بالصور| المجتمع الروسي بعد الانهيار السوفييتي.."التغيير..نريد التغيير"

بالصور| المجتمع الروسي بعد الانهيار السوفييتي.."التغيير..نريد التغيير"
لم يكن تفتت الإتحاد السوفيتي بعد إذاعة بيان ميخائيل جورباتشوف، الرئيس السوفيتي، تنحيه عن منصبه في 25 ديسمبر، ثم إصدار وثيقة إعلان حل البرلمان السوفيتي بعد إقراره حل الاتحاد السوفيتي وقيام رابطة الدول المستقلة في اليوم التالي، هو تفكك دولة كبيرة إلى دويلات صغيرة، بل نهاية لمبدأ عالمي في صراع بين إيدلوجيتين هما الاشتراكية والرأسمالية، بين معسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي، "الحرب الباردة" التي انتهت بخسارة السوفيت.
بعد انهيار التجربة الأولى للنظام الاشتراكي الذي كان يقوم على أفكار ماركس ولينين، تغيرت موازين القوى الدولية، فظهرت دول جديدة واختفت أخرى، حروب وهزات في الجدران الحياة الاجتماعية، إصلاحات واسعة النطاق منها الخصخصة وتحرير السوق خلفت المجتمعات الفقيرة أكثر فقرًا، وشهدت روسيا التي تم الاعتراف بها بوصفها الخلف القانوني للاتحاد السوفييتي على المسرح الدولي، اتساعا للجريمة والنزاعات المسلحة في شمال القوقاز، الناتجة عن المناوشات العرقية المحلية منذ إعلان الشيشان استقلاله في أوائل تسعينات القرن، وخوضه حرب عصابات متقطعة مع القوات المسلحة الروسية.
انتخب "بوريس يلتسن" رئيسا لجمهورية روسيا في يونيو 1991 في أول انتخابات رئاسية مباشرة في التاريخ الروسي، معلنا "بدء مرحلة جديدة يتحول فيها من بناء الاشتراكية إلى دعوة إقامة بناء جدي"، فقد ورثت روسيا من الاتحاد السوفيتي 17 مليون كيلومتر مربع، و75% من حجم موارده الطبيعية، ويعيش في روسيا اليوم 142 مليون نسمة ما يشكل 51 %من إجمالي عدد سكان الاتحاد السوفيتي السابق.
كان وضع روسيا الاتحادية الداخلي يؤثر بشكل مباشر في التوجه الإستراتيجي للدولة الروسية، حيث خلف السوفيت ثلاثة توجهات سياسية، القوميون الروس المتطرفون، الذين اعتنقوا النظرية الأوراسية الداعية إلى النهوض بدور قيادي رئيسي في الكتلة الضخمة التي تشكل في آسيا، والشيوعيون الروس والقادة العسكريون في القوات المسلحة السوفيتية السابقة، وبقي عدد ليس بقليل في منصبه، وغيرهم من المتقاعدين هاجموا النظرية الأوراسية وانعكست آراؤهم في الكثير من المنشورات الصادرة في روسيا في عقد التسعينيات، والقسم الحر الذي تبنى فكر الاقتصاد الحر، منهم من يدعو إلى إحلال الإصلاح بسرعة كبيرة دون توقف، في حين رأى آخرون أن يتم الإصلاح بتؤدة وبخطى تراكمية، والذي أدى الكثير من الأزمات الاقتصادية.
أدت حملة الخصخصة في التسعينيات، إلى استيلاء الأفراد ذوي الارتباطات الجيدة على الأصول الحكومية القيمة في البلاد، وولادة أوائل كبار رجال الأعمال وأصحاب الثروات الضخمة، وخسر أمامهم عشرات الملايين من الروس كل مدخراتهم بسبب التضخم الذي حدث خلال أشهر قليلة في العام 1992، كما أصدرت الحكومة قوانين تتيح للمواطنين امتلاك الشقق التي كانوا يقيمون فيها.
ظلت الأعوام الأولى بعد قيام روسيا الاتحادية هي أعوام التغييرات الثورية، والتي عبر عنها "فيكتور تسوي"، مغني البوب الشهير في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، من خلال أغنيته " التغيير.. نريد التغيير"، والتي وصفت الاتجاه الشبابي السائد حينها،حيث حملت أعوام التسعينيات بعض التغييرات التي بني عليها استقرار وازدهار القرن العشرين، حيث ركز "يلتسين" على الديمقراطية والانتخابات الحرة، أما مع بداية القرن والحادي والعشرين وتولي "فلاديمير بوتين" السلطة، أعلن أن أولويته تتمثل في تأكيد سلطة القانون.
من الناحية الاقتصادية، وجدت مجموعة صغيرة من الروس ذات الدخل المتوسط، وكانت هذه الطبقة تعد طبقة متقدمة في المجتمع، وظلت مستويات دخل الروس العاديين ومعيشتهم ترتفع بسرعة خلال هذه السنوات، حتى بلغ نصيب الفرد الروسي في العام 2012 من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية 14.037 دولارا، وهو يبلغ أربعة أضعاف رقم العام 1989، في الوقت الذي استمرت الحكومة بتقديم الرعاية الصحية المجانية، والتعليم الثانوي المجاني، والتعليم العالي المجاني للذين ينجحون في امتحانات القبول في الجامعات، وعكس التحسن في الأحوال الاقتصادية على الوضع الديموغرافي في روسيا في آخر عشر سنوات من القرن الحالي، حيث شجعت السياسات الحكومية على الإنجاب والتي انطلقت في العام 2004، وبدأ يزداد عدد السكان بمعدل 200 ألف نسمة سنويا.