من التأميم للتطوير.. قناة السويس شريان العالم النابض من قلب مصر

كتب: محمد علي حسن

من التأميم للتطوير.. قناة السويس شريان العالم النابض من قلب مصر

من التأميم للتطوير.. قناة السويس شريان العالم النابض من قلب مصر

«تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية».. الجملة الأشهر في خطاب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالأسكندرية في السادس والعشرين من يوليو عام 1956، ما جعل مصر تتعرض بعد قرار التأميم لهجمة استعمارية شرسة بدأت بمحاولة خنق الاقتصاد المصرى عندما انسحب المرشدون والفنيون الأجانب الذين يعملون فى القناة لتعطيل الملاحة وعرقلة دولاب العمل ومن ثم إحراج الدولة المصرية بعدم قدرة أبنائها على إدارة القناة، بحسب جورج حليم كيرلس في كتابه «قناة السويس والقنوات البحرية العالمية».

المرشدون المصريون يبهرون العالم في تسيير ملاحة قناة السويس

روح التحدي التي يتحلى بها المصريون دوما في أحلك الأوقات ساعدت على تجاوز الأزمة حيث نجح المرشدون المصريون بمعاونة بعض المرشدين من الدول الصديقة في تسيير الملاحة بانتظام بعد يومين فقط من انسحاب المرشدين الأجانب حيث عبرت القناة في 16 سبتمبر 36 سفينة وفي 17 سبتمبر 35 سفينة، وفي يوم 18 سبتمبر 32 سفينة، وفي 19 سبتمبر 34 سفينة، وبعد أسبوع واحد من انسحاب ثلثي مرشديها مرت منذ التأميم 2432 سفينة بسلام وأمان منها 301 عقب الانسحاب الجماعي للمرشدين الأجانب، بحسب كتاب «قناة السويس: ماضيها وحاضرها ومستقبلها»، من تأليف محمود يونس.

تتوالى الأحداث بشن العدوان الثلاثي على مصر والذي استمر من 31 اكتوبر إلى 22 ديسمبر من العام 1956، وإذا كان العدوان الثلاثي قد تسبب في غلق القناة إلا أنّ ضفاف القناة ومصر كلها خاضت في ذلك الوقت معركة مجيدة، وبروح التحدي نفيها استؤنفت الملاحة في القناة يوم 29 مارس 1957 بعد انتشال السفن الغارقة فيها وتطهيرها، بحسب الموقع الرسمي لهيئة قناة السويس.

وضع حجر الأساس لترسانة هيئة قناة السويس البحرية في 1961

وبعد عودة الملاحة في القناة بدأت هيئة قناة السويس اعتبارا من أول يناير 1958 فى تنفيذ المرحلة الأولى من «مشروع ناصر» بهدف زيادة القطاع المائي لها من 1250 مترا مربعا إلى 1800 متر مربع، وزيادة الغاطس المسموح به للسفن العابرة من 35 قدماً إلى 37 قدمًا، وشهد عام 1958 وصول أسطول الكراكات الذى ضم الكراكة الماصة 15 سبتمبر والأخرى 26 يوليو.

وتسارعت عملية التطوير في عام 1961 الذي شهد انتهاء المرحلة الأولى من مشروع ناصر في 30 أبريل 1961، والثانية في أول سبتمبر 1961، وفي ديسمبر من العام نفسه تم وضع حجر الأساس لترسانة هيئة قناة السويس البحرية.

عبور أضخم ناقلة بترول في العالم عبر قناة السويس

كما شهد عام 1962 عبور ناقلة البترول «مانهاتان» أضخم ناقلة بترول في العالم، والتي تعد أضخم سفينة عبرت القناة منذ إنشائها، وهي أمريكية الجنسية حمولتها القصوى 106500 طن وطولها 286.7 مترا وعرضها 40.2 متر، وغاطسها الأقصى 15.05 من الأمتار، وتضارع في ارتفاعها عمارة ذات عشرة طوابق، حسب الموقع الرسمي لهيئة قناة السويس.

وتوقفت الملاحة في القناة 5 يونيو 1967، واستمر الوضع كذلك حتى أعلن الرئيس أنور السادات في خطابه التاريخي بمجلس الشعب 29 مارس 1975، إعادة فتح قناة السويس.

وفي 5 يونيو 1975، أعيد افتتاح القناة للملاحة العالمية، وقال السادات في خطاب تاريخي «أعلن لابن هذه الأرض الطيبة الذي شق القناة بعرقه ودموعه، همزة للوصل بين القارات والحضارات، وعبرها بأرواح شهدائه الأبرار لينشر السلام والأمان على ضفافها، يعيد فتحها اليوم للملاحة من جديد، رافدًا للسلام وشريانا للازدهار والتعاون بين البشر»، بحسب الموقع الرسمي لمتحف الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

«هدية مصر للعالم».. السيسي يفتتح قناة السويس الجديدة 

وفي أغسطس عام 2015، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي رسميا مشروع قناة السويس الجديدة ووقع وثيقة التشغيل الفعلي للقناة التي تأمل مصر في أن تسهم في تحسين الاقتصاد، وألقى الرئيس بهذه المناسبة كلمة تحدث فيها عن آفاق تشغيل هذه القناة وعائداتها على الاقتصاد والشعب المصري، كما شكر فيها كل من ساهم وعمل على إنجاح هذا المشروع الوطني الذي اُنجز في فترة قياسية.

والقناة الجديدة بطول 35 كيلومترا يمر بموازاة قناة السويس الأصلية التي يبلغ طولها 190 كيلومترًا، ويعود تاريخ بنائها إلى 145 عاما، ويهدف إلى مرور السفن في الاتجاهين دون توقف بمناطق انتظار داخل القناة وكذلك تقليل زمن العبور، ما يسهم في زيادة الإقبال على استخدام القناة ويرفع من درجة تصنيفها، بحسب الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية.

وتمثلت أهم الإنجازات التي تحققت للدولة المصرية من إنشاء قناة السويس الجديدة، زيادة القدرة التصريفية للقناة لتصل إلى 97 سفينة معيارية/ يوم مقارنة بنحو 77 سفينة معيارية/ يوم قبل افتتاح القناة الجديدة، وتحقيق العبور المباشر لعدد 45 سفينة في كلا الاتجاهين مع تقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلا من 18 ساعة لقافلة الشمال، وضم قافلة الشمال الثانية إلى قافلة الشمال الأولى؛ ليكون العبور قافلة شمال واحدة وقافلة جنوب واحده فقط، والسماح بعبور السفن حتى غاطس 66 قدما في كلا الاتجاهين، خاصة في ظل التزايد المستمر للسفن ذات الغاطس 45 قدم فأكثر، وهو ما ساهم  في جذب السفن العملاقة في أسطول التجارة العالمي لعبور القناة.

كما تحقق الأمان الملاحي لوجود قناة بديلة تضمن عدم توقف الملاحة عند حدوث أي حادث طارئ، وتقليل عدد الانحناءات بالمجرى الملاحي للقناة بما أدى لزيادة معدلات الأمان الملاحي للسفن العابرة للقناة، والحفاظ على المركز التنافسي لقناة السويس عن طريق الاستمرار في تطوير المجرى الملاحي للقناة في ظل مشاريع التطوير التي تتم في الطرق المنافسة والبديلة سواء البحرية منها أو البرية. 


مواضيع متعلقة