سامي عبدالراضي يكتب للقاضي بهاء المري: لا تعدم قاتل نيرة.. هل الإعدام عقوبة؟!

كتب: سامى عبدالراضى

سامي عبدالراضي يكتب للقاضي بهاء المري: لا تعدم قاتل نيرة.. هل الإعدام عقوبة؟!

سامي عبدالراضي يكتب للقاضي بهاء المري: لا تعدم قاتل نيرة.. هل الإعدام عقوبة؟!

سيدى القاضى.. السادة المستشارون.. الحضور الكرام.. الحضور الحزين.. السادة المحامون ممن تطوّعوا هنا للدفاع عن حقى أو للدفاع عن «قاتلى».. السادة المتابعون.. أهلاً بحضراتكم جميعاً.. أنا نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة.. نعم أنا هى.. هل تسمحون لى بـ«الكلام» قبل بدء جلستكم الموقرة.. هل قلوبكم بها متسع لكلماتى أم الصدر يضيق؟.. هل تروق كلماتى لمسامعكم أم هناك ما يشغلها؟

أتمنى أن تسمعوا وتعوا.. سادتى جميعاً، لن أطيل.. أعتذر أننى أوجعت قلوبكم وأبكيتها.. والله لم أقصد.. والله لم أتعمد.. والله لا علاقة لى بما حدث.. ولم أرتكب ذنباً.. والله كنت أسير فى أمان وهدوء وتركيز.. كنت فى طريقى للجامعة.. كنت على بعد 25 متراً حينما حدث ما شاهدتموه.. أعتذر من جديد أننى أوجعتكم.. لكنه وجع لا يقارن بالوجع الذى أنهى حياتى.. ليس الوجع فى ألم الطعنات التى شاهدتموها تخترق جسدى.. ولا فى ألم مرور سكين حاد على عنقى الضعيف.. لا.. مع الطعنات الكثيرة والصدمة المباشرة والـ23 ثانية التى تابعتموها لم يكن هناك ألم.. ربما صرخت من «لسعة» الطعنات وقسوتها.. يقيناً صرخت عندما اخترق السكين أحشائى واقترب من قلبى وأجهزتى الحيوية.. حاولت المقاومة وفشلت.. كنت فقط أركل بقدمى فى الهواء وأحاول تحريك ذراعى ليتصدى.. حاولت.. هل تعلمون لِمَ الألم.. الألم عندما سقطت هكذا وتلقيت طعنات هكذا.. وتعرضت للنحر هكذا..

كان الجميع فى «عز الضهر» يتفرج.. نعم يا سادة.. أعلم أنه نصيبى وقدرى وعمرى وخطواتى الأخيرة وأنفاسى الأخيرة ولمستى الأخيرة وحركتى الأخيرة.. أنا مؤمنة.. أصلّى وأصوم وأطعم المسكين وأعمل الخير وأسعى له.. لكن هل الصمت حق.. هل الخوف حق.. هل الجُبن حق.. هل التراجع حق.. هل فهمتم ما أقصد؟.. سأشرح أكثر.. هل تابعتم الصمت والخوف والجُبن والتراجع فى عيون قرابة 10 رجال فى محيط الجريمة.. هااا.. راجعوا مقاطع الفيديو.. تابعوا كيف وقفوا وصمتوا وجبنوا وتراجعوا.. عفواً لا أقصد إهانة أحد ولا تجريحه ولا التقليل منه.. رحمهم الله دنيا وآخرة.. ولكن لأرصد.. نعم لأرصد لكم ما حدث.

عائلتى

سادتى.. سأبدأ لو تسمحون بعائلتى الصغيرة.. فهى الموجوعة أكثر.. هى التى لا تنام.. هى التى تراقب غرفتى.. وتلمس حتى الآن ثيابى وتشم عطورى وتقف بالساعات أما صورى.. وزارونى فى مكانى الجديد.. أبى حبيبى.. أعلم أننى كنت الأحب والأقرب إلى قلبك.. متأكدة أننى كنت «دلوعتك وحبك الثانى وربما الأول بعد أمى».. أعلم أنك تعانى.. ولكن هو قدرنا جميعاً أن نعانى.. كنا يا أبى ثلاثة.. كنت معكم فى منزلنا بعد زواج شقيقتَىّ.. وكنت أنا ليل نهار أمامكم ومعكم وأعيش لكم وبكم.. أبى رأيت الانكسار مرات فى عيونك.. رأيته حينما اشتكيت لك من قاتلى.. وكيف يطاردنى.. وكيف يحاصرنى.. وكيف يكتب إلىّ ويسىء لأننى رفضت قربه وحبه.. تذكرت يا أبى.. كيف جلست مع خال «قاتلى» مرة وقلت له: «حوش ابن أختك عننا.. بنتنا مش هتتجوز ومش دلوقتى.. خلوا العيال يركزوا فى دراستهم».. سمعتك يا أبى وأنت تحكى بأنك كنت ستلقن «قاتلى» علقة ساخنة وهو واقف أسفل منزلنا ولكننى ببراءة تدخلت وقلت لك: «ده زميلى يا بابا.. بلاش تضربه».. ثم جلسنا وحكيت لك عن مطارداته ومضايقاته.. وكيف أنه يحبنى ولكننى -كما تعلم- لا أفكر ولا أريد زواجاً، وعلى يدك يا حبيبى.. كم عريساً رفضت.. هذا ضابط مرموق.. وذاك رجل أعمال.. وبعده وبعده وبعده الكثير.. كنت أقول لك: «أنا عايزة أنجح.. أنا عايزة أشتغل.. أنا هاشتغل مضيفة».. وقلت لى والدموع جعلت بريقاً حزيناً يظهر فى عينيك: «يا بنتى.. ده أنا لو بعت هدومى.. هاخليكى زى ما انتى عايزة».. ياااااه كم أحبك فأنت «الضَّهر» والسند والقلب والعقل وأنت كل شىء..

أمى.. هل تسمحين لى أن أمسح دموعك.. هل تقبلين أن أرتمى بين ذراعيك وأبقى دقائق قبل أن أواصل حديثى للحضور؟.. لا يحتاج الحضن لإذن.. لا ينتظر القُرب من قلبك الطيب أى موعد.. لا يجرؤ أحد أن يبعدنى عنك.. إلا الموت.. سيدتى وعمرى كله.. أنتِ قمرى وشمسى وهوايا وربيعى.. كم اشتكيت لك حبيبتى.. هل تتذكرين ليلة الجريمة؟.. قرب الثالثة صباحاً.. طرقتُ باب غرفتك.. كنت مترددة.. ولكن أعلم أنك طوال عمرك هكذا.. أهرول تجاهك عند أى أزمة.. أستعين بكِ بعد الله وأستشهد بكِ وأحتمى بك.. فى هذه الليلة لاحقتنى الكوابيس والله.. لم تغمض عيناى.. كنت «أغفل» قليلاً.. وأجد كوابيس وإزعاجاً غير عادى.. انتفض قلبى ولم أستطع المقاومة والله.

قلت: «هى أمى».. وبأدب شديد طلبتُ منكِ كما عودتِنا أن تنامى فى غرفتى.. كنت أطلب «الأمان والونس يا حبيبتى».. لم أكن أعلم أنه الحضن الأخير والأمان الأخير والحديث الأخير بيننا.. ولا كنت يا قلب ابنتك تعلمين أنها المرة الأخيرة ولا اللقاء الأخير لى ولا لمسة يدك الأخيرة على رأسى وأنتِ تقرأين القرآن وتقولين: «سمِّى الله يا نيرة ونامى».. ونمت يا حبيبتى.. ونمت يا قلبى بين أحضانك كما لم أنم من قبل.. غاليتى.. أعلم أنكِ لا تتحملين «شكة دبوس» فينا طوال عمرك.. ونعلم أن قلبك أخضر.. ليّن.. مثل قلب طفل.. لن أسألك هل شاهدتِ الفيديو الذى سجّل لحظاتى الأخيرة.. أسأل لكى أطمئن على قلبك وعقلك.. كيف تحمّل وماذا قلتِ.. أمى.. عليك أن تطمئنى يا سيدتى.. فأنا فى مكان أفضل.. وبين يدىْ ربٍّ رحيم.. طبطبته عظيمة.. وعطفه يتسع للعالمين.. واحتواؤه يفوق كل شىء.. الحمد لله يا أمى أننى بين يديه وفى حماه.. اطمئنى.. وبعد عمر طويل سنلتقى وستعلمين وتعيشين ما أعيشه.. امسحى دموعك يا حبيبتى.. أخبرى «شروق» وباقى العائلة أننى بخير.. أننى فى هدوء.. لا أحد يلاحقنى ولا أحد يطاردنى ولا يهددنى.. نعم.. أعيش هنا فى هدوء.. استقروا وعليكم الصبر.. اطمئنوا جميعاً.

الشيخ «الطيب»

ومبروك عطية

سيدى القاضى.. سأعود إليك.. سادتى الحضور.. هل تسمحون لى بمواصلة الحديث.. شكراً.. هل تعلمون ما أوجعنى بعد «الفُرجة» التى تحدثت عنها فى بداية كلامى.. كانت دمائى حاضرة هناك على الرصيف قرب الجامعة.. وكان أهل السوشيال ميديا يصوّبون سهامهم تجاهى.. ياااه على القسوة.. كانت أنفاسى مقطوعة وكانت روحى فى طريقها إلى بارئها.. وكانت أسرتى فى الطريق من المحلة إلى هنا فى المنصورة.. وكانت زميلاتى فى انهيار.. ووجدت سيلاً من الإيحاءات والشتائم والتشفى.. هل تابعتموها؟.. هل رأيتم شخصاً يكتب: «كنت اغتصبتها أحسن ما كنت قتلتها».. ما هذا.. ما هذا المجتمع الذى نعيش فيه.. وهذه القسوة التى «عشّشت» فى القلوب وتكاثرت وسكنت واستقرت.. هل رأيتم باقى التعليقات.. هل طالع أحدكم جملاً مكتوبة عن «تبرجى» وشعرى.. سادتى إنى أعامل رب العالمين.. قلبى يحبه.. وأسلم له حياتى ومماتى.. فقط هو سيحاسبنى.. واطمئنوا.. أنا الآن بين يديه.. هو أرحم منكم جميعاً.. هو غفور رحيم.. من قتلنى لم يفعل هذا من أجل ملابسى البسيطة التى كنت أرتديها.. ولا شعرى.. قتلنى لأننى كنت أريد أن يكون لى قرار ورأى وأقول «لا».. سيداتى.. سادتى.. لا الحب بـ«العافية» ولا الزواج بالعافية.. ولا القرب بالإكراه.. ولا المودة بالملاحقة.. لماذا كان يريد قاتلى أن يجبرنى على الارتباط به.. كان يريد هذا وهددنى بالذبح.. خِفت.. ارتعشت.. ولكن قلت «لن يفعلها».. قلت إنه يهدد.. لم أكن أتوقع.. هل عرفتم السبب؟.. قتلنى لأننى لا أريد حبه ولا قربه ولا تودده.. قتلنى لأننى قلت «لا.. ابعد عنى».

ما قالوه على السوشيال ميديا كثير وكثير.. ولكن ما لفت نظرى أكثر.. شيخ كنت أظنه طيباً كأبى أو جدى أو جارى.. كنت أظنه فقيهاً.. عالماً.. رزيناً.. يداوى الجروح.. ويطبطب بلسانه قبل يده على المكلومين.. كنت أتمناه أن يطرق باب أبى.. ويجلس وعن يمينه أمى ويخطب فيهما ويُسمعهما كلام رسولنا الكريم وكلام رب العالمين ويثلج صدريهما ويزرع فى قلبيهما طمأنينة.. والله هذا ما توقعته.. ولكن يا سادة خذلنى.. تخيلوا أن هذا الرجل الذى كنت أتابعه عبر التليفزيون وفى مقاطع على «فيس بوك» كان مثل «الجلّادين» كان مثل هؤلاء الذين شتمونى وسبونى.. تخيلوا ماذا قال.. سأخبركم الآن.. قال: «سيبى المهفهف على الخدود يطير والبسى محزق، هيصطادك اللى ريقه بيجرى ويقتلك، الفتاة تتحجب عشان تعيش وتلبس واسع عشان ماتغريش.. لكن أنتِ أيتها المرأة تعيشين وسط الوحوش، إذا كانت حياتك غالية عليكى اخرجى من بيتك قفة ولا متفصلة ولا شعرك على الخدود يهفهف، لأن اللى هيشوفك اللى ريقه بيجرى ومامعهوش فهيدبحك».

.. ما هذا يا مولانا؟!.. لقد كنت أحب متابعتك.. وأضحك كثيراً فى مقاطع مثل «زينبو».. لم أتوقع يا سيدى أن أكون ضيفة على لسانك.. لم أتوقع أن يكون رأيك هكذا.. لم أتوقع يوماً أن تبرر لـ«قاتل».. وتُدخل الرعب والفزع فى قلوب فتيات ونساء.. ما هذه الغلظة.. ما هذا التهديد.. لماذا يا سيدى تحدثت وكأنك واحد من أهل السوشيال.. واحد من العوام الذين يبحثون فقط عن «اللايك والشير والتعليق».. لقد صدمتنى يا شيخ مبروك.. ياااه أنا فى عمر حفيداتك يا سيدى.. هل هُنتُ عليك.. ألم تستمع لما قاله الله لنبينا: «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك».. لقد كنت غليظ القلب يا دكتور.. قتلنى لأنه كان يريد الزواج ورفضتُ.. لم يقتلنى لأن شعرى «مهفهف وملابسى ملزقة» كما ذكرت.. سامحك الله.. أو عاملك بنيّتك.. هو صاحب الأمر والنهى..

هل تابعت ما حدث فى الأردن.. هل أتاك حديث «إيمان إرشيد».. عمرها ٢١ سنة.. مثلى تماماً.. قتلها شاب فى الجامعة.. مثلى تماماً.. رفضت هى الحب مثلى تماماً.. ولكن هى محجبة يا دكتور.. «شعرها مش بيهفهف فوق الخدود ويطير كما ذكرت..».. محجبة وقتلها.. وأنا أيضاً يا عزيزى لو كنت محجبة كان سيقتلنى.. فالأمر لا علاقة له بالحجاب.. الأمر مرتبط بـ«الإنسانية» «و«لين القلوب».. راجع نفسك يا دكتور.. علمت بالأمس أنك تراجعت عن الاعتزال.. وستعود إلى الإعلام والتليفزيون وصفحتك.. أرجو أن تعود إلى حديث «الإنسانية واللين» كما عدت من الاعتزال.. عُد يا دكتور.. مبروك.

سيداتى.. سادتى.. أوجعنى كلام الشيخ مبروك.. أكثر من الطعنات والذبح.. ولكن بـ«رفق شديد» وطبطبة تابعت ما قاله الشيخ أحمد الطيب فى وقت سابق للجريمة ونقلتْه بعض المواقع بعدها.. شيخ الأزهر.. لمن لم يتابع.. قال: «المرأة غير المحجبة أفضل عند الله من المحجبة التى تؤذى جيرانها بلسانها».. شكراً سيدى.. لم أتسبب فى إيذاء شخص.. بل أنا التى تعرضت للإيذاء.. بل أنا التى تعرضت للقتل.. بل للذبح.. إن ربى غفور رحيم.. سيحنو علىّ.. متأكدة من كرمه وعطفه.. كنت أتابع وأزعجنى ما قاله الشيخ مبروك مجدداً فى محاولة منه لإصلاح ما أفسد حين قال: «سأعتزل السوشيال ميديا ولن أظهر فى القنوات».. سيدى لن تعتزل وستعود لأنك ضعيف وستعود.. لن تبتعد لأنك تحب الظهور وتعشق الوردة الحمراء التى تظهر بها أحياناً.. أقول لك لا تعتزل.. ولكن يا سيدى.. انتقِ كلماتك.. طهّرها.. ضعها فى الميزان.. ضعها قبل أن تجرح.. قبل أن تهدد.. قبل أن تبرر.. قبل أن تنطق.. هل يمكنك أن تزن.. أن تصبر.. أن تتمهل.. أن تطبطب على المكلومين.. إن استطعت يا سيدى أن تفعل هذا.. عُد إلى جمهورك قد يستفيد بعضهم.. ولا تكن فظاً يا دكتور.. لا تبرر لقاتل يا دكتور.. لا تهدد يا دكتور.. كن منصفاً فقط.

كلماتى إلى «قاتلى»

سيدى القاضى.. أنت «السيد» هنا فى هذه القاعة.. هل تسمح لى أن أتحرك قليلاً.. سأقف هناك.. عند قفص الاتهام.. أرجوك يا سيادة القاضى.. ضع المتهمين فى القضايا فى جانب.. وأطلب من عدالتكم أن تضع «قاتلى» هنا فى الجانب الثانى.. أريد يا سيدى أن أتحاور معه.. واسمح لى ألا أقول اسمه.. هل تسمح؟.. إذاً.. هنا نقف أمام قاضى الأرض.. وغداً سيجمعنا يا «قاتلى» لقاء آخر عند قاضى السماء.. عند رب العالمين.. وحتى يحدث ذلك، أقول لك: لماذا طاردتنى كل هذه الأيام.. لماذا حوّلتَ أيامى إلى كابوس.. لماذا لم تتراجع وتستمع إلى من نصحوك.. أين من يحكمك.. أين كبير عائلتك.. أين عقلك.. أين وأين وأين.. تتبعتنى كثيراً وطلبت منك أن تتوقف.. أخبرتك أننى لا أريد حباً ولا زواجاً.. هل تتذكر ما حدث لك عند منزلنا.. عندما وجدنى أبى الطيب أعنّفك لأنك تلاحقنى وتطاردنى.. وتدخّل هو بـ«حمية ونخوة» الغيور على ابنته وكان سيلقنك علقة ويعتدى عليك بالضرب.. لم أتحمل أن يكون العنف هو القرار.. هو الحاضر.. هو الحاكم.. قلت لأبى: «لا.. ماتضربوش.. ده زميلى فى الجامعة».. وهنا نزلت يد أبى.. وتعامل معك بـ«عطف وأبوة».. وقال لك اتفضل.. وسمح لك أن تدخل بيتنا.. وأخبرك بعد جلسة أننى لا أبحث عن زواج ولا أريد الارتباط.. يومها أخذت واجبك.. وغادرت منزلنا.. لم تسمع ما يؤذيك.. ليس لنا فى العنف ولا فى الدم.. بل نصحك أبى كأنك ابنه.. وتعاملت معك أمى هكذا.. لم نطردك.. لم نقْسُ عليك.

قاتلى.. لم تتوقف عن ملاحقتى ومطاردتى بل زادت.. وشوّهت سمعتى بالكذب.. وكتبت على السوشيال ميديا افتراءات.. لم تتراجع.. هل رضيت لى ما لا ترضاه على شقيقتك.. على أمك.. حررنا محضرين لتتوقف.. وملأ قلبك الرعب مؤقتاً حين تدخلت الشرطة.. ولكن الشرطة لن تسير خلفك أو خلفى.. لتمنعك من جريمة أو تمنع عنى «قَدَرى ونصيبى».. وعدتَ يا قاتلى إلى ما كنت عليه.. تركتُ المحلة.. وأقمت مع شقيقتى فى القاهرة بعيداً عن المكان كى لا تلاحقنى.. ورفضتُ الذهاب إلى الجامعة حتى لا تلاحقنى.. وقررتُ أن أذهب فقط للامتحانات.. ولكنك كنت متربصاً.. كنت مستعداً لجريمتك.. كنت تحمل سكيناً بدلاً من القلم.. كنت يا قاتلى من المتفوقين وأول دفعتك.. ما هذا.. لماذا حضرت معى فى نفس الحافلة التى أقلتنى من المحلة حتى المنصورة.. لماذا حاولت أن تجلس بجوارى.. وتدفع الأجرة كرهاً.. أنا لا أريد أن يجلس أحد بجوارى.. ولا أريد أحداً أن يدفع لى الأجرة.. ولا أريد الحب ولا الزواج.. أريد أن أبحث عن حياتى.. كيانى.. عن عملى.. عن مستقبل خططت له منفردة مع أبى وأمى.

تريد أن أذكر اسمك.. لا.. لن ألوّث لسانى به.. سأقول «يا قاتلى» «يا من غدر بى».. ارفع رأسك هذا.. انظر إلى عينىّ.. لا تضعها هكذا فى الأرض.. ولا تنظر بعيداً.. هل تشعر الآن برجولتك.. هل تشعر أنك بطل.. هل أنت قوى.. هل أنت على صواب.. لا.. أنت لست رجلاً.. جبانٌ من يلاحق سيدة أو فتاة.. أنت لست بطلاً.. أنت خسرت كل شىء.. وارتكبت فعلة شنعاء والله.. أنت ضعيف.. من يحمل سلاحاً ضعيف.. من يقسو على ضعيف ضعيف.. من يقتل ضعيفاً ضعيف.. من يسدد طعنات الغدر هذه ليس رجلاً.. ولا يعرف معنى النخوة.. نعم.. من يقف هكذا وسط الشارع ويعتدى ويسدد ويقتل ضعيف.. من يذبح فتاة ضعيف.. صدِّقنى.. أنت ضعيف.. بلا شخصية.. هل ما فعلته معى تحب أن يفعله أحد مع شقيقتك.. والله لا أتمناه لها.. ماذا كنت ستفعل يا قاتلى.. إذا وقف أحدهم وسدد طعنات وذبح شقيقتك فى الشارع إذا رفضت حبه.. ماذا عن تصرفك؟ هل كنت ستسمح له أن يطاردها.. أن يكتب حرفاً عنها.. يقينى لا.. أزمتك أن أبى طيب ولا تعرف أمى معنى الشر.. ولا تهوى عائلتى القوة ولا العنف.. أزمتك أنك لم تجد الكبير.. لم تجد من يردعك.. لم تجد من ينصحك.. أزمتك أنك لست رجلاً.. أنت ضعيف.. جبان.. عفواً يا سيدى القاضى.. على هذه اللغة والألفاظ.. ماذا أقول لقاتلى.. انتقيت يا سيدى كلمات يمكن أن تدوّنها فى أوراق المحكمة دون أن تلوثها.. هكذا تربيت وتعلمت..

يمكنك الآن يا سيدى القاضى أن تعيد المتهمين جميعاً إلى نفس وقفتهم.. دعهم يختلطوا.. كثير منهم أجرم.. والبعض منهم سيحصل على براءة.. وسأتحدث بعد قليل عن قاتلى.. ولن أتوجه إليه مرة ثانية بحديث فهو لا يستحق.. هل تسمح لى أن أعود إلى مكانى أمام المنصة؟.. شكراً لتفهمكم.

سيدى القاضى

سيدى النائب العام

سيداتى.. سادتى.. لا تُمدَح النيابة العامة ولا تُذَم.. ولكن دعنى أقُل للنيابة العامة شكراً.. شكراً على الرفق فى التعامل مع أبى والطبطبة عليه.. شكراً على الدموع التى سالت وأنتم تستمعون لأقواله وأقوال أمى.. شكراً على «العدالة الناجزة».. على إحالة قاتلى إلى المحاكمة بعد 48 ساعة من الجريمة وتحديد جلسة اليوم الأحد 26 يونيو 2022 لمحاكمته.. ليقف هنا فى قفص الاتهام..

اسمح لى سيدى القاضى أن أتحدث إليك مباشرة.. أتابعك والله.. وتابعت بعض الأحكام لك ومنها قضية الشاب الذى اختطف شقيقته واستأجر من يعتدى عليها من أجل ميراث.. وتابعت كلماتك وصياغتك وجملك الأدبية..

سيدى المستشار الجليل «بهاء المرى».. لن أقول لك ماذا تفعل.. ليس لى أن أقول.. كلماتك ستجلد القاتل.. أعلم.. لكن أنا هنا اليوم لا أريد دفاعاً يقول لك ما تعرضتُ له.. تابعتَ يا سيدى الفيديوهات.. هى تقول كل شىء.. تابعتَ يا سيدى التحقيقات؛ هى رسمت لك كل شىء.. هنا فى المنصورة وعند بوابة توشكى قرب الجامعة دمائى.. حاول زملائى أن يزينوا المكان ووضعوا «الورد» وكتبوا كلمات عن القَصاص..

سيدى لقد تعرضتُ للقتل مرات ومرات.. تعرضتُ للقتل حين أراد المتهم أن يفرض علىّ الحب.. تعرضتُ للقتل حين لاحقنى.. حين طاردنى.. حين شوّهنى على مواقع التواصل.. حين جلس عرفياً ولم يرتدع.. حين جلس أبى مع خاله ولم يتراجع.. حين حررنا محضرين فى المحلة ولم يتوقف.. لم يقتلنى بطعناته وذبحه.. بل قتلنى مرات.. حتى إنه فى ليلتى الأخيرة بينكم.. ذهبت لأمى وقلت لها.. الكوابيس تلاحقنى ونمت فى حضنها.. سيدى كثيرون قتلونى.. شيخ قتلنى بكلماته.. رواد مواقع التواصل الاجتماعى قتلونى بكلماتهم.. وهذا القاتل قتلنى كثيراً.. لم يكن يوم الجريمة قتلاً.. كان نهاية للقتل.. أشعر بالحيرة يا سيدى.. هل تعاقبه بالإعدام ليصعد إلى السماء ويعاقبه رب العالمين مرة ثانية بعيداً عن عقاب الأرض.. هل الإعدام عقوبة.. أراه راحةً له.. فى لحظة ستذهب روحه ويتخلص من الآلام.. ولن تلاحقه كوابيس وأحلام مفزعة.. هل السجن المؤبد وبقاؤه سنين وسنين سيكون كافياً لعقابه وعذابه.. أشعر بالحيرة.. أىٌّ من الحُكمين سيعيد إلىَّ حقى؟.. هل ستبرد نار أبى؟.. لا أظن.. هل يرتاح قلب أمى؟.. لن يحدث.. هل جفّت دمائى يا سيدى؟.. لا.. هى باقية وشاهدة.. تسألنى وتقول: «يا نيرة.. بمَ نعاقبه؟».. لن أجيب يا سيدى.. الحكم لله.. سيدى أين الحاجب.. أين هو.. عليه الآن أن يمسك بمطرقته.. عليه أن يحضر ويطرق 3 مرات.. ويقول: «بدأت الجلسة».


مواضيع متعلقة