لماذا تشتري البنوك المركزية الذهب؟.. تعددت الأسباب والغاية واحدة

كتب: محمد الدعدع

لماذا تشتري البنوك المركزية الذهب؟.. تعددت الأسباب والغاية واحدة

لماذا تشتري البنوك المركزية الذهب؟.. تعددت الأسباب والغاية واحدة

زاد اهتمام البنوك المركزية بشراء الذهب، على مدار السنوات العشر الماضية، بشكل ملحوظ لتعزيز احتياطياتها ودعم العملات المحلية، وسجلت مشترياتها العام الماضي، 362.6 طنًا من الذهب بما قيمته 16.8 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 37.5% عن عام 2020، بحسب تقرير لشركة بنكر العالمية المتخصصة في الاستثمار بالمعادن النفيسة.

البنوك المركزية تستحوذ على 12% من إنتاج الذهب

التقرير أشار إلى بلوغ إنتاج الذهب العالمي في العام الماضي 3000 طن متري، واشترت البنوك المركزية 12% من إنتاج الذهب في العالم، وهو ما يمثل جزء كبير من سوق الذهب، مقارنة بما اشترته عام 2020، بنسبة 8%، وتاريخياً كانت أعلى كميات شراء الذهب في عام 2015 بنحو 913.4 طنًا من الذهب أى 47 مليار دولار أمريكي.

وفي عام 2019 بلغ نحو 707.7 طنًا من الذهب 36 مليار دولار أمريكي، وفي عام 2021، بلغ إجمالي احتياطيات الذهب في البنوك المركزية أعلى مستوى لها في 31 عامًا.

الولايات المتحدة أكبر مشتر للذهب

ولفت التقرير إلى أن أكبر مشترٍ الذهب من البنوك المركزية في السنوات العشرين الماضية حسب ترتيب الأهمية: «الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا والاتحاد الروسي»، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة، أكبر مشتر للذهب في العشرين سنة الماضية، وزادت من احتياطياتها لمواجهة ارتفاع التضخم أو عدم الاستقرار الجيوسياسي والأزمة المالية.

الحروب والأزمات أفضل أوقات شراء الذهب

وبدأت الولايات المتحدة في زيادة احتياطياتها من الذهب في الفترة 2002-2005 على خلفية الأعمال الإرهابية وغزو أفغانستان والعراق وتراجع قيمة الدولار وعدم الاستقرار في السوق، وخلال الأزمة المالية العالمية، عندما انهارت أسواق الأسهم، أضافت الولايات المتحدة 215 مليار دولار من احتياطياتها من الذهب وخلال الأزمة العالمية، استخدم الاحتياطي الفيدرالي الذهب كملاذ آمن خلال سنوات من عدم الاستقرار وللتحوط.

ومع بدء الاقتصاد الأمريكي في التعافي من الأزمة المالية، باعت الولايات المتحدة 133 مليار دولار من احتياطياتها من الذهب، وخفضت احتياطياتها من الذهب إلى 300 مليار دولار في عام 2016، بحسب التقرير.

تعافي الاقتصاد أنسب وقت للتخلص من الذهب

يشير تقرير شركة «بنكر»، إلى أنه خلال فترة ارتفاع أسواق الأسهم، لا يحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى الاحتفاظ بمثل هذه الاحتياطيات من الذهب كما يحدث خلال فترات التقلب لأن الذهب «أصل ميت»، وبعد عام 2016، زادت الولايات المتحدة مشترياتها من الذهب إلى 57% مقارنة بعام 2016، لتصل إلى 472 مليار احتياطي من الذهب اعتبارًا من عام 2021.

زيادة دور اليوان كعملة احتياطية في العالم

يشير التقرير إلى دوافع شراء البنك المركزي الصيني للذهب، فيقول: «تشتري الصين الذهب لزيادة دور اليوان كعملة احتياطية في العالم، واشترت ما قيمته 114 مليار دولار من الذهب على مدار العشرين عامًا الماضية، ورسميًا، لا تعلق على أسباب شراء الذهب لأنه، وفقًا لجمعية الذهب الصينية، فإن الشراء أو حتى إعلان النية للقيام بذلك من قبل الصين من شأنه أن يؤدي إلى المضاربة في السوق والتقلبات.

12% من إجمالي الذهب العالمي في الصين

في الاحتياطيات الرسمية للصين، بلغ نسبة الذهب 3% فقط، وهو أقل بكثير من نفس النسبة لدى الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية، لذلك، من خلال شراء الذهب، تحاول الصين التنويع التدريجي لاحتياطياتها وتقوية عملتها الوطنية، وهو ما أكده تقرير بنك الشعب الصيني في عام 2015.

وبالإضافة إلى ذلك تعد الصين أكبر منتج للذهب في العالم، حيث أنتجت 370 طناً مترياً من الذهب، أي 12% من إجمالي الذهب المنتج في العالم، لذلك، فإن بنكهم المركزي لديه القدرة على شراء الذهب من منتجيهم، وبشكل أساسي، تحتفظ الصين بإنتاج الذهب لنفسها، ويلفت التقرير الانتباه إلى أنه في عام 2021، كان لدى الصين 141 مليار دولار من الذهب في احتياطياتها.

زيادة احتياطيات روسيا من الذهب

عن الاهتمام الروسي بشراء الذهب، يضيف تقرير شركة «بنكر»، أن الاتحاد الروسي اشترى الذهب لإنشاء نظام تسوية ثنائي، حيث أضافت روسيا 131 مليار ذهب إلى احتياطياتها في العشرين عامًا الماضية، ولدى البنك المركزي الروسي الفرصة لشراء الذهب من المنتجين المحليين، وقد بدأت روسيا في زيادة احتياطياتها من الذهب بشكل كبير على خلفية الأزمة المالية لعام 2008، وغزو جورجيا وتراجع قيمة الروبل مقابل الدولار.

زيادة حصص الذهب واليوان في البنك المركزي الروسي

يمضي التقرير: «في عام 2014، حدث انهيار كبير للروبل، وفقد 54% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي نتيجة فرض عقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بسبب الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم، وعلى خلفية هذه الأحداث، بدأ البنك المركزي الروسي في شراء الذهب بحد، وصرحت إلفيرا نابيولينا، رئيسة البنك المركزي، قائلة: «بصفتنا دولة ذات عملة غير احتياطية، يجب أن نكون قادرين على تحقيق الاستقرار في سوق الصرف الأجنبي المحلي في مثل هذه الأزمة.

وكان سوق الصرف الأجنبي المحلي لدينا بالدولار واليورو بشكل أساسي، لذلك هناك حاجة إلى درء مثل هذه التهديدات المالية، لكن منذ عام 2014، تعرضت بلادنا لضغوط العقوبات، لذلك قمنا بتنويع احتياطياتنا على مر السنين، وزيادة حصص الذهب واليوان».

الذهب وسيلة هامة للتخلي عن الدولار الأمريكي

وواصلت روسيا شراء الذهب بالتنسيق مع الصين من أجل بناء نظام نقدي جديد وحماية عملتها واقتصادها من العقوبات بعد بدء حرب شاملة ضد أوكرانيا، وتصادف أن الصين وروسيا هما الدولتان اللتان أبرمتا حتى الآن أكثر وأكبر اتفاقيات التجارة الثنائية بالتخلي عن الدولار الأمريكي، وفي اجتماع البريكس الأخير في يونيو 2022، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا والصين تعملان على تطوير نظام جديد مع شركاء البريكس، وأن مسألة إنشاء عملة احتياطي دولية على أساس سلة العملات قيد المراجعة.

مخاوف أوروبية وراء شراء فرنسا وألمانيا وإيطاليا

أما فرنسا وألمانيا وإيطاليا، فتشتري الذهب لمخاوف من مشاكل منطقة اليورو، حسبما يشير تقرير شركة بنكر، مضيفاً: «لقد تصرفت أكبر ثلاثة اقتصادات في الاتحاد الأوروبي بطريقة مماثلة للولايات المتحدة الأمريكية على مدار العشرين عامًا الماضية فيما يتعلق بالذهب.

اتباع الولايات المتحدة الأمريكية

اشترت إيطاليا 120 مليار دولار من الذهب، وأضافت ألمانيا 164 مليار دولار من الذهب إلى احتياطياتها، واشترت فرنسا 117 مليار دولار من الذهب في العشرين سنة الماضية، وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تغير دور اليورو بشكل كبير في مجال السياسة النقدية العالمية، عزز اليورو مكانته، لكن السبب الرئيسي لشراء الذهب هو اتباع ما تفعله الولايات المتحدة.»

بيع الذهب بمجرد استقرار الاقتصاد

بين عامي 2008 و 2012، زادت إيطاليا احتياطياتها من الذهب بمقدار 62 مليار دولار أمريكي، وأضافت ألمانيا 89 مليار دولار أمريكي إلى احتياطياتها، واكتسبت فرنسا ذهبًا بقيمة 60 مليار دولار أمريكي، وفي البلدان الثلاثة، بمجرد استقرار الوضع في أسواق الأسهم والاقتصاد، بدأت بنوكها المركزية في بيع الذهب، كما في الفترة من 2013-2015، عندما كانت أسواق الأسهم والاقتصاد ينموان، وفق التقرير.

البنوك المركزية تبيع بأقل سعر

يلفت التقرير الانتباه إلى امتلاك البنوك المركزية حصة سوقية تبلغ 12% من سوق الذهب في جميع أنحاء العالم، وهذا يكفي للتأثير على سعر الذهب، خاصة وأنهم بدلاً من ذلك مشترين وبائعين صافين.

ويضيف: «البنوك المركزية لديها سجل حافل في بيع ذهبها بأقل سعر، ويميلون إلى التأخر باستمرار، والبدء في برنامج الشراء الخاص بهم عندما يكون سعر الذهب بالفعل في القمة، ولديهم سلوك عكسي عندما يتعلق الأمر بتداول الذهب».

لا تتبع البنوك المركزية في البيع

يخلص التقرير إلى استنتاج هو «رغم أن حصة البنوك المركزية في السوق تجعلها لاعباً مهماً في سوق الذهب، إلا أننا لا ينبغي أن نتبع البنوك المركزية عندما تبيع، ويمكننا متابعتهم عندما يشترون، لكن لا ينبغي لنا الاعتماد على البنوك المركزية لمساعدتنا في اللحاق بالتحركات الكبيرة في الذهب».


مواضيع متعلقة