حول دراسة: أثر الحرب الروسية الأوكرانية على الإرهاب

حسين القاضى

حسين القاضى

كاتب صحفي

صدرت عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الكراسة الاستراتيجية رقم (340)، بعنوان: (الحرب الروسية - الأوكرانية وتداعياتها على ظاهرة الإرهاب فى العالم)، للباحث المتخصص فى قضايا الأمن الإقليمى والإرهاب «محمد فوزى»، ويرأس تحرير «كراسات استراتيجية» الدكتور «محمد عز العرب»، تناولت التأثيرات المحتملة للحرب الروسية الأوكرانية على ظاهرة الإرهاب، منطلقة من فرضية وجود علاقة بين الحروب وانتشار الإرهاب الذى أخذ طابعاً (معولماً)، زاد من حجم الارتباط بينهما، بما يعنى أن الحرب ستخدم المشروعات الإرهابية، وتدفع باتجاه اعتماد القوى الدولية على فكرة «الحرب بالوكالة»، مما يجعلها تلجأ لتوظيف جماعات إرهابية لتحقيق أهدافها، أو ضرب مصالح الخصوم، لا سيما مع تحول الحرب بالنسبة لأوروبا إلى حرب استنزاف، تسعى فيها إلى تكبيد روسيا خسائر بعيدة عن الانتصار أو الهزيمة، كما أن موجات الهجرة إلى أوروبا تطرح تحدياً كبيراً، يتمثل فى إمكانية انتقال الكثير من العناصر الإرهابية إلى أوروبا عبر التخفّى فى المهاجرين، الأمر الذى يزيد من التحديات التى تواجه منظومة الأمن الأوروبى.

طرحت الكراسة مساحة كبيرة لظاهرة (المقاتلين الأجانب)، باعتبارها من أخطر الارتدادات التى ستواجه العالم فى ضوء الانخراط الكبير للمقاتلين الأجانب المتطوعين والمرتزقة، وطرحت تساؤلاً عن الجهة المقبلة لهؤلاء المقاتلين بعد أن تضع الحرب أوزارها، وحجم التهديد الذى يمثلونه فى ضوء انشغال القوى الدولية بالحرب وتداعياتها، فضلاً عن التداعيات الاقتصادية التى تُعزّز قدرة تنظيمات العنف على زيادة التجنيد، مستغلين الأوضاع الاقتصادية المأزومة، وهو استغلال تجيده هذه التنظيمات باحترافية.

أيضاً تناولت الدراسة تعاطى «داعش» مع الأزمة من خلال «فقه استغلال الأزمات»، وتكوين «بؤرة جديدة للتجنيد»، والانتقال «الحذر» فى بداية الحرب إلى «التوظيف والاستغلال»، وأن تنظيم القاعدة انتقل من رؤيته للحرب على أنها (صليبية - صليبية)، إلى وجود اتجاه داعم لأوكرانيا فى ظل العداء التاريخى بين «القاعدة» والاتحاد السوفيتى و(روسيا)، ثم استغلال الحرب بدعوة مجلة (المجاهدون فى الغرب) -الموالية لـ«القاعدة»- إلى انتهاز الفرصة لبدء غزو دول القوقاز.

أما جماعة الإخوان فقد تعاطت -وفق الباحث- مع الحرب بالانحياز التاريخى إلى موقف أمريكا والغرب ضد روسيا، والحرص على زيادة مساحة التقارب مع الغرب، للحصول على دعم الغرب للتنظيم، بعد التضييق عليه فى الدول الراعية له، مع النكاية فى موسكو التى تصنّف الإخوان جماعة إرهابية.

هذا وتميزت الدراسة بميزات كثيرة جداً، منها:

1 - الجمع بين اللغة السهلة والرصانة الأكاديمية.

2 - المنهجية المتزنة بعدم غلبة (التجميع) على (التحليل)، أو العكس.

3 - جاءت الموضوعات كأنها حبّات تلضمها مسبحة واحدة؛ مما سهل الانتقال بانسيابية بين موضوعاتها.

4 - كان الملخص التنفيذى مختصراً جامعاً، والعمل مدعوماً بالخرائط التوضيحية.

5 - تفرّد الباحث بمصطلحات لم يُسبق إليها، مثل: (فوضى السلاح)، و(السياحة الجهادية).

6 - بالدراسة قضايا متنوعة يمكن للباحثين الاستفادة بإفرادها بدراسات مستقلة، والدراسة مع إضافات جديدة صالحة لتكون أطروحة ماجستير أو دكتوراه.ورغم ذلك لم تخلُ من السلبيات الآتية:

1 - العنوان الأدق للعمل هو: (تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على ظاهرة الإرهاب فى العالم)، وليس: (الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على ظاهرة الإرهاب.. إلخ) لأنها لم تتناول الحرب الروسية الأوكرانية.

2 - اعتماد الباحث -أحياناً- على المصادر الثوانى والثوالث مع وجود المصادر الأولية.

3 - تداعيات الحرب على مصر والدول العربية لم تأخذ مساحة مناسبة، ولم يُشر إلى موقف إخوان روسيا من الحرب.

4 - بعض المصطلحات كانت تحتاج تعريفاً فى الهامش، مثل: (كتبة آزوف)، و(عصابة الفأس السوداء).