أهل الصعيد فى انتظارك.. يا ريس

نشوى الحوفى

نشوى الحوفى

كاتب صحفي

أنعم الله عليك بنور البصيرة سيدى الرئيس. ها هى شمس يوم جديد تشرق على بلادى فى جنوب الدلتا، هناك فى الصعيد. لا زال النيل يجرى منذ آلاف السنين، سيدى الرئيس، حاملاً مع سريان مياهه المنسابة انعكاسات صور من عاشوا على ضفافه راضين بما يجود به غضباً أو جفافاً أو حتى هدوءاً مع انسيابه. يئسوا من وعود تنمية قيلت لهم منذ عشرات السنين ولم تتحقق بجدية لغياب الرؤية المتكاملة، يعيشون كل يوم وآمال تتجدد فى نفوسهم برؤيتها أو حتى رؤية البدء فيها. يُمنّون أنفسهم بذات يوم يصحون فيه على معاول البناء تهدم صخور الجبال لتبنى من جديد مشروعاً قومياً، عفواً بل مشروعات تشبه فى مذاق هنائها تشييد السد العالى. أصدقك القول، سيدى، إننى لم أتخيل ردود أفعال أهالينا هناك فى الصعيد على كلماتى المتواضعة، داعية إياك لتشييد مقر جديد لك مواز لمقرك بالقاهرة فى إحدى محافظاتهم. منحونى ما لا أستحقه من كلمات الشكر لمجرد تذكرى تلك البقعة من أرض مصر، فما بالك إذن لو أعلنت لهم أنت عن رؤيتك لهم وتذكرك إياهم؟ تخيل سيدى الرئيس لو قررت أن تصطحب حكومة بلادنا المترفة وتذهب بها بشكل مفاجئ إلى محافظات الصعيد؟! لتُرى كل محافظ على الطبيعة حقيقة فعله وأدائه فى رعايا محافظته، وتسمع تبريرات كل وزير عن مظاهر الفساد وتراجع الخدمات المقدمة لعباد الله فى صعيد بلادنا. تستمع للناس بذاتك، وتتعرف على شكواهم المتضخمة فى عيونهم. ستندهش سيدى الرئيس مما ستستمع له مباشرة حينما تدرك انخفاض سقف الطلبات لدى البسطاء من أهل بلادى. نعم، ستدرك أن العجز والفقر والجهل والمرض تلغى المسافات بين الحقوق الواجبة لكل مواطن وبين الأحلام التى قد يحلم بها، فيصير الحق حُلماً يتمنى تنفيذه. يتمنى العلاج والعمل والمسكن والتعليم! دون أن يدرك أنها حقوقه على الدولة، لا أحلامه التى عليه التحليق نحوها. سيدى الرئيس، زادتنى الكلمات المُعلقة على كلماتى لك مؤخراً من أهالينا فى الصعيد إصراراً على توصيل صوتى لك علك تسمع أو يسمع من حولك فيدركوا أن أيامنا فى الحياة معدودة، وأن ما سنحاسَب عليه فى آخرتنا -طالت أيامنا أو قصرت- هو حجم إنجازاتنا فى الحياة، ومدى سعينا لرفع المعاناة عن البشر وتنميتهم ومنحهم فرص الإبداع والمساهمة الحقة فى الحياة. أتوسل إليك سيدى الرئيس أن تدعك من جلسات المحافظين والوزراء واستدعائك لهم فى اجتماعات بالاتحادية لتأمرهم بفعل هذا الشىء أو الاهتمام بذاك الأمر، استدعهم وانتقل معهم من دون إخبارهم مسبقاً لبقاع بلادنا فى الصعيد، فشتان بين ما يقولونه لك وبين الواقع. اصطحب معك خرائطك ومهندسيك ومستشاريك الذين تثق بهم، استمع لحلول فورية لمشكلات ستراها بعينك، فتأمر ببدء تنفيذها وتذليل العقبات أمامها دون انتظار. كافح الإرهاب بقتل الفقر والجهل الرابض هناك متربصاً بنا جميعاً. حدد أولويات إنشاء المصانع فى بلادنا والمدى الزمنى لتنفيذها. ادعُ الناس لمناصرتك وستجد ملايين الأيدى والقلوب الحامية لك ولرؤيتك. أصدر قرارك بنقل مقارّ وزارات الصحة والتعليم والأوقاف والثقافة والزراعة والصناعة للصعيد -ولو مؤقتاً- لحين البدء فى تنفيذ ما ترى من مشاريع تنهض ببلادنا وتعيد لوجهها الرخاء. أعلم مجهوداتك فى السياسة الخارجية وتنقلك من تلك العاصمة لهذه المدينة ساعياً لتحقيق أمن بلادى الخارجى، ولكنك بحاجة، سيدى، للتنقل بين مدن ومحافظات مصرنا أكثر، فمنها تأتى الحماية، ومن نهضتها يأتى الاستغناء عن أى معونة، ومن ثقة شعبها يأتى التأييد لكل ما تعلنه من قرارات، ومن إيمانهم بك تكون مقاومة الخيانة أياً كانت موجاتها. سيدى، رجاءً لا تخذل أصوات الصعايدة ودعواتهم لك. فهم فى انتظارك.