«الاختيار 3» كشف إرهاب الإخوان.. وغباء الداعمين
من أبرز ملامح أعضاء وقيادات جماعة الإخوان الإرهابية التى رصدتها وقت أن كان يطلق عليها «الجماعة المحظورة» هو الغباء العقلى، وكان ذلك يبدو بوضوح عند مناقشة أى منهم فى أى موضوع عام. وعلى سبيل المثال أتذكر عندما قررت هيئتهم البرلمانية فى مجلس الشعب برئاسة محمد مرسى تسليم رسالة إلى الرئيس مبارك -فى قصر عابدين- يطالبونه من خلالها بأن يفتح لهم باب الجهاد فى غزة ضد العدو الإسرائيلى، ورافقت وفدهم سيراً على الأقدام من مقر البرلمان إلى قصر عابدين، وسألتهم: ماذا تقصدون بفتح رئيس الجمهورية لباب الجهاد؟ وكانت الإجابة التى بلا معنى: إحنا طلبنا وهو يتصرف، وعلق الرئيس مبارك فى إحدى خطبه على الموضوع قائلاً: «باب جهاد إيه اللى افتحه.. روحوا وجاهدوا هو حد منعكم»!! وإذا ربطنا تلك الواقعة برسالة محمد مرسى الشهيرة لشيمون بيريز التى بدأها بعبارة «صديقى الوفى»، وما قدمته الجماعة وقت سيطرتها على الحكم فى مصر لإدارة الرئيس الأمريكى أوباما من تعهدات بضمان أمن إسرائيل، نعرف إلى أى مدى تمكّن الغباء العقلى من الجماعة، وكيف كانت تنطلق منه إلى المزايدة السياسية دون إدراك أو وعى بضرورة ربط المواقف ببعضها البعض فى سياق منطقى يقبله العقل.
حالة الغباء تلك ظهرت مؤخراً بوضوح فى هجوم الجماعة الإرهابية على مسلسل «الاختيار» فى جزئه الثالث هذا العام، خاصة مع تضمُّنه مشاهد موثقة لقادة الجماعة تكفى وحدها دليلاً دامغاً على إرهابهم، وأن فترة حكمهم كانت حبلى بأسباب سقوطهم.
انطلقت الجماعة فى هجومها على «الاختيار» هذا العام من زاوية أنه يروج لنظام الحكم بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وربما دفعهم لذلك عجزهم أو قلة حيلتهم فى الرد على ما ورد بالجزء الوثائقى بالمسلسل.
والمثير للدهشة أن عدوى الغباء انتقلت من الجماعة إلى بعض وسائل الإعلام الغربية التى نشرت وجهة النظر المتهافتة فى الهجوم على المسلسل، وفات المواقع والجرائد الأوروبية والأمريكية التى أفردت مساحات مدفوعة الثمن لهذا الغرض أن الغرب هو من ابتدع فكرة توظيف الأعمال الدرامية -خاصة الأفلام السينمائية- فى الدعاية السياسية.
السينما الأمريكية مثلاً تُعتبر جزءاً مهماً من الدعاية السياسية، وتمجد السياسة الخارجية الأمريكية فى محاربة الإرهاب، وفى هذا الإطار تحديداً نجد أن الإرهابيين غالباً ما يكونون مسلمين وأحياناً من أمريكا الجنوبية أو من الاتحاد السوفيتى السابق، ولا يمكن إغفال أن وزارة الدفاع (البنتاجون) لا تبخل فى توفير كل ما تحتاجه هوليوود فى أفلامها من حاملات طائرات وطائرات ودبابات وعربات عسكرية وجنود ومواقع القواعد العسكرية، لدعم الأهداف الاستراتيجية التى يمكن أن يكون الفيلم أداتها المناسبة غير المباشرة.
وكشف كتاب «دور السى آى إيه فى هوليوود» أن تدخل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية فى صناعة الأفلام وصل إلى ذروته خلال الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى السابق والولايات المتحدة الأمريكية، وتعاملت الوكالة مع السينما باعتبارها مجالاً حيوياً لنشاطها لتسليط الضوء على الأوضاع داخل الاتحاد السوفيتى، وتشويه تاريخه وثقافته، وحرصت هوليوود على تقديم النظام الشيوعى كأداة للقمع ومصادرة الحريات.
وبالمناسبة، الجماعة الإرهابية نفسها لجأت للدراما للترويج لأفكارها، وكوّن الإخوان فى بداية تأسيس الجماعة عدة فرق مسرحية مثلت العديد من مسرحياتها على مسرح الأوبرا ومسارح أخرى كثيرة فى القاهرة والأقاليم، وقد لا يصدق البعض أن تلك الفرق ضمت نجوماً نالوا شهرتهم لاحقاً، ومن بينهم عبدالمنعم مدبولى، وإبراهيم الشامى، وسراج منير، ومحمود المليجى، ومحمد السبع، وعبدالبديع العربى وشفيق نور الدين، وسعد أردش، والأخوين حمدى غيث وعبدالله غيث، وإبراهيم سعفان.
عموماً نجح «الاختيار 3» فى تأكيد أهمية القرار بالثورة وإسقاط حكم المرشد، كما أكد غباء الإخوان ومن يساندونهم حتى الآن.