ضرورة الحوار الوطنى.. الكرة فى ملعب الأحزاب

إمام أحمد

إمام أحمد

كاتب صحفي

دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إجراء حوار وطنى بين مختلف القوى الحزبية والمجتمعية والشبابية فى حفل إفطار الأسرة المصرية الأخير. دعوة الرئيس الأولى من نوعها جاءت فى توقيت مهم، تتزامن فى الخارج مع أزمات وتحولات عالمية تؤثر على الجميع، وتتزامن فى الداخل مع الإعلان عن جمهورية جديدة ترسم ملامح لمستقبل سياسى واقتصادى واجتماعى يختلف عن الماضى.

بالنظر إلى تحديات الخارج وتطلعات الداخل واستثنائية المرحلة الحالية، تكتسب دعوة الرئيس أهمية كبرى لضرورة صناعة توافق وطنى عام من خلال حوار جاد وفعّال وشامل تنعقد عليه آمال كبيرة؛ نظراً لأن الدعوة صادرة عن رأس الدولة المصرية أولاً، وتشرف على تنظيمها وإدارتها جهة علمية ومحايدة وذات وجاهة محلية ودولية هى الأكاديمية الوطنية للتدريب ثانياً.

الكرة الآن فى ملعب المشاركين فى الحوار الوطنى، خاصة الأحزاب السياسية التى يُنتظر منها تقديم تصورات وآراء وبدائل مدروسة وعلمية فى مختلف القضايا المطروحة على مائدة الحوار الوطنى، لإثراء المناقشات وطرح خطط وجيهة والمشاركة فى صناعة القرار، وعدم الاكتفاء بالشعارات العامة والأمانى والأحلام والمناشدات المنفصلة عن الواقع أو غير المدعومة بآليات حقيقية للتنفيذ.

نحتاج أن نرى فى الحوار الوطنى وجهات نظر سياسية واقتصادية محددة ومجردة وموضوعية، وليس مجرد «مكلمة» من البعض لا تُغنى ولا تسمن، أو «مزايدات» من البعض أثبتت عدم جودتها بالتجريب فى سنوات ماضية لا نريد لها أن تعود.

نحتاج أن نتعامل مع الحوار الوطنى باعتباره «فرصة حقيقية» أمام الجميع للتفاهم والتوافق وبناء جسور الثقة وتبادل وجهات النظر والخبرات بشفافية، بعيداً عن النزوع الشخصى للزعامة أو فوبيا التشكيك والتوجس الموروثة عن حقب بليدة فائتة.

نحتاج أن نسمع فى الحوار الوطنى كلاماً جاداً عن المستقبل وليس كلاماً فضفاضاً عن الماضى، ونرى تصورات جديدة تليق بجمهورية جديدة نقف على مشارفها وليست مجرد «إكليشهات وإسطمبات» سمعناها وقرأناها كثيراً.

قطعت الدولة المصرية طريقاً طويلاً وصعباً حتى تصل إلى هذه النقطة، عاشت سنوات سيولة وسنوات فوضى وسنوات إرهاب، استطاعت أن تعبر ثورتين وأن تخوض معركتين بعدهما، معركة بقاء ضد قوى الشر، ومعركة بناء ضد الوقت والفقر. الآن تقف هذه الدولة بشرف وطموح على مشارف حوار وطنى لبداية مرحلة جديدة، وقطعت على نفسها التزاماً بأن يكون الحوار جاداً وفعّالاً، فلا يجب إضاعة الفرصة.

مرة أخرى: الكرة الآن فى ملعب المشاركين بالحوار الوطنى. الآن.. أو ليس أبداً.