حكم اقتناء الآثار بعد واقعتي مقهى شبرا وشقة الزمالك.. ماذا يقول القانون والدين؟

كتب: محمد يوسف

حكم اقتناء الآثار بعد واقعتي مقهى شبرا وشقة الزمالك.. ماذا يقول القانون والدين؟

حكم اقتناء الآثار بعد واقعتي مقهى شبرا وشقة الزمالك.. ماذا يقول القانون والدين؟

واقعتان تزامنتا في وقت واحد، صاحب مقهى بسيط في شبرا الخيمة يقرر تسليم وزارة الآثار والثقافة لوحة ثمينة فور معرفته بأنها لوحة أثرية، وعلى الناحية الأخيرة حكم قضائي يصدر في واقعة شقة الزمالك الشهيرة التي كانت تحتوي على مقتنيات باهظة، ليفتح ذلك الجدل مجدداً حول اقتناء الآثار والمقتنيات أو الإسراع بتسليمها، وما الموقف القانوني، وماذا يقول الشرع، وما حكمها إذا كانت داخل الملكية الخاصة للفرد.

وضرب صاحب مقهى بمنطقة شبرا الخيمة، بمحافظة القليوبية، مثالاً جديداً في الأمانة، حيث سارع بتسليم لوحة فنية أثرية مفقودة منذ ما يزيد على 20 عاماً، إلى وزيرة الثقافة، الدكتورة إيناس عبدالدايم، كانت موجودة بمخزن ملحق بالمقهى الذي يملكه، إلا أنه بعد أن اكتشف قيمتها قام بتسليمها، رافضاً العرض الذي تلقاها بقيمة 5 ملايين جنيه مقابل اللوحة من بعض أصحاب محال الأنتيكات، ورغم أن اللوحة تساوى أضعاف المبلغ، إلا أن الشاب قام بتسليمها للدولة.

واقعة صاحب المقهى واللوحة الأثرية

ولم تكن واقعة صاحب المقهى بشبرا الاولى في تسليم الاثار أو المقتنيات الثمينة للدولة، حيث سلم مزارع بالإسماعيلية في عام ٢٠٢١ لوحة اثرية ثمينة ايضا للدولة، وأقر قانون السياحة مكافأة مالية لكل من يبلغ عن اثر، لكن وفق قرار من المجلس الاعلى للاثار تكون الكافأة غير محددة بنسبة في القانون ولكن تحدد من جانب لجنة من المحلس الأعلى للاثار.

وتقرر المكافأة وفق المادة 24 من قانون حماية الآثار 117 لسنة 1983 وتعديلاته فإن الحالات التي توجب المكافأة هي العثور على أثر منقول مصادفة وإخطار أقرب سلطة إدارية والعثور على جزء أو أجزاء من أثر ثابت وإخطار أقرب سلطة إدارية

وطبقًا للمواد 24 و44 من قانون حماية الآثار، فإن المجلس الأعلى للآثار هو الجهة التي تمنح المكافأة مقابل الإبلاغ عن العثور على أثر وذلك بعد قيام اللجنة الدائمة المختصة بتحديد قيمة المكافأة المقررة حسب قيمة الاثر ومن المكن ان لا نكون هناك مكافأة اذا قدرت اللجنة ان الاثر ليس له قيمة مالية وبالتالي لا تكون المكافاة مالية.

شرعية تسليم المقتنيات للدولة

وفرضت واقعة تسليم صاحب مقهى شبرا مقارنة بين الاثار والمقتنيات بشقة الزمالك الشهيرة، والتي اطلق عليها اعلاميا «مغارة علي بابا»، وتجدد الجدل حول شرعية تسليم تلك المقتنيات للدولة بين الجانب التشريعي والحكم الشرعي، وحسم قانون الاثار تماما الأمر بتعريف الأثر وتحريم اقتنائه ووضع عقوبات رادعة لكل من يحوز اثراً، حيث لم يكن القانون يجرم حيازة الاثر او حتى التجارة فيه، الا ان التعديلات وضعت نصوص تحريم حيازة او اقتناء او الاتجار بالاثار والمعرفة في القانون بعمر محدد وهو مائة عام التطور التشريعي لها.

وقبل عام ١٩٥١ لم يكن هناك اي تشريع لحماية للآثار، ولا يوجد أي نص في أي قانون تجريم اقتناء الاثار او الإتجار فيها، ولا تجريم لحيازتها ولا امتلاكها.

وكان الإتجار بالاثار غير مجرمة، والحيازات وامتلاك الأثر مباحا ومسموحا به، وسمح قانون حماية الآثار ١٩٥ بتشجيع أكبر للاتجار في الاثار مما ساعد على التهريب، كذلك كان هناك اتفاقات على تقاسم الآثار مع البعثات الأجنبية، وتبادل الآثار المكررة مع المتاحف بل والافراد، الا انه في عام ١٩٨٣ تم عمل اول قانون لحماية الآثار وتجريم الاتجار فى الآثر وتمت تعديلات كثيرة على القانون لكن ظلت بعض مواد القانون، المتعلقة بحيازات الأثر واقتنائه غير مجرمة بوضوح، حتى تمت تعديلات تجريم اقتناء او حيازة الأثر ووضع مكافأة لمن يدل او يرشد عن اثر.

أبرز نصوص التجريم

- نصت المادة (٧) من قانون حماية الاثار: على حظر الاتجار فى الآثار، ويمنح التجار الحاليون مهلة لترتيب أوضاعهم، وتصريف الآثار الموجودة لديهم، ويعتبرون بالنسبة لما تبقى لديهم من آثار بعد هذه المدة، بحكم الحائزين، ويسرى عليهم الأحكام المتعلقة بحيازة الآثار"- ونصت مادة(٨) على انه " فيما عدا حالات التملك أو الحيازة القائمة وقت العمل بالقانون، أو التى تنشأ وفقا لأحكامه، يحظر اعتبارا من تاريخ العمل به، حيازة أى أثر وعلى التجار الحائزين للآثار، أن يخطروا الهيئة بما لديهم خلال ٦ أشهر من تاريخ العمل بالقانون، وأن يحافظوا عليها، حتى تقوم الهيئة بتسجيلها.. ويعتبر حائزا دون وجه حق، ولا يفيد من أحكام الحيازة المقررة بالقانون، من لا يخطر هيئة الآثار خلال المدة المشار إليها

الجانب الشرعي

وعلى الجانب الشرعي حرمت دار الافتاء التنقيب عن الاثار والإتجار فيها، وتنص الفتوى التي نشرتها دار الإفتاء عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي: "أنه لا يجوز المتاجرة بالآثار، وإذا وجدها الإنسان في أرضٍ يمتلكها فلا يصح أن يتصرف فيها إلَّا في حدود ما يسمح به ولي الأمر وينظِّمه القانون مما يُحَقِّق المصلحة العامة؛ لأنَّ تلك الآثار تعتبر من الأموال العامة لما لها من قيم تاريخية وحضارية تصب جميعها في مصلحة المجتمع ونمائه وتَقَدُّمه.

واكد الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى الشرعية، أن الآثار التي يعثر عليها آحاد الناس في مصر تقسم الى لأول: ما يكون مُتعلِّقًا بحضارات سابقة على الفتح الإسلامي لمصر؛ كالفراعنة والرومان والثاني: ما يكون متعلِّقًا بثقافات وطوائف غير إسلامية عاصرت عهد الفتح الإسلامي وما بعده؛ كالآثار القبطية، الثالث: ما كان من الآثار الإسلامية، موضحًا أما الأول والثاني فيطلق عليه اسم "الركاز"، وأما الثالث: فيسمى كنز

وأشار إلى أن فقهاء الحنفية ذهبوا إلى أن "الركاز" اسم يطلق على ما كان ذا قيمة مدفونًا في باطن الأرض سواء أكان بفعل المخلوق أم بفعل الخالق سبحانه وتعالى، فهو عندهم أعم من الكنز ومن المَعدِن، مضيفًا ان الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة فإن الركاز عندهم هو عبارة عن دفين الجاهلية خصوصًا على تفصيل عندهم في ذلك.

حكم الركاز في الشرع

ونبّه على أن "الركاز" و"الآثار" كلها ملك الدولة، مؤكدًا أن جميع الآثار من الناحية القانونية تعد من الأموال العامة، وعلى اصطلاح الفقهاء: تعتبر ملكًا لبيت مال المسلمين، ولولي الأمر دون غيره حق التصرف فيها بما يعود بالنفع العام على أفراد المجتمع.


مواضيع متعلقة