة تغير المناخ.

الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يرحبان بفوز لولا دا سيلفا

وتابعت أن هذا الترحيب لا يقتصر فقط على الولايات المتحدة، فأيضا الاتحاد الأوروبي سيكون سعيدا في حال فوز لولا دا سيلفا برئاسة البرازيل، لأنه تعهد بالإسراع في التصديق على اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد وتجمع دول أمريكا الجنوبية التي توفقت بسبب موقف بولسونارو من غابات الأمازون.


مواضيع متعلقة