«عفو.. ودمج» للحياة وجوه كثيرة.. «الوطن» ترصد جهود لجنة العفو الرئاسي منذ تفعيل دورها

كتب: محمد أباظة

«عفو.. ودمج» للحياة وجوه كثيرة.. «الوطن» ترصد جهود لجنة العفو الرئاسي منذ تفعيل دورها

«عفو.. ودمج» للحياة وجوه كثيرة.. «الوطن» ترصد جهود لجنة العفو الرئاسي منذ تفعيل دورها

من حق الجميع فرصة ثانية ما دامت يده غير ملطخة بالدماء، فقد تجعله يدرك قيمة الحياة، ويتعلم من أخطاء الماضى، ويطوى الصفحة بما فيها ويبدأ «حياة جديدة»، ذلك النهج الذى تستهدفه الدولة حالياً بمبدأ «لمّ الشمل» وجلوس الجميع معاً على طاولة وطن واحد، لا مجال فيه للانقسام والاختلاف والتعصب، بل الاتفاق على التعاون لبناء الجمهورية الجديدة بسواعد أبنائها.

ويأتى دور لجنة العفو الرئاسى من أجل ذلك الهدف، منذ إعادة تشكيلها وتفعيلها أبريل الماضى، بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسى، للإفراج عن قوائم عديدة من المحبوسين، بشرط عدم تورطهم فى قضايا عنف أو إرهاب سواء بالتحريض أو الممارسة، والأهم إعادة تأهيلهم نفسياً لممارسة حياتهم بشكل طبيعى عن طريق الدمج المجتمعى لهم، وتذليل أى عقبات تحولُ دون ذلك، فضلاً عن إعادتهم لوظائفهم السابقة، وتوفير أخرى لغير العاملين منهم، وعودة الطلاب منهم لاستكمال دراستهم بشكل طبيعى، ورفع أسمائهم من على قوائم الممنوعين من السفر.

قصص الشباب المفرج عنهم على الرغم من اختلافها، فإن جميعها تتفق على التمسك بالفرصة الثانية، خاصة بعد تسلم عدد كبير منهم وظائفه، واستعداد البقية للخطوة المنتظرة، وهو ما يحكونه لـ«الوطن»، واصفين شعورهم تجاه الدولة بعد كل هذا الدعم.

«الإرادة السياسية» سر نجاح «لجان العفو»

شهد مؤتمر الشباب الأول فى شرم الشيخ 2016، بداية انطلاق العفو الرئاسى، حين وجَّه الرئيس ضمن توصيات المؤتمر بتشكيل لجنة لبحث أوضاع المحبوسين والمسجونين فى قضايا لا تتعلق بإراقة الدماء أو التحريض على العنف، وبعد التشكيل الأول للجنة، أطلق الرئيس السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، 26 أبريل الماضى، دعوته لإعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسى وتفعيل دورها، إضافة إلى توجيهه بأهمية مد يد العون لكل من يحصل على عفو رئاسى بعد خروجه، وألا يكون مجرد إطلاق قرار العفو فقط، ومع هذا التاريخ بدأت اللجنة فى عملها بشكل جاد وخطوات ثابتة فى الإفراج عن عدة قوائم من المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا متعلقة بالرأى والتعبير، وأولت الدمج المجتمعى لهم الاهتمام الأكبر.

الرئيس السيسى يستخدم صلاحياته الدستورية.. والبداية من مؤتمر الشباب الأول

ومن بين أشكال الدمج المجتمعى للمفرج عنهم، إعادة العاملين منهم إلى وظائفهم مرة أخرى، وتسهيل الإجراءات التى تحقق ذلك، وكذلك عودة الطلاب الجامعيين منهم لاستكمال دراستهم بشكل طبيعى، مع رفع أسمائهم من على قوائم الممنوعين من السفر والتحفظ على الأموال.

حفل إفطار الأسرة المصرية كان بداية الانطلاقة الثانية

ورصدت دراسة بعنوان «لجنة العفو الرئاسى.. بين إعادة التفعيل والتأثير» لرصد جهود اللجنة منذ إعادة تفعيلها، قدمتها الباحثة مى عجلان، مديرة وحدة البرامج بمجلس الشباب المصرى، الكثير من النقاط المهمة والإجابات عن كثير من التساؤلات المطروحة فى ذلك الملف، من بينها أن اللجنة لا يقتصر عملها على مجرد إعداد قائمة بأسماء المرشحين لقرار العفو، إنما العمل أيضاً على إعادة دمجهم فى المجتمع مرة أخرى وعودتهم دون وجود الوصمة المجتمعية التى تلاحقهم.

وأكدت الدراسة أهمية عملية الدمج، وأنه على الرغم من عدم صعوبة تطبيقها، إلا أنها تحتاج المزيد من الوقت للحصول على القبول المجتمعى، وهو الأمر الذى تضعه لجنة العفو الرئاسى على عاتقها منذ إعادة تفعيلها، إذ تمكنت خلال تلك المدة من إعادة بعض الأشخاص إلى العمل والجامعات باعتبار أنه قرار لا يقل أهمية عن إخلاء سبيلهم.

والفرق بين لجنة العفو الرئاسى السابقة والحالية، من النقاط التى أوضحتها دراسة «عجلان»، إذ جاءت الأولى بتوصيات من المؤتمر الوطنى للشباب فى عام 2016، على عكس اللجنة الحالية التى نشأت بناء على رغبة القيادة السياسية، كما لديها مهام مختلفة لا تتعلق فقط بالإفراج عن المحبوسين، بل تشمل أيضاً معالجة ملف الحبس الاحتياطى.

ويشمل دور لجنة العفو الرئاسى الحالية حل أزمة ملف الغارمات، بجانب الدمج المجتمعى للمفرج عنهم، كما أن اللجنة الحالية تأتى بعد إلغاء حالة الطوارئ وإصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وبالتزامن مع التوجيه بالدعوة للحوار الوطنى، كل هذا مؤشر على النية الصادقة من الدولة لمعالجة هذا الملف تماماً والنهوض بملف الحقوق والحريات، فى ضوء الحرص على بناء جمهورية جديدة تسود داخلها قيم حقوق الإنسان، وتوحيد الصفوف للتصدى للتحديات المختلفة على المستوى الإقليمى والدولى.

دراسة لمجلس الشباب المصرى: لجنة العفو الرئاسى توجيه لمد يد العون للمفرج عنهم.. والدمج يحتاج للوقت.. للحصول على القبول المجتمعى

وأوضحت الدراسة شروط العفو الرئاسى عن المسجونين فى نصوص القانون، حيث نصت المادة 100 من دستور 2014 وتعديلاته أن لرئيس الجمهورية قراراً بالعفو الرئاسى عن المسجونين أو تخفيف عقوبتهم، ولا يتم العفو الشامل إلا بموافقة غالبية أعضاء مجلس النواب، كما يشمل العفو الرئاسى نوعين من القرارات هما العفو الشامل والعفو عن العقوبة.

ويشمل العفو باقى عقوبة المسجونين فى بعض القضايا الجنائية غير المخلة بالشرف، ممن قضوا نصف المدة ومن غير المحكوم عليهم فى قضايا قتل عمد ومخدرات، أو إخلال بأمن الوطن، وبموجب شروط خاصة يحددها القرار السيادى، بينما لا يسرى العفو الرئاسى على المحكوم عليهم فى الجرائم الخاصة بالجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من الخارج والداخل والمفرقعات والرشوة وجنايات التزوير.

والأمر ذاته فى الجرائم الخاصة بتعطيل المواصلات والجنايات المنصوص عليها فى القانون الخاص بالأسلحة والذخائر وجنايات المخدرات والاتجار فيها، وجنايات الكسب غير المشروع والجرائم المنصوص عليها بقانون البناء، وكذلك لا يسرى القرار أيضاً على الجرائم المنصوص عليها فى قانون الشركات العاملة فى مجال تلقى الأموال لاستثمارها، والجرائم المنصوص عليها فى قانون الطفل، والجناية المنصوص عليها فى قانون مكافحة غسل الأموال.

ومن شروط العفو على المحكوم عليه أن يكون سلوكه خلال تنفيذ العقوبة داعياً إلى الثقة فى تقويم نفسه، وألا يكون فى العفو عنه خطر على الأمن العام، وأن يفى بالالتزامات المالية المحكوم بها عليه، ما لم يكن من المتعذر عليه الوفاء بها.

وتعد قرارات العفو الرئاسى من اختصاصات رئيس الجمهورية ومن أعمال السيادة، وليس هناك شروط معينة للاختيار، فقد يختار الرئيس المعفى عنهم وفقاً لاعتبارات صحية، أو إنسانية، أو وفقاً للمصلحة العامة، أو قد يرى أن هناك تجاوزاً فى معاقبة البعض فيُصدر قراراً بالعفو عنهم، بحسب ما جاء فى الدراسة وغيرها من الشروط.


مواضيع متعلقة