صناعة السماسرة بوزارة الزراعة

صناعة السماسرة بوزارة الزراعة
- صناعة الدواجن
- الأعلاف
- الإنتاج الزراعى
- الإنتاج الحيوانى
- صناعة الدواجن
- الأعلاف
- الإنتاج الزراعى
- الإنتاج الحيوانى
«انت ابن مين فى مصر؟» هذه الجملة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من ثقافتنا، فهى من الأقوال المأثورة التى توارثناها عن أسلافنا، وكانت تعبّر عن دهشتهم وحيرتهم فى أمر شخص ما، ويراودهم الفضول لمعرفة فى أى جهة يعمل ولأى نسب ينتمى، لكونه يفعل كيفما يشاء غير عابئ بالتقاليد والأعراف والقوانين المنظمة لحياتنا وعملنا وحقوقنا وواجباتنا، وكأننا نحن المخاطبون بها فقط، وهو يعلو ويسمو عليها، بل وفى بعض الأحيان تحصّنه وتحميه من المساءلة.
هذا هو حال صناعة الدواجن اليوم مع السماسرة، فهم مرتزقة ودخلاء على الصناعة، وكل دورهم هو التربص بمزارع الدواجن والمربين والمنتجين، حتى يحين وقت الحصاد، فينقضّون على إنتاجهم، جانين ثمار شقائهم وتعبهم واستثمارهم وأموالهم، قاطعين كل الأوصال بين إنتاجهم والتاجر، وكذا المستهلك، ويصبحون هم حلقة الوصل الوحيدة، ومن ثم المتحكمين فى الصناعة والإنتاج وتحديد الأسعار.
بالله عليكم، كيف لصناعة عملاقة وطنية خالصة حققت الاكتفاء الذاتى بأموال وعرق أبنائها، ومصدر رزق أكثر من 5 ملايين عامل، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومى، وتدرّ دخلاً شهرياً بالملايين لخزينة الدولة كضرائب ورسوم وخلافه، أن يتحكم بها وبمصيرها 6 أشخاص؟! نعم استثمارات تجاوزت 100 مليار جنيه يتحكم بها دخلاء على الصناعة لا يمتون لها بصلة ومتهربون ضريبياً من ممارسة نشاطهم ويدرون أرباحاً بالملايين يومياً، بدون وجه حق، من جيوب المربين والمنتجين وخزينة الدولة، ويتحكمون بمصير أمن غذائى لشعب تجاوز تعداده 100 مليون نسمة، وأهم أدواتهم التى يتسلحون بها لارتكاب جرائمهم فى حق الصناعة والمواطنين والدولة هى «الفهلوة ومكتب فى شقة أو كرسى على القهوة وبعض الأموال»، وأهم هذه الأدوات وزارة الزراعة، فهؤلاء المرتزقة يُصنعون ويكبرون ويترعرعون وتتضخم ثرواتهم الحرام برعاية وزارة الزراعة، وأمام أعينها، بل ووحى البعض أحياناً، حيث الغياب المتعمد لدور الوزارة المنوط بها القيام به فى حل مشكلات الصناعة وتنظيم عملها وحمايتها، وتهميش دور اتحاد منتجى الدواجن لصالحها، ووقوفها موقف المتفرج من خراب الصناعة ونهب أموال المربين والمنتجين وضياع حق الدولة من قبَل السماسرة، بالرغم مما تمتلكه من أدوات رقابية وضبطية قضائية وسلطات تنفيذية وتشريعية تتيح لها سَنّ مشاريع قوانين يتم عرضها على مجلس النواب لصالح الصناعة، كل ذلك جعلها جزءاً من المشكلة والراعى الرسمى لحالة الفوضى والخراب التى تضرب الصناعة بكل مناحيها وعناصرها، وهو ما أدى إلى تحول الصناعة الوحيدة التى حققت الاكتفاء الذاتى من الإنتاج إلى طاردة للاستثمارات، بدلاً من أن تصبح جاذبة لها، ولن يجرؤ أى مستثمر مصرى أو أجنبى أو حتى من بلاد الواق الواق، أن يخاطر بأمواله ويستثمر فى صناعة يتحكم بها عدد من السماسرة لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، وهم معروفون بالاسم للوزارة ولأهل الصناعة وحتى المواطن العادى. هؤلاء وغيرهم ممن حذوا حذوهم أصبحوا أصحاب الصناعة الحقيقيين والمتحكمين بمصيرها وحجم إنتاجها وأسعارها، وعلى من يرغب فى الاستثمار بالصناعة أو بيع إنتاجه من المربين والمنتجين الجلوس معهم أولاً وتقديم فروض الولاء والطاعة والعمل وفق طريقتهم وتشريعاتهم التى يديرون بها الصناعة، ولا يستطيع أحد أن يتجاهل وجودهم وسطوتهم على القطاع، لأنه لن يجنى سوى الخراب وضياع أمواله، وقد ينتهى به الأمر إما إلى السجن أو المرض من الحسرة والقهر على ضياع شقائه وتعبه.
هؤلاء هم من ينطبق عليهم القول المأثور «انت ابن مين فى مصر؟»، فقد عاثوا فى الصناعة فساداً، ضاربين بعرض الحائط قوانين منع الاحتكار وتشريعات الدولة المنظمة لعمل الصناعة، ومهددين السلم المجتمعى بتحكمهم فى حجم الإنتاج وسعر منتج يُعد عصب الأمن الغذائى القومى، ومتهربين ضريبياً عن أنشطتهم وأعمالهم ويسرقون أموال المربين والمنتجين، ويملأون بها جيوبهم وبطونهم، يُطربون آذانهم بأنين أوجاع وشكاوى المواطنين من غلاء الأسعار، وسماع صريخ وعويل المربين من خراب بيوتهم وضياع أموالهم.
ومن هنا أكرر استغاثتى بملجئنا وملاذنا الأخير، سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فقدُر سيادتك أن تحكم دولة عريقة وعظيمة ولكن للأسف كل مفاصلها وقطاعاتها تحمل من الأوجاع والهموم والمشكلات ما يجعل كيل سيادتكم يفيض، والتى هى إرث من سبقوك من ناحية، وسوء إدارة المسئولين عن هذه القطاعات من ناحية ثانية، وبين هذا وذاك لم يرَ المواطن أو المستثمر أو صاحب المظلمة أذناً تُصغى إليه سوى سيادتكم، وهذا ما عهدناه عنك، وقد حمّلنى أهل الصناعة أمانة صوتهم لتوصيله لسيادتكم، لأنهم قد ضاقوا ذرعاً من تجاهل وزارة الزراعة لحل مشكلاتهم، وتحكم السماسرة بأموالهم ومصيرهم، وحسرتهم على صناعة وطنية كان من الأجدى أن يُحتذى بها، فسيادتكم من تحمل هموم وأوجاع الوطن والمواطنين، وتهدف من المشاريع التى أمرت بإنشائها فى كافة ربوع البلاد، وخاصة الغذائية منها، إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الإنتاج الزراعى والحيوانى، بما يساهم فى وصول الغذاء للمستهلك بسعر مناسب.