حازم الببلاوي: نعيش أزمة اقتصادية «مستوردة» والدولة صادقة في إصلاح التعليم (حوار)

كتب: إمام أحمد

حازم الببلاوي: نعيش أزمة اقتصادية «مستوردة» والدولة صادقة في إصلاح التعليم (حوار)

حازم الببلاوي: نعيش أزمة اقتصادية «مستوردة» والدولة صادقة في إصلاح التعليم (حوار)

قال الدكتور حازم الببلاوي، رئيس الوزراء الأسبق، ممثل مصر والمجموعة العربية في صندوق النقد الدولي سابقا، إنّ مصر تدفع ثمن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتعيش مع غيرها من دول العالم لاسيما المنطقة العربية وأفريقيا أزمة اقتصادية «مستوردة»، مشيدا بدور المشروعات القومية في تماسك الاقتصاد، وحذر من خطورة الزيادة السكانية التي وصفها بـ«المشكلة الكبرى».

وأضاف الببلاوي، في حوار لـ«الوطن»، أنّ الحوار الوطني الذي تشهده مصر حالياً بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي هو خطوة إيجابية تسهم في حل المشكلات والاستماع إلى الآراء المتنوعة، مؤكداً أهمية قضيتي إصلاح التعليم ومواجهة الزيادة السكانية، وأشاد بإجراءات تطوير التعليم مؤكدا أنه لابد من انتظار النتائج التي تحتاج لفترة قد تصل لـ15 سنة، وإلى نص الحوار:

روسيا وخصومها تأكدوا من ضرورة إنهاء الحرب في أسرع وقت

متى تنتهي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على اقتصاديات الدول والأسعار العالمية؟

لا أحد يستطيع أن يتوقع موعد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها السلبية والخطيرة، لكني أعتقد أن روسيا وخصومها تأكدوا الآن من ضرورة إنهاء هذه الحرب في أقرب فرصة وأسرع وقت ممكن لأن تأثيرها على أوروبا والعالم كله سيئ للغاية ولا يمكن للاقتصاد العالمي تحمل مزيد من هذه القرارات الخاطئة.

هل الدول العربية والأفريقية، ومصر على وجه التحديد، تدفع ثمن هذه القرارات التي وصفتها بـ«الخاطئة»؟

بالتأكيد، نحن نعيش أزمة اقتصادية مستوردة جاءت إلينا من الخارج ولم نشارك فيها ولم نخلقها ولسنا طرفا، لكننا متأثرون أشد التأثير، وندفع ثمن أخطاء الكبار الذين اتخذوا قرار الحرب والذين لم يسارعوا ويبادروا باحتواء الأزمة.

الحكومة تمكنت من احتواء نسبي للأسعار.. ولولا الإجراءات لارتفع التضخم

متى تتراجع معدلات التضخم وتنخفض الأسعار العالمية مجدداً؟

لا يستطيع أحد التوقع بذلك الآن، لكن هناك إجراءات يتم اتخاذها في محاولة للسيطرة على الأسعار العالمية واحتواء هذه الأزمة، وهنا لا بد من الإشادة بإجراءات ومساعي الدولة المصرية، معدل التضخم في مصر كان من الممكن أن يتجاوز ذلك لولا الإجراءات التي تم اتخاذها. الحكومة تمكنت من احتواء نسبي لأزمة ارتفاع الأسعار العالمية.

هل الاقتصاد المصري قادر على عبور هذه التحديات العالمية وتحقيق معدلات نمو عالية؟

لا مفر من أن يقوى الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات العالمية وعبورها، لا بد أن يستمر اقتصاد مصر في التحسن، اقتصاد مصر له مستقبل كبير وآفاق واسعة، لكننا لم نكن محظوظين بأزمتي كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وفي الحقيقة الحكومة المصرية اتخذت خطوات إيجابية، وتمكنت مصر من مجابهة التحديات حتى الآن بصورة جيدة، لكن هذا غير كاف، لا بد من تحقيق تحسن أكبر، خاصة أننا أمام غول اسمه الزيادة السكانية، وبالتأكيد عندنا مشاكل كبيرة بعضها لا يحل في يوم وليلة منها هذا الخطر الكبير المتعلق بالزيادة السكانية.

الزيادة السكانية «غول» يهدد نمو الاقتصاد ولا بد من تشريعات منظمة

هل الزيادة السكانية عائق حقيقي أمام نمو الاقتصاد المصري بالشكل المطلوب في رأيك؟

بالطبع، وهذا أمر لا بد أن ننظر له بحكمة كبيرة، قضية الزيادة السكانية تحتاج إلى زيادة الوعي واتخاذ إجراءات لتحسين نوعية البشر وليس زيادة عددهم، فالأهم هو الكيف وليس الكم، وهنا يوجد دور للدولة ودور للمواطنين، وهي قضية أساسية لتحسين الاقتصاد المصري.

الدولة حريصة على حل المشكلات، ولكن لا بد أن تكون مشكلة الزيادة السكانية على رأس الأولويات التي تحتاج لحل سريع وعاجل لإيقاف قطار الزيادة السريع الذي شهدته العقود الأربعة أو الخمسة الأخيرة في مصر. نحن مواردنا محدودة، ويجب أن يفهم المصريون ذلك، لكن هذه الموارد المحدودة من الممكن تعظيمها بأقصى درجة إذا اهتممنا بنوعية البشر وأوقفنا قطار الزيادة السكانية حتى يكون لكل أسرة فرص حقيقية في المعيشة الجيدة، الأفضل لكل أسرة أن يكون لديها طفلان فقط، وليس ستة وسبعة أطفال، والأفضل للدولة أن يكون لديها 20 مليونا على قدر عال من التعليم والثقافة والصحة وفرص العمل بدلا من 100 مليون يفتقد بعضهم لهذه الخدمات الأساسية.

المشروعات القومية كانت ضرورة لتماسك الاقتصاد المصري.. «إزاي نعمل نمو دون بنية تحتية»

هل يتم مواجهة الزيادة السكانية برفع الوعي فقط.. أم نحتاج لتشريعات منظمة في رأيك؟

نحتاج إلى الأمرين، عملية صناعة وعي تجاه هذا الخطر، وجنبا إلى جنب لا بد من سن تشريعات منظمة لهذا الخطر، فالأمر لم يعد رفاهية الآن.

هل المشروعات القومية ساهمت في تماسك الاقتصاد المصري خلال السنوات الماضية؟

بلا شك المشروعات القومية كانت ضرورية، وأختلف مع الذين يقولون إن هذه المشروعات ليست أولوية، فهي من الضرورات لتحقيق تنمية شاملة وتوفير الظروف المناسبة للنمو. إزاي نعمل نمو بدون بنية تحتية أو بدون مدن جديدة أو بدون مشروعات كهرباء وغاز ونفط. لكن أيضاً لابد أن ينفتح المجال بصورة أكبر أمام العمل الفردي، فالتقدم يحدث عن طريق الحكومة ومؤسساتها وأجهزتها، وأيضا عن طريق الأفراد المتميزين، وهنا أقصد القطاع الخاص الجاد المتميز القادر على تحمل قدر من المخاطرة ويتمتع برؤية ثاقبة. يجب إعطاء فرصة كافية لهذا القطاع وتحقيق أكبر قدر من العدالة، ولا ينبغي أن يكون القطاع الخاص عبئا على الدولة، ولكن لا بد أن يكون مساعدا وعونا ويحقق مكاسب كبيرة يتم استخدامها لزيادة القدرة الإنتاجية للبلاد.

ما رأيك في الحوار الوطني الذي تشهده مصر حالياً؟

بشكل عام الدعوة للحوار أمر إيجابي للغاية، ولا يوجد شك أنه كلما اتسعت المناقشات وطرحت الآراء المختلفة استفاد البلد، فمساهمة الناس في إبداء آرائهم والإعلان عما يحتاجون له أمر ضروري، ومشاركة القوى الوطنية المدنية بمختلف تنويعاتها يساعد على إثراء الحوار الوطني، وهو ما حدث بالفعل. وبالتأكيد المناقشات سوف تتطرق لقضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، ومن المهم أن يستمر الحوار ويتجدد من فترة إلى أخرى.

تطوير التعليم ومواجهة الزيادة السكانية أولويات في الحوار الوطني

ما أهم القضايا الملحة التي ترى أنه من الأولوية مناقشتها جيدا في الوقت الحالي؟

هناك قضيتان لهما الأولوية في رأيي، الأولى هي التعليم، لابد من مناقشة قضية تطوير التعليم وطرحها اجتماعيا بصورة واسعة وفتح المجال للجميع للإدلاء برأيهم في مسألة تطوير التعليم. القضية الثانية هي الزيادة السكانية، فهذا خطر كبير على مستقبل مصر، وأتذكر عندما كنت في مرحلة الثانوية العامة كان عدد المصريين 18 مليون نسمة، الآن تجاوزنا 100 مليون نسمة، وهي زيادة غير معقولة ومشكلة كبرى تؤثر تأثيرا سلبيا على فرص النمو وتحسن الاقتصاد ورفع مستوى المعيشة. إذا استمر معدل السكان في الزيادة والتعليم لا يتحسن، فهذه ستكون كارثة كبرى، وأكرر مرة أخرى أنا شخصيا أرى أن الزيادة السكانية أصبحت عبئا كبيرا على الاقتصاد المصري ولا يستطيع أن يتحمله، وإذا لم نواجه هذه المشكلة بأكبر قدر من الاهتمام فنحن سندخل في مسار صعب وقاسٍ.

توجد نوايا صادقة لإصلاح التعليم في مصر.. ولا يمكن الحكم على نتائج المشروع الحالي إلا بعد 15 سنة

بخصوص التعليم.. ما رأيك في مشروع تطوير التعليم الحالي الذي يشرف على تطبيقه الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم؟

بلا شك أن الدولة المصرية تولي اهتماما كبيرا بالتعليم في الوقت الحالي، وهناك نوايا صادقة لإصلاح التعليم في مصر. كل محاولة مطلوبة، لكن النتائج ترتبط بمدى القدرة على توفير الظروف المناسبة، ولا نستطيع أن نحكم الآن على مشروع تطوير التعليم في مصر، فهذا سوف يكون حكما مسبقا، لا بد من انتظار النتائج، والنتائج في عملية إصلاح التعليم في أي دولة تأخذ فترة طويلة ولا تظهر إلا بعد سنوات قد تصل لـ15 سنة حتى نلمس تطويرا حقيقيا في التعليم. لكن على وجه اليقين قضية التعليم قضية أساسية ويجب أن نوفر للناس في مجموعهم أفضل درجة من التعليم المتاحة.


مواضيع متعلقة