«أشرف» من «شيال طوب» إلى أستاذ بجامعة دمنهور.. وطلابه: «قدوة حسنة»

كتب: إحسان شعبان

«أشرف» من «شيال طوب» إلى أستاذ بجامعة دمنهور.. وطلابه: «قدوة حسنة»

«أشرف» من «شيال طوب» إلى أستاذ بجامعة دمنهور.. وطلابه: «قدوة حسنة»

داخل منزل من الخوص يغطيه القش، تقطن أسرة تحتمي من مياه الأمطار باللجوء إلى جوانب المنزل، مستعينة بوضع الإناء لجمع آثار الشتاء، في ظل دخل مادي لا يكفي لتوفير متطلبات الحياة، تلك الظروف عاشتها أسرة الدكتور أشرف رسلان، أستاذ علم الاجتماع بجامعة دمنهور.

عائلة قوامها الثراء، تتوسطها أسرة تعاني ضيق الحال، بعدما تخلي الجد عن أحفاده، لتتمخض هذه المحنة عن أستاذ جامعي، صار حديث أهالي البحيرة خلال الأيام الماضية، كونه عمل في عدد من المهن الشاقة باليومية، ليصير عائل الأسرة ومصدر دخلها.

«أشرف» رحلة مبكرة لتحمل مسؤولية 5 أشقاء 

كان الأكبر سناً لأسرة تتكون من 5 أشقاء، ليصبح أباً لهم في جمع المال مع والديه، بدأت رحلة الطفل أشرف رسلان بينما كان في سن 7 سنوات، لتدفعه ظروف المعيشة إلى مساندة والده، حيث عمل في الأراضي الزراعية لدى أهالي قريته، في جمع القطن وغيره من أعمال الزراعة، إلا أن ذلك لم يؤثر على تفوقه الدراسي.

سبيل الشقاء لتحقيق حلم الالتحاق بالثانوية العامة 

بمرور السنوات اشتد عود الطفل ليصبح شاباً، يلتحق بالثانوية العامة لتفوقه في المراحل الدراسية المختلفة، ليتخذ سبيل الشقاء دافعاً له في تحقيق ذاته، بالاضافة إلى عمله في حمل الطوب ومواد البناء، حتى صار رفيق درب والده في العديد من الأعمال التي جمعت الأب وابنه ليعملا سوياً في بناء مدرسة القرية، وغيرها من الأعمال.

لم يدم الحال في العمل بمهنة البناء طويلاً، ليعود الأب وابنه للعمل في الزراعة مرة أخرى، حيث قاما بتأجير بعض المساحات الزراعية من أهالي قرية «فرهاش»، بمركز حوش عيسى، مسقط رأسه ليعمل الشاب بها عقب عودته من دراسته مع والده، في ضم الأرز والقمح وغيرهما.

إصابة الأب تحول مسار الشاب أشرف رسلان 

ونظراً لأن الرياح عادةً تأتي بما لا تشتهيه السفن، فقد تبدلت مسيرة الشاب أشرف رسلان، بعدما تفوق في السنة الأولى من الثانوية العامة بحصوله على 97%، حيث أصيب والده أثناء العمل بعاهة خلفتها له ماكينة الحصاد، دفعت تلك الظروف الطالب المتفوق إلى ترك دراسته والانقطاع عنها، ليذهب إلى القاهرة حيث عمل في تنظيف السيارات، وتوصيل طلبات إلى المنازل.

قصص كفاح شباب القرى بالمدن

قصة كفاح «أشرف» تتشابه إلى حد كبير مع العديد من شباب القرى، أثناء لجوئهم إلى المدن لجمع المال، لكنها اختلفت مقاومتها عن غيرها، حيث كانت النهاية برؤية أقرانه من العمر في ذهابهم وعودتهم من الدراسة، ليقرر العودة مرة أخرى إلى جوار والده، واستكمال دراسته، بعد انقطاع دام ما يقرب من سنة كاملة، مع استمرار العمل لتوفير المال لأسرته، ليلتحق الشاب بكلية الآداب جامعة دمنهور، التي تخرج فيها بتفوق، وأصبح أستاذاً جامعياً بها، بعد رحلة من العناء، تكللت بالتفوق وتحقيق الذات.

تلك كانت رحلة العمل والمعاناة التي ذكرها الدكتور أشرف رسلان، أستاذ علم الاجتماع بجامعة دمنهور، أثناء حديثه لـ«الوطن»، مشيراً إلى أنه ظل يعمل في مهنة المعمار، حتى بعد أن أصبح مدرساً بالجامعة، معتبراً أن معاناته كانت ولازالت تاريخاً مشرفاً له، موجهاً النصح إلى الشباب بمواصلة عملهم على تحقيق ذاتهم، دون النظر إلى كون هذا العمل مناسباً لهم اجتماعياً أم لا، طالما أنه ليس عيباً ولا محرماً.

قصة كفاح الدكتور «أشرف» قدوة للطلاب 

بمجرد أن أُذيعت قصة كفاح الدكتور «أشرف رسلان» بين أسوار جامعة دمنهور، ألقت بظلالها على عزيمة الطلاب، الذين أكدوا أنهم يتخذونه قدوة ومثلا أعلى يُحتذى به.

«قصته تتشابه معي إلى حد كبير في المعاناة»، كلمات قالها الشاب «محمود شلبي»، طالب بكلية الآداب، مشيراً إلى أن الدكتور «أشرف» دائم الحديث معهم وتشجيعهم من خلال قصة كفاحه التي لم تكن سهلة، على حد وصف الطالب.

وأضاف «محمود» أنه يسعى هو الآخر للتفوق بالكلية، حتى يحقق حلمه في الالتحاق بهيئة التدريس، ومساندة أسرته في ظروفهم المادية، أسوة بالدكتور «أشرف».

وقال «علي جمعة» عن الدكتور «أشرف»: «هو قدوتنا ومثلنا الأعلى»، مشيراً إلى أنه يتمتع بالسيرة العطرة بين طلابه، كونه يشعر بمعاناتهم، واختتم كلامه بقوله: «هدف كل واحد فينا يبقى زي الدكتور أشرف».


مواضيع متعلقة