كنوز مصر بين الطمع والأمانة.. اختزنها صاحب «مغارة الزمالك» وسلّمها «مقاول شبرا» للدولة

كتب: سمر صالح

كنوز مصر بين الطمع والأمانة.. اختزنها صاحب «مغارة الزمالك» وسلّمها «مقاول شبرا» للدولة

كنوز مصر بين الطمع والأمانة.. اختزنها صاحب «مغارة الزمالك» وسلّمها «مقاول شبرا» للدولة

في زمان كادت أن تتوارى فيه القيم، أبى أحدهم أن يدخل جوفه مالا حراما، وإن كان في أمس الحاجة له، وأما الآخر فاختار أن يشبع شهوته لحب المال بأكثر الأشكال فجاجة، رغم عدم حاجته، اثنان من مجتمع واحد رغم اختلاف الطبقات، تناقض سلوكهما في التعامل مع آثار بلدهما، الأول دوّن اسمه في سجلات لوحة الشرف بالدولة والثاني يقف أمام العدالة منتظرا مصيره الذي اختاره لنفسه.

واقعة شقة الزمالك

واقعتان متناقضتان في سلوك التعامل مع المقتنيات الآثرية للدولة، شهدتهما الفترة الأخيرة، جسد أحداثهما رجلان من نفس المجتمع أحدهما لم يصن مقتنيات الوطن والآخر أدى الأمانة، أما الواقعة الأولى المعروفة إعلاميا بـ«شقة الزمالك» و«مغارة علي بابا»، ترجع إلى متهم وزوجته وجهت لهما تهمة الاعتياد على بيع وشراء ومبادلة القطع الأثرية، وتبيّن من التحقيقات امتلاكهما 1384 قطعة أثرية في بيتهما، تعود إلى أزمنة مختلفة من الحضارات المصرية السابقة.

وعلى خلفية التحقيق في قضية «شقة الزمالك» أصدرت النيابة العامة، بيانا بشأن هذه القضية، قائلة فيه إن: «كل المضبوطات التي وُجدت بحوزة المتهمين تخضع للحماية قانونًا وغير مسجلة لدى المجلس الأعلى للآثار، وأن المتهمين عندما وجداها لم يخطرا المجلس بها لتسجيلها خلال المدة المقررة قانونًا مع علمهما بأثريتها».

أمانة مقاول «صاحب مقهى» في شبرا

أما الواقعة الثانية، ترجع تفاصيلها إلى مقاول وصاحب مقهى شاب في منطقة شبرا الخيمة، بمحافظة القليوبية، ضرب المثل في حب الوطن والحفاظ على مقتنياته الأثرية، حيث بادر بتسليم لوحة أثرية مفقودة منذ حوالي نصف قرن إلى وزارة الثقافة، يعود تاريخها إلى عام 1964، وذلك بعد أن تبين أنها من اللوحات الفنية المفقودة، حرصاً منه على الحفاظ على تراث مصر ومقتنياتها.

الحكم في واقعة شقة الزمالك

كلاهما اختار مصيره بنفسه، شاء القدر أن يفصل بين مصيرهما يوم واحد فقط، صاحب الواقعة الأولى، ينتظر، اليوم، حكم محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في عابدين، حيث يواجه هو وزوجته تهمة الاتجار في الآثار.

أما صاحب المقهى الأمين، فتلقى الخميس الماضي، تكريما من وزيرة الثقافة، الدكتورة إيناس عبدالدايم، ووجهت له الشكر على أمانته، إلى جانب تكريمه من قبل رئيس حي غرب شبرا الخيمة، تقديرا له.

الوطنية والإخلاص لا علاقة لهما بالمستوى الثقافي

تعليقا على الواقعتين المتناقضتين، بدأ الدكتور خالد كمال جوهر، الخبير النفسي والتربوي، حديثه لـ«الوطن» بالتأكيد على أن الوطنية والإخلاص لا علاقة لهما بالمستوى الثقافي أو المستوى الاجتماعي وإنما يتعلق الأمر بمقدار الأمانة الداخلية للشخص، بحسب  تعبيره.

وفي الحديث عن الواقعتين، أشار جوهر، إلى طبيعة البيئة التي عاش بها المستشار المتهم في قضية شقة الزمالك، والتي تعتبر أن اقتناء مثل هذه الأشياء الأثرية يعد مظهرًا من مظاهر الثراء الاجتماعي إلى جانب توارثها بين الأجيال، كما تبين أن بعض تلك المقتنيات الأثرية كان متوارثا عن أجداده.

وعلى العكس فإن صاحب المقهى الذي سلم اللوحة إلى وزارة الأثار، يعي جيدا قيمتها ويعي أيضا عدم قانونية اقتناءها، ولذلك بادر بتسليمها خوفا من المساءلة القانوية وحرصا على مقدرات الدولة، «رغم إنه كان ممكن يبيعها بملايين بس إخلاصه وأمانته دفعته لتسليمها وده مرتبط بالتربية والنشأة اللي نشأ عليها الشخص»، فالأمر لا يتطلب ثقافة عالية أو مستوى تعليم عالي وإنما يتطلب شعورا بالولاء للوطن، بحسب تعبير الخبير النفسي والتربوي.


مواضيع متعلقة