تليسكوب جيمس ويب الفضائى فى غور الفضاء

تمت تسمية التليسكوب على اسم جيمس إدوين ويب الذى عمل مديراً لناسا من سنة 1961 إلى سنة 1968 ولعب دوراً أساسياً فى برنامج أبولو. تم إطلاقه فى 25 ديسمبر 2021، مع دقة وحساسية تفوقان تليسكوب هابل الذى عمل لمدة 32 عاماً منذ إطلاقه عام 1990.

تم الاتجاه إلى المراصد الفضائية لتجنب العديد من مشكلات المراصد الأرضية، مثل تلوث الضوء وتشويه الإشعاع الكهرومغناطيسى، بالإضافة إلى ذلك يتم حجب الترددات فوق البنفسجية والأشعة السينية وأشعة جاما من خلال الغلاف الجوى للأرض. وهيكل التليسكوب تحمله مركبة فضائية فى الفضاء الخارجى لمراقبة الكواكب البعيدة والمجرات وغيرها من الأجسام الفلكية. طُوِّر بشكل مباشر من قِبل وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية. من المخطط أن يَخلف تليسكوب هابل الفضائى فى إطار مهمة «Flag ship»، إحدى بعثات وكالة ناسا لاستكشاف النظام الكونى وأكثرها تكلفة (10 بلايين دولار)، إلى جانب البعثات الأخرى التى تم إطلاقها، مثل برنامج الحدود الجديدة «New Frontiers» متوسط التكلفة وبرنامج ديسكفرى الأقل تكلفة.

تتكون المرآة الأساسية لمقراب جيمس ويب من 18 قطعة من المرايا سداسية الأضلاع المصنوعة من البيريليوم لخفة وزنه والمطلى بالذهب لتوفير انعكاس أمثل للأشعة تحت الحمراء القادمة من أعماق الكون واللذين اتحدا معاً لتكوين مرآة قُطرها 6.5 متر، وهى أكبر بكثير من مرآة تليسكوب هابل التى تبلغ 2.4 متر، بالإضافة إلى ذلك تمت إضافة مجسات دقيقة إلى التليسكوب، تخدم بشكل أساسى من أجل التقاط صور لأجسام فى الفضاء وتحليل الإشعاع باستخدام التحليل الطيفى من أجل فهم الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمواد الكونية. كما يتوفر على التليسكوب أنظمة إمدادات الطاقة والدفع والاتصالات والتوجيه ومعالجة البيانات. وبعكس سابقه (التلسكوب هابل)، لا يدور التليسكوب جيمس ويب حول الأرض، ولكن يدور حول الشمس.

وفى نطاق العمل فى النطاقات الطيفية فى مجال الطيف الكهرومغناطيسى وعلى عكس تليسكوب هابل، الذى يرصد الأطياف القريبة من الأشعة فوق البنفسجية، والمرئية، والقريبة من الأشعة تحت الحمراء (من 0.1 إلى 1 ميكرومتر) يرصد تليسكوب جيمس ويب فى نطاق أوسع، حيث يمتد من الضوء المرئى طويل الموجة حتى منتصف الأشعة تحت الحمراء أى من 0.6 إلى 28.3 ميكرومتر، وهو ما يسمح له برصد الأجرام ذات الإزاحة الحمراء العالية، فلو أن نجماً يتزايد ابتعاده عن كوكب الأرض بسبب تحركه بعيداً عنها، وكان الضوء الصادر من هذا النجم ضوءاً أصفر، فإن هذا الضوء نتيجة تزايد ابتعاد النجم تتم إزاحته فى اتجاه اللون الأحمر، والعكس يحدث إذا كان النجم يتحرك فى اتجاه الأرض، فبسبب حركته ينضغط طول موجة شعاع الضوء القادم إلينا فتصبح قصيرة نسبياً، مما يجعل الطيف الذى نسجله لهذا النجم مزاحاً فى اتجاه اللون البنفسجى من الطيف، ولا يستطيع مقراب هابل الفضائى الرصد فى ذلك الحيز من الأشعة تحت الحمراء.

بدأ جيمس ويب أعماله بعد ستة أشهر من إطلاقه بواسطة الصاروخ العملاق إريان (5 ECA) من مقاطعة جويانا الفرنسية بأمريكا الجنوبية ووضعه فى مداره فى إحدى نقاط لاجرانج الخمس، وتحديداً فى نقطة (L2) التى تبعد عن الأرض 1.5 مليون كيلومتر، وتتميز تلك النقاط فى ديناميكا الأجرام السماوية بانعدام تأثير جاذبية جرمين كبيرين (مثلاً الشمس والأرض) على جسم ثالث أصغر حجماً (مثل التليسكوب) ومن المعلوم أن نقطة لاجرانج «L2» قد استضافت من قبل مسبار ويلكونسون المسئول عن دراسة الموجات الراديوية، كما استضافت تليسكوب هيرشل لدراسة الأشعة تحت الحمراء وتليسكوب بلانك لعمل مسح للكون، وفى تلك النقطة «L2» يكون التليسكوب محجوباً عن الشمس، حيث يقع فى ظل الأرض، وبالتالى يتخلص من شوشرة وتداخل أشعة الشمس فى القياس، ولا بد أيضاً من إبقاء التليسكوب بارداً جداً ليتمكن من الرصد بواسطة الأشعة تحت الحمراء دون تدخُّل خارجى.

والتليسكوب مزود بدرع شمسى (حاجب الشمس) تبلغ مساحته نحو 21م × 14م، وهو أكبر من أن يتناسب مع أى صاروخ موجود. لذلك تم طيُّه ليتناسب مع انسيابية صاروخ الإطلاق، وتم نشره وفرده بعد الإطلاق. وهو يتكون من خمس طبقات من البلاستيك المطلى بالمعدن. الطبقة الأولى هى الأكبر، ويقل حجم كل طبقة تالية، كل طبقة مصنوعة من طبقة رقيقة (50 ميكروناً للطبقة الأولى و25 ميكروناً للطبقات الأخرى) ومغطى بغشاء Kapton مطلى بالألمنيوم لتقوية الانعكاسية. تغطى الطبقات الخارجية التى تواجه الشمس بطبقة من السيليكون تعطيها لوناً أرجوانياً، يقوّى الدرع ويساعده على عكس الحرارة والضوء، وسُمك طلاء الألومنيوم نحو 100 نانومتر، وطلاء السيليكون يكون أرق ويبلغ سمكه 50 نانومتراً. يتضمن قطاع حاجب الشمس الطبقات وآليات نشره وفرده، التى تتضمن أيضاً رفرف القطع الذى سيُبقى الدرع الشمسى الكبير المصنوع من السيليكون والكابتون المغلف بالألومنيوم. درجة حرارة مرآته وأجهزته أقل من 223 درجه مئوية وسوف يحوم حول تلك النقطة فى مدار دائرى ليقوم بالرصد.

المخرجات العامة المتوقعة من عمل تليسكوب جيمس ويب:

1- رصد بعض الأحداث والأجرام الفلكية الأكثر بُعداً فى الكون، مثل اكتشاف كواكب جديدة، واكتشاف النجوم التى وُلدت مخبأة خلف أغطية سميكة من الغبار الكونى، واكتشاف كويكبات ومذنبات جديدة فى نظامنا الشمسى.

2- استكشاف العصور المبكرة للكون وعلم الفلك وتكوُّن المجرات الأولى.

3- عمل توصيف تفصيلى للأغلفة الجوية للكواكب خارج النظام الشمسى التى من المحتمَل أن تكون صالحة للحياة.

4- دراسة سديم القاعدة وهو من أكثر السحب الكونية وتحتوى على أكبر النجوم وأشدها لمعاناً فى مجرتنا (درب التبانة) وتلك السحب على مسافة من 7000 إلى 10000 سنة ضوئية.

5- دراسة سديم الحلقة الجنوبى وهو سديم كوكبى لامع يوجد فى كوكبة الشراع وعلى مسافة 2000 سنة ضوئية.

6- دراسة خماسية ستيفان وهى مجموعة من خمس مجرات فى كوكبة الفرس الأعظم.

7- دراسة عناقيد المجرات، وهى عدد من المجرات تجمعت مع بعضها لتكوّن بضع مئات إلى آلاف المجرات.

8- اكتشاف المجرات الموجودة على حافة الكون المرئى.

* نائب رئيس المركز الإقليمى لعلوم وتكنولوجيا الفضاء - الأمم المتحدة