عظمة الأم المصرية!

مقالى السابق فى هذا المكان أثار غضب البعض، وأنا لا أجد أى حرج فى الاعتذار لمن أغضبه استخدام لفظ «المطلقات» فى المقال، فالخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، كما أن مصر حالياً تشهد مرحلة جديدة بفتح الباب لحرية التعبير والنقد طالما كان ذلك فى مصلحة الوطن، وهذا ما سوف يتم التأكيد عليه خلال الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس السيسى.

‏رغم أننى قصدت فقط بعض السيدات اللاتى يتصدّرن المشهد الإعلامى ‏وعددهن لا يزيد على أصابع اليد الواحدة ويتحدثن عن المغالاة فى تعديلات قانون الأحوال الشخصية، ليس حباً فى المرأة ولا كراهية فى الرجل ولكن «أكل عيش» ومحاولة تصوير الأمر كأنه حرب بين الرجل والمرأة أو صفقة يسعى فيها كل طرف للحصول على أكبر قدر من المكاسب أو وضع شروط تعجيزية تجعل الشباب يعزف عن الزواج، وهذا ما حذر منه الرئيس السيسى، وبالتالى تنهار الأسرة والمجتمع.

الأم المصرية عظيمة كريمة طيبة أصيلة تتحمل الصعاب، وتفنى حياتها من أجل أولادها وأحفادها، والمثل الشعبى «أعز من الابن ابن الابن» هو مثل حقيقى ومصرى فقط، ‏كما أننى شخصياً أفتخر بأننى ابن أمى لأن والدى تُوفى وأنا طفل فلم أرَ فى حياتى سوى والدتى التى حرمت نفسها الراحة ومتاع الدنيا من أجلنا، وحينما أصيبت بالجلطة 15 عاماً ملازمة الفراش قبل وفاتها العام قبل الماضى كانت غير مدركة أى شىء فى الدنيا سوى أن تنطق اسمى فقط دون جميع أشقائى وتدعو لى.

الخلاصة أننى أعلم جيداً قيمة المرأة، ولكن ‏أخاف وأخشى على بلدى من الوصول لحالة استقطاب، وقد تلقيت اتصالات ورسائل كثيرة حول هذا الموضوع وتعقيبات على مقالى السابق معظمها من سيدات يعرفن قيمة الحياة الأسرية المستقرة، منهن مثلاً د. دينا الشربينى، أستاذ الأدب الفرنسى بآداب المنصورة ورئيس المركز الثقافى الفرنسى بالدقهلية، التى أرسلت تقول: شكراً جزيلاً لحضرتك على هذا المقال الجميل، أنا دائماً أقول «البيوت كلها كان زمانها خربت لو جداتنا وأمهاتنا وخالاتنا وعماتنا فكروا بمنطق زوجات هذا العصر»، ربنا يحفظ البيوت كلها من خراب الطلاق.

أما د. منى زوبع، رئيس هيئة الاستثمار السابق، فتقول: «الله على حضرتك.. أؤيدك فى كل سطر وكلمة وحرف.. مقال رائع وحقاً وصدقاً، سيدات مصر عظيمات.. الجدات والأمهات والعمات والخالات.. كلنا فى بيوتنا نماذج رائعة لسيدات بنين صروحاً وحافظن على بيوتهن.. وفعلاً الحل فى التربية.. ونقطة البداية هى حسن اختيار من سيقوم على تطوير قوانين الأحوال الشخصية.. وأتمنى ضم الأزهر الشريف الذى لى شخصياً معه الكثير من قصص الإنصاف والاعتدال ورد الحقوق. حفظ الله بلادنا وجنّبها شرور المرتزقة والمنتفعين والغلاة وأصحاب المصالح».

أما د. إلهام شاهين، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية ورئيس وحدة لمّ الشمل التابعة لمركز الأزهر للفتوى، فتقول: أحسنت على المقال، ونحن لدينا فى الوحدة نستهدف حماية الأسرة المصرية من خطر التفكك، وإزالة الخلافات بين المتنازعين، والحد من ظاهرة الطلاق التى باتت تهدد أمن الأسرة والمجتمع المصرى، كما تهدف إلى نشر توعية مجتمعية وأسرية صحيحة، وتأهيل المقبلين على الزواج، وتقسيم المواريث، وإنهاء النزاعات المترتبة على الاختلاف حولها، والمساهمة فى إيصال الحقوق إلى أهلها، وحماية الطفل من الأضرار البدنية والنفسية المترتبة على انفصال والديه، والحد من ظاهرة أطفال الشوارع، ونشترط فى الواعظة التى تقوم بحل المشكلات الأسرية ألا تكون مطلقة أو غير متزوجة، هذه بعض الرسائل التى وصلتنى.

أخيراً، أؤكد على ما قلته سابقاً أن هناك سيدات كثيرات محترمات مطلقات تعرّضن للظلم، وأن سبب زيادة حالات الطلاق حالياً هو التدليل الزائد لأولادنا وعدم تحملهم للمسئولية، ‏وهذا الخلل لن يصلحه قانون بل عودة دور الأسرة والتعليم والإعلام والثقافة فى التربية والتوعية، واللهم احفظ مصر.