«حاصل على ماجستير في النحل».. أغرب 5 حكايات في حياة محمود عبدالعزيز

كتب: سيد المليجي

«حاصل على ماجستير في النحل».. أغرب 5 حكايات في حياة محمود عبدالعزيز

«حاصل على ماجستير في النحل».. أغرب 5 حكايات في حياة محمود عبدالعزيز

كان محمود عبدالعزيز حالة فريدة.. في الفن والحياة، كان له عالمه الخاص، وحكايات خاصة منحته موهبة مميزة منذ سنواته الأولى، كان طفلًا بدرجة نجم، تمكّن من تقديم دور الشيطان بطريقة كوميدية في حفلات مدرسته، وكان بطلًا لمسرح جامعة الإسكندرية، لكن والده منعه من الالتحاق بمعهد التمثيل، ودرس في كلية الزراعة وحصل على «ماجيستير في النحل»، وحين تجرأ وقرر احتراف الفن.. تلقى أول صدمة فنية، فقرر الهجرة إلى أوروبا، ثم عاد مرة أخرى ليجد في انتظاره مفاجأة وضعته على أول طريق الأضواء والشهرة.

مكتب التنسيق يحسم الخلاف بين محمود عبدالعزيز ووالده

جاء محمود عبدالعزيز إلى الدنيا في 4 يونيو عام 1946، عاش سنوات الطفولة والمراهقة بين أبناء الطبقة المتوسطة في حي الورديان بالإسكندرية، وكان معروفًا خلال مراحل تعليمه ما قبل الجامعي، باعتباره «جان خفيف الظل»، وبارعًا في تقليد زملائه ومدرسيه، وهو ما جعل مدرس الموسيقى يرشحه لتجسيد شخصية الشيطان في أول عمل مسرحي يقدمه بحفلات المدرسة، وقدم الدور بشكل كوميدي يؤكّد موهبة فريدة في التمثيل.

كانت رغبات محمود عبدالعزيز تنحصر بين أن يصبح طبيبًا أو ممثلًا، لكن مجموع درجاته في الثانوية العامة لم يؤهله لتحقيق الأمنية الأولى، ومنعه والده من تحقيق الثانية، وفرض عليه مكتب التنسيق أن يدخل كلية الزراعة، وتخصص في قسم الحشرات، لكنه ظل طوال سنوات دراسته مهمومًا بالمشاركة في النشاط المسرحي، وفور تخرجه عام 1968 قرر السفر إلى القاهرة ليطرق أبواب الفن، لكن والده نصحه بقبول تعيينه معيدًا، واستكمال الدراسات العليا، ورضخ الابن لرغبة والده، وظلت علاقته بالقاهرة مجرد زيارات عابرة، يلتقي خلالها النجوم والمخرجين، بحثًا عن فرصه للتمثيل، إلى أن حصل على الماجستير في تربية النحل.

أول صدمة فنية لـ محمود عبدالعزيز

في عام 1971 قرر محمود عبدالعزيز أنَّ يبدأ رحلته لاحتراف الفن، وجاء إلى القاهرة ولم يكن يعرف فيها سوى ابن خاله المقيم في المنيل، والمخرجين سعد أردش، ونور الدمرداش اللذين تحمسا لموهبته بعدما شاهدا أعماله على مسرح الجامعة، وزميله السابق في الكلية المخرج محمد فاضل، وكان قد حصل على فرصة إخراج أول مسلسلاته التلفزيونية «القاهرة والناس»، لذا كانت أول خطواته في شوارع العاصمة مصوبة ناحية مبني ماسبيرو.

عبَر محمود عبدالعزيز بوابة التلفزيون، وكان متحمسًا للقاء زميله السابق الذي أخرج له عملين كان بطلهما على مسرح الجامعة، وظل يمني نفسه ببطولة ثالثة أمام كاميرا التلفزيون، وكان يعتقد أنَّه لن يغادر «استوديو 10» دون أن يحصل على الفرصة التي يحتاجها لإثبات موهبته، لكن جاء اللقاء على غير ما يشتهي الشاب الحالم، فقد أبلغه المخرج الشاب محمد فاضل أنَّه لن يستطيع أن يقدم له شيء، ونصحه بالتركيز في وظيفته.

ماسبيرو يعيد محمود عبدالعزيز للفن

دخل محمود عبدالعزيز مبنى التلفزيون وهو ممتلئ بالحماس والطموح، وغادره وهو يشعر بإحباط ومرارة دفعاه لتقديم طلب هجرة إلي النمسا، والغريب أن والده تقبل الفكرة، وسمح له بالسافر على مركب تحمل اسم «الجزائر»، وأقام لعدة شهور في العاصمة النمساوية فيينا، حاول خلالها العثور على أي فرصة للتمثيل، لكنه لم يتحمل الإحساس بالغربة.. والفشل، فعاد للقاهرة، وقرر أن يدافع عن حلمه.. مهما كانت الظروف.

عاد محمود عبدالعزيز إلى مبنى ماسبيرو عام 1972، وهذه المرة كان يقصد مكتب المخرج نور الدمرداش الذي قرر أن يلحقه بفريق مساعديه، وبمرور الوقت شعر المخرج الكبير أن الشاب الحالم يرغب في الوقوف أمام الكاميرا وليس خلفها، فمنحه فرصة تمثيل دور صغير في مسلسل «كلاب الحراسة»، ثم رشحه لدور أكبر في مسلسل «الدوامة» أمام محمود يس ونيللي ونادية الجندي ويوسف فخرالدين، وعرض المسلسل في شهر رمضان وحقق نجاحًا وضع الشاب الحالم على أعتاب النجومية.

أول فرصة سينمائية لـ محمود عبدالعزيز

قرر المخرج نور الدمرداش – وكان يتولى إدارة مسلسلات التلفزيون- عدم إشراك محمود عبدالعزيز في أي عمل، ونصح الشاب الحالم بطرق أبواب السينما، ودفعه للتواصل مع المنتج المعروف رمسيس نجيب، وبالفعل طرق الشاب الحالم أبواب المنتج الشهير، لكن لم تسفر محاولاته عن شيء، لكن المفارقة المدهشة أن والد محمود عبدالعزيز الذي بدأ يقتنع بموهبة نجله، كان هو صاحب المحاولة الأهم في مسيرته الفنية، فقد كان والد الممثل الشاب شقيق المخرج عاطف سالم، وطلب منه التوسط لمساعدة نجله في دخول الوسط السينمائي، وجاءت رياح نوفمبر من عام 1974 بما يشتهي الأب والابن، وقرر المخرج عاطف سالم إشراك الممثل الشاب بدور صغير في فيلم «الحفيد»، أمام نور الشريف وميرفت أمين وعبدالمنعم مدبولي وكريمة مختار، وعرض الفيلم في مارس عام 1975، وحقق نجاحًا دفع المنتج رمسيس نجيب لاستدعاء الممثل الشاب، ليوقع عقد أول بطولة سينمائية عبر فيلم «حتى آخر العمر».

أول لوحة رسمها محمود عبدالعزيز لبطل فيلم «الكيت كات»

مضت عشر سنوات على انطلاق رحلة النجومية التي خاضها محمود عبدالعزيز، وفي عام 1986 كانت المحطة الأهم في رحلة صعوده للقمة، ففي هذا العام عرض عليه المخرج داود عبد السيد سيناريو فيلم «الكيت كات»، وتحمس له النجم الصاعد، وذهب لزيارة مقر جمعية «النور والأمل»، والتقى مجموعة من نزلائها، واستمع منهم لتفاصيل حياتهم، وطرق تعاملهم مع الناس، ولم يكتف بهذا الأمر، بل لجأ إلى طبيبي العيون الشهيرين علي المفتي وعلي الحوفي، ليتعرف منهما على الأبعاد السلوكية والنفسية لفاقدي البصر، وظل يقرأ عن حالات العمى وكان عددها وفق قراءته 50 نوعًا، كما لجأ لفاقدي البصر ممن يترددون على منزل عائلته وأبرزهم «الشيخ حبشي»، كما لجأ للشيخ سيد مكاوي، لأنّه كان صديق بطل القصة الحقيقية «الشيخ محسن» وكان من حي إمبابة.

ظل محمود عبدالعزيز لعامين يبحث عن تفاصيل «الشيخ حسني»، لدرجة أنه عاد لممارسة هوايته في الرسم، ليرسم بورتريه يعبر عن الشخصية، ونجح في هذا الأمر، لكنه شعر بالإحباط لأنه لم يعثر على منتج يتحمس للعمل، فقرر التخلص من اللوحة التي رسمها للشيخ حسني، لكن زوجته أنقذت اللوحة، واحتفظ بها داخل «برواز»، لتتحول بعد ذلك لوثيقة تؤرخ لرحلة الولادة المتعثرة للفيلم رقم 26 ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

مسلسل «رأفت الهجان» يؤجل ظهور «الشيخ حسني»

تمسك محمود عبدالعزيز بحلم «الكيت كات»، وظل لعامين كاملين يتحرك بصحبة المخرج بحثًا عن وسيلة تمكنهما من تحقيق هذا الحلم، لكنه اضطر عام 1988 لتأجيل رحلة البحث عن منتج، لحين الانتهاء من تصوير مسلسل «رأفت الهجان»، ثم عاد ليواصل رحلة البحث، وتوقف مرة أخرى لتصوير الجزء الثاني من المسلسل عام 1990، وقبل أن يوقع عقد الجزء الثالث، تفاجأ بالمخرج داود عبدالسيد يخبره بأن حسين القلا متحمس لإنتاج فيلم «الكيت كات»، فقرر أن يدخل بلاتوهات السينما قبل تصوير الجزء الأخير لأشهر مسلسلات الجاسوسية وأكثرها نجاحًا.

كان المخرج داود عبدالسيد يعرف حجم التفاصيل ومراحل الإعداد التي خاضها محمود عبدالعزيز ليرسم ملامح شخصية الشيخ حسني، لكنه قرر الاستعانة بمدرب خاص يعينه على وضع اللمسات الأخيرة للشخصية، وكان هذا المدرب هو قارئ قرآن شاهده المخرج في إحدى الجنازات، وهو نفس القارئ الذي ظهر في آخر مشاهد الفيلم، وبالتحديد في جنازة «عم مجاهد»، كما استعان «عبدالعزيز» بالشيخ سيد مكاوي لنفس الغرض، وإن كان الأمر قد تطور وتمّ الاستعانة به لوضع الألحان لكلمات صلاح جاهين التي تغنى بها بطل الفيلم ضمن الأحداث.

تفاصيل أول يوم تصوير لفيلم «الكيت كات»

5 سنوات مضت على رحلة الإعداد والبحث عن منتج لفيلم «الكيت كات»، لكن هذا لم يكن كافيًا لإزالة الخوف والتوتر الذين شعر بهما محمود عبدالعزيز في أول أيامه داخل لوكيشن التصوير، وصل قبل موعده بـ3 ساعات، وكان مهمومًا بجمع تفاصيل المكان، وحساب خطواته بين أركانه، ليحتفظ بصورة بصرية تلخص علاقته بالمكان، وحين بدأ التصوير.. كان محمود عبدالعزيز يرتدي عدسات بيضاء، تمنع عينيه من الرؤية خلال التصوير، فكان بالفعل كفيفًا يتحرك أمام الكاميرا وفق إحساسه وقدرته على استدعاء التفاصيل، التي يختزنها في ذاكرته عن المكان والتفاصيل المحيطة به.


مواضيع متعلقة