قصة الاكتفاء الذاتي من الدواجن
الاكتفاء الذاتى من الإنتاج الداجنى، (كتاكيت، ولحوم، وبيض مائدة)، لم يكن جديداً على منظومة مصرية، قبل نحو عام ونصف العام فقط، قبل أن يضرب هذه الصناعة «نحس» كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وقرار السيد طارق عامر، محافظ البنك المركزى السابق، بإلغاء مستندات التحصيل فى منظومة الواردات من الخارج.
ويسجّل التاريخ القريب أن مصر أنتجت وصدّرت من فائض إنتاجها الكثير من معظم الحاصلات الزراعية، ما عدا القليل منها، مثل: القمح، الذرة، الفول، العدس، والمحاصيل الزيتية، والأخيرة كان القطن يتكفل بسداد حصة كبيرة منها.
كانت مصر تنتج 12 مليون قنطار من القطن، أى نحو 76 ألف طن «زهر»، كانت تُستَخرج منها نحو 41.5 ألف طن من البذور، تتحول بعد العصر إلى نحو 12500 طن زيت، ونحو 29 ألف طن كسبة علف، فى الوقت الذى كانت فيه هذه المخرجات الجانبية تسد نسبة جيدة من زيت الطعام، ونسبة مُرْضية للمربين من علف مواشى التسمين والحليب، حيث كان عدد السكان يساوى نصف التعداد الحالى تقريباً.
أما الآن، ومع الأزمة العالمية التى جمّدت عجلات اقتصاد معظم الدول، فإن الإنتاجية الفعلية من صناعة الدواجن، لم تحقق أكثر من 60% من لحوم التسمين، ومثلها أو أقل من بيض المائدة، بعد أن أحجم معظم المربين عن دخول دورات جديدة فى المجالين، خوفاً من عدم توافر الأعلاف، وارتفاع التكاليف، وزيادة نسبة النفوق بسبب غياب معظم الأدوية واللقاحات البيطرية.
الغريب فى هذا المجال، أن يصرح رئيس الاتحاد العام لمنتجى الدواجن، بأن الاكتفاء الذاتى من الدواجن وبيض المائدة ما زال محققاً، فى وقت تختفى فيه بذرة الصويا التى أوقفت عجلات مصانع الأعلاف، وجمّدت بطاريات وعنابر إنتاج بيض المائدة، وبالتالى منعت إدخال قطعان تسمين أو بيّاض جديدة.
تصريح رئيس اتحاد منتجى الدواجن استند إليه وزير التموين فى إعلانه عن الاحتياطى المصرى من السلع الاستراتيجية، ليأتى فى خانة الدواجن أيضاً، تطميناً بالاكتفاء الذاتى من الدواجن الحية، وخزيناً من الدواجن المجمّدة يكفى 7 أشهر، فى الوقت الذى غادر فيه مجال التسمين أكثر من 40% من صغار المربين (الذين يمثلون 70% من حجم هذه الصناعة).
ظل رئيس الاتحاد لسنوات طويلة، يعلن عن آماله فى ارتفاع معدل استهلاك المصريين من لحوم الدواجن (13 كيلوجراماً للفرد سنوياً)، مقابل 20 كيلوجراماً فى جنوب أفريقيا، و40 كيلوجراماً فى دول الخليج، و60 كيلوجراماً فى أمريكا، لكن اليوم، يحدونا جميعاً الأمل فى أن تنفّذ الجهات الحكومية توجيهات رئيس الجمهورية بجعل مدخلات صناعة الأغذية والأدوية أولوية قصوى فى ملف الاعتمادات المستندية الدولارية، للإفراج عن الخامات المحتجزة فى الموانئ.
وفى باب الطموحات، بإمكان صناعة الدواجن المصرية العودة إلى الاكتفاء الذاتى والتصدير، شرط إخراجها من عنق الزجاجة الذى دخلته جبراً، بفعل قرار طارق عامر، الذى ألغى مستندات التحصيل منذ منتصف فبراير 2022، وهو قرار لم تظهر له فوائد حتى الآن، أكثر من تكدّس الواردات فى الموانئ، بقرار استقال صاحبه، وأصبح من الضرورى شطبه، اتساقاً مع شعار «تحيا مصر».