هل يمكن أن تتطور الأزمة الأوكرانية لحرب عالمية؟.. باحثة بـ«المصري للفكر» توضح

هل يمكن أن تتطور الأزمة الأوكرانية لحرب عالمية؟.. باحثة بـ«المصري للفكر» توضح
- فردوس عبد الباقي
- الأزمة الأوكرانية
- حرب عالمية ثالثة
- الحدود الروسية
- روسيا
- الولايات المتحدة
- الصين
- فردوس عبد الباقي
- الأزمة الأوكرانية
- حرب عالمية ثالثة
- الحدود الروسية
- روسيا
- الولايات المتحدة
- الصين
قدمت فردوس عبدالباقي، باحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة تحليلية قالت فيها إن الأزمة الأوكرانية المشتعلة بين روسيا والغرب على الساحة الأوكرانية، تأتي في وقت يشهد فيه العالم تشابكًا واعتمادًا اقتصاديًا متبادلًا، كما يواجه ردعًا نوويًّا بين القوى المتنازعة، وتُستخدم فيها الطاقة كسلاح للضغط على الدول وبعضها البعض.
الحرب العالمية الأولى على سبيل المثال بدأت بحادث بسيط
هنا يظهر التساؤل عما إذا كانت هناك ظروف مواتية من هذه الأزمة يمكنها إشعال حرب عالمية ثالثة؟، الإجابة على هذا التساؤل يمكن توضيحها من خلال مجموعة من الأفكار، تتمثل الفكرة الأولى في نقطة البداية؛ فالحرب العالمية الأولى على سبيل المثال بدأت بحادث بسيط عبر اغتيال ولي عهد النمسا، وتطور لتدور رحى الحرب بين القوى الدولية في أحلاف متصارعة.
إذا وضعنا هذه النقطة ومقارنتها مع بداية الأزمة الأوكرانية، فقد كانت هناك مطالب روسية من الغرب بالتعهد بعدم المساس بالمصالح القومية الروسية وتقديم ضمانات بعدم ضم أوكرانيا لحلف الناتو لئلا يكون تهديدًا على الحدود الروسية، لكن لم تحدث أي استجابة لهذه المطالب، وهو ما أدى للتصعيد الذي وصلت له الأزمة الآن.
الفكرة الثانية التي يمكن الإشارة لها تدور حول مسألة التحالفات، ففي الحربين العالميتين الأولى والثانية وحتى في الحرب الباردة كانت هناك مجموعة من الدول التي تنضم لمعسكر ضد الآخر بشكل واضح أو دول أخرى تظل على الحياد، لكن تختلف الأزمة الأوكرانية هنا بأن التحالفات ليست ذات حدود واضحة المعالم، فهناك دول لا تزال تتأرجح بين اتجاه وآخر إعمالًا لمصالحها الوطنية مثل الهند التي تحافظ على علاقات مع روسيا وفي نفس الوقت لا تقدم الدعم الكامل للجانب الغربي في الأزمة.
كما يمكن ضرب مثال آخر على تأثير الأزمة في توجه الدول المحايدة التي انضمت لحلف الناتو خلال الأزمة مثل فنلندا والسويد بما أضاف لمزيد من خطط دفاع الناتو في مواجهة روسيا، وقد يقلل -من جهة أخرى- فرص تزايد مساحة الحرب لتطال دول أخرى في المنطقة.
لكن كيف سيواجه الحلف طلب انضمام أوكرانيا رسميًا للانضمام له؟ خاصةً أن عضويتها ستفرض على الدول الأعضاء في الحلف –وفي مقدمتها الولايات المتحدة- إرسال جنود لحمايتها كأي دولة في الحلف وفقًا لمبدأ الدفاع الجماعي، لذلك هناك اتجاه مؤيد لعملية الانضمام قد تكون ممكنة في مرحلة ما بعد الحرب تجنبًا لمواجهة مباشرة بين روسيا والحلف تؤهل بشكل فعلي لحرب عالمية ثالثة، لذا سيتم التذرع بعدم استيفاء كييف لمعايير الانضمام، في المقابل سيستمر دعم دول الحلف لأوكرانيا كما هو قائم حاليًا عبر تعزيز قدراتها الدفاعية.
ارتباطًا بهذه النقطة، يمكن إلقاء الضوء على مسألة القوى الحاسمة في الحرب، فقد كان دخول الولايات المتحدة في أواخر الحرب العالمية الأولى أحد العوامل المساهمة في انتهاء الحرب –التي استمرت أربع سنوات- لصالح الحلفاء.
وهنا يمكن الإشارة إلى الصين ودورها في الأزمة وهل يمكنها أن تكون عامل حاسم في الحرب في حالة دخولها الصريح بجانب روسيا؟
لكن لا تزال بكين خاضعة لمجموعة من الحسابات التي تجعلها مؤجلة لهذه الخطوة، على رأس هذه الحسابات أنها تبدي تأييدها للحقوق الأمنية الروسية حفاظًا على علاقات قد تخدمها في المستقبل في حالة قيامها بضم تايوان، بالإضافة لضمان تأمين خطوط إمداد الطاقة لاستعادة التوازن الاقتصادي والتنمية التي تتضررت بقوة بفعل جائحة كورونا ورغبتها في عدم الإضرار بسلاسل التوريد العالمية التي أثرت الحرب عليها سلبًا ومن ثم مبادرة الحزام والطريق، كما يبدو أن الصين لا تريد في نفس الوقت خسارة العلاقات الاقتصادية مع الدول الأوروبية (16+1) في الوقت الراهن إذا أعلنت صراحةً دعمها لروسيا.
الصين تسير على خطى استعدادات عسكرية كي تكون القوة الأولى عالميًا بحلول 2049
كما أن الصين تسير على خطى استعدادات عسكرية كي تكون القوة الأولى عالميًا بحلول 2049 ولا تريد الخروج عن هذا الهدف بالدخول في حروب فرعية لا تخدم هدف تجديد شباب الأمة الذي سيتم بضم تايوان.
اتصالًا بهذا، تأتي الفكرة الرابعة بأن الحرب العالمية الثالثة –إن صح التعبير- قد لا تكون شرارتها هي الأزمة الأوكرانية، وإنما تايوان.
فأوكرانيا ما هي إلا أنبوبة اختبار لكل الأطراف في الأزمة، يواجه بها الغرب خطر مواجهة نقص الطاقة المقدم من روسيا، وترهق بها الولايات المتحدة القوات الروسية في حرب مفتوحة، وتحقق الصين من وراء كل الأطراف مكاسب مختلفة وتنجح من خلالها روسيا في إقامة منطقة عازلة بينها وبين حلف الناتو والاقتصار على كونها خطوة تماثل ما حدث خلال ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وفي نفس الوقت إعادة روسيا لإنتاج صورتها ودورها كقطب عالمي له دور في توجيه السياسة الدولية.
أحد العوامل الداعمة لعملية التصعيد هو اللجوء لاستخدام القوة النووية خاصةً بعد التلويح لها قبل ضم روسيا لكل من زابوريجيا وخيرسون ولوهانسك ودونستيتك التي باتت الآن «أراضي روسية» بموجب استفتاءات الضم التي تمت خلال الفترة من 23- 27 سبتمبر 2022.
وهذا يطرح تساؤل عن احتمالية تغير معادلة الحرب إلى استخدام القوة النووية ليصبح هو العامل الحاسم في تلك الأزمة مثلما كان عليه الحال في الحرب العالمية الثانية.
بجانب هذا يمكن الإشارة إلى دور امتلاك الموارد الطبيعية في مجريات الحرب، فيعد امتلاك روسيا لمورد الغاز الطبيعي ثم ضمها لأربع مناطق لها أهمية استراتيجية تضمن أمن الحدود الغربية الروسية بسيطرتها على الممرات البحرية الجنوبية في بحر آزوف والبحر الأسود، كما يساهم في تأمين رباط بري مستقر مع شبه جزيرة القرم.
بناءً على ذلك، يمكن القول إنه من الصعب حدوث حرب عالمية في الوقت الراهن كونها مرهونة بعدد من المؤشرات لأن تصعيد الأطراف للأزمة إلى حد المواجهة المباشرة ستكون مكلفة للغاية، كما أن خيارات المواجهة حاليًا ستكون مقتصرة على فرض العقوبات وتقديم المساعدات.